في الطريق انتابته التفاتة تاريخية، أن يحمل زهرة إلى زوجته التي لم تحلم بها مدة عشرين سنة من الشقاء، و هو الذي يمر على سوق الورود يوميا، و لا يستحض" الاحتفالية"، ف"مناسبة الزهرة شرط"، و كل الأيام شروط. دخل إلى البيت فرحا، يتمرن على الكلمات الشعرية، و هو الذي درس "البويطيقا الغربية" و الاتجاهات الأدبية، يتصنع هفوة إبداعية : (هي الزهرة تفتحت من أجلك، فانظري إلى نعمته تعالى، هي الحمرة أصل الحياة، و الله أنعم بالنظر كي ترى العين لون الزهرة الحمراء، من أعماق الحقول جاءت تحكي حديث الألوان و الأزهار.) و أثث احتفاليته بأحاديث "أبي الزهراء" في جمالية الحياة، و كانت " لحظة عمر" افتقدها طواعية، و انسابت التعابير من الحديث عن الزهرة إلى "زهرة العمر"، و تذكر شبابه و أيام دراسته، و كيف التقى ب" زهرته " في رحاب الجامعة، يوم وعدها أن يقدم لها تحرير " زهرة المدائن" مهرا، لكن اختلطت لديه أوراق النضال، فقدم لها شيكا بدون رصيد. لقد كانت الزهرة فرصة لجبر الضرر، لكن " النرجسية " حالت دون ذلك، و تلك " زهرة يائسة " لا تحيى و لا تذبل، لا يهمه أن تكون الزهرة حمراء أو سمراء أو بلا لون، المهم أنها زهرة ما، و ستؤدي دورا ما. و اختلطت لديه "زهرة الغسيل"، و هي المادة الزرقاء التي توضع في ماء الغسيل لتزيد اللون الأبيض إشراقا، بالزهرة البرية المختلطة المهجنة بالبنفسج، بزهرة الكبريت و الحديد، بزهرة الأندلس، و بعلم الأزهار الذي شغف به منذ الطفولة، و بماء الزهر. إن زهرة العمر في ساحة الجامعة غير الزهرة التي حملها إلى البيت، (فشتان بين الزهرة و زهرة العمر)، زهرة العمر تاريخ و الزهرة تأنيب ضمير، زهرة العمر انهمام و الزهرة هم يومي، زهرة العمر حياة و الزهرة عمر حياة، وحين تذبل الحياة لا ينفع دواء العطارين و لا الرياحين. كانت " لعبة الزهر" حاسمة للحواس، فإذا لم تملك الزهر لن تحصل على أي زهرة، و إذا كان لديك " الزهر" ستنتشي بالزهرة في كل الأحوال، المهم هناك زهرة في البيت. و ظلت الزهرة في مكانها تنتظر " قدر الذبول" أو" زهرة الأمل".