يستعد المغرب لإرساء آلية وطنية للوقاية من التعذيب قبل نهاية السنة الحالية، وذلك بعد مصادقة المملكة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب في الفاتح من نونبر 2012، على أن تتم الأجرأة عبر اعتماد الزيارات المفاجئة والمباغتة من طرف لجان وطنية ودولية لمراكز الاحتجاز من مخافر وسجون ومستشفيات أمراض عقلية وغيرها. وقد اجتَمع عدد من الفاعلين والخبراء الدوليين المهتمين بقضايا حقوق الإنسان لمناقشة كيفية إرساء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، ومناقشة وضعها المستقبلي وتنظيمها وطريقة عملها، بالإضافة إلى تقديم أهم مقتضيات البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة وتجارب الآليات الوطنية المحدثة في بلدان أخرى. ادريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكد على ضرورة إرساء هذه الآلية قبل نهاية 2015، موضحا، في تصريح لجريدة هسبريس، أن إحدى شروط التوافق على المستوى الكوني تتمثل في فتح نقاش متعدد الأطراف لمعرفة كيفية إرساء هذه الآلية.. وأفاد اليزمي أنه لابد من الاستفادة من تجارب الدول عبر العالم.. وقال: "هناك أزيد من 50 آلية في العالم أكثر من نصفها هي تحت مسؤولية المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفي بعض الدول الأخرى توجد آليات مستقلة عن المؤسسة". ويرى اليزمي، أن الهدف الأساسي من الندوة الدولية حول "الآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، التحديات والممارسات الفضلى"، هو فتح النقاش والاستماع لتجارب أخرى، متمثلة في دول من الجنوب، حيث تحضر مالي وجزر المالديف، إضافة إلى دول الشمال كفرنسا والدانمارك وألمانيا.. إضافة إلى "الاستماع لخبراء مجلس أوروبا وكل الآليات الأممية في هذا الميدان لفتح الطريق المغربي، قريبا جدا، للدخول لكل مراكز سلب الحرية دون أي إشعار، والتي أثبتت فعاليتها القوية" وفق تعبير اليزمي. وحول أهم مقتضيات البروتوكول الاختياري اعتبر ماكروس جاليكير، رئيس قسم بمجلس أوروبا، خلال الندوة الدولية المنظمة من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بشراكة مع الجمعية الدولية لمناهضة التعذيب المعروفة ب " APT" الثلاثاء بالرباط، عدم إمكانية الوقاية من التعذيب عبر تطبيق الآلية الوطنية لوحدها دون إشراك لجميع الفاعلين والشركاء، مؤكدا على ضرورة إجراء دراسات وبحوث بناءة وتقاسم التجارب الإيجابية. مركزا على أهمية التوثيق ذو المصداقية لحالات التعذيب، وهو الإجراء الذي سيُعين على معاقبة المسؤولين وعدم تركهم بعيدا عن العقاب والمتابعة القضائية للمعذِّبين. من جهتها، أفادت أمينة بوعياش الأمينة العامة للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أن خُطوة المغرب من أجل إرساء آليات الوقاية من التعذيب، خطوة إيجابية من مناهضة التعذيب إلى الوقاية منه وعدم المس بالحياة والسلامة والكرامة الإنسانية.. وترى المتحدثة، أن الزيارات التي ستقود لجانا نحو مراكز الاحتجاز بالمغرب دون سابق إنذار أو إشعار، ستعمل على تفادي التعذيب وبعد ذلك بلورة الإجراءات القانونية والإدارية لتفادي التعذيب والتقليص منه على الأقل، داعية الحكومة المغربية واللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب وفعاليات المجتمع المدني والحقوقيين للعمل من أجل الوقاية من التعذيب.. وطرَحت بوعياش خلال ذات الندوة، تساؤلات عدة حول النموذج الأمثل والاختيار الناجع الذي سيعتمده المغرب من أجل مناهضة التعذيب داخل مراكز الاحتجاز، مع إمكانية المتابعة القضائية لممارسي التعذيب ومعاقبته. وترى باربارا بيرنار، باعتبارها مسؤولة عن العمليات بجمعية مناهضة التعذيب، أن لكل دولة كامل الحق في اختيار البروتوكول الذي يتناسق مع نسقها التاريخي والجغرافي، مشيرة إلى أن بعض الدول أنشأت لها آلية متخصصة، موضحة أن المغرب الذي لا يزال يعيش حالات تعذيب، سيتمكن حقوقيون ومهتمون مغاربة وأجانب عبر هذه الآلية إلى دخول أماكن الاحتجاز دون سابق إنذار. مبرزا أن هذه الخطوة ستتطلب بعض الوقت لتغيير العقليات عبر الحوار والتعاون مع السلطات والمعنيين. جدير بالذكر، أن المغرب بدأ عملية التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب في فاتح نونبر 2012 وأودع وثائق التصديق بتاريخ 24 نونبر 2014، لتصبح المملكة الدولة الطرف السادسة والسبعون المصادقة على البروتوكول، الذي تنص المادة 17 منه على غحداث أو تعيين الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في أجل أقصاه سنة بعد إيداع وثائق التصديق.