طالب الاطار والباحث التربوي بالقصر الكبير محمد الشلوشي بإلغاء تدريس قواعد النحو بالمدارس المغربية إلى حدود المستوى الخامس، باعتبارها "السبب الرئيسي في كره التلاميذ لحصص اللغة العربية أو الفرنسية، إذ تُختزل اللغة بالنسبة للطفل في مجموعة من القواعد الجافة التي لا يستوعب معناها ودلالاتها، عوض أن يعيش اللغة بوصفها أحداثا حية واكتشافات يومية لكل ما هو جميل ومثير للاهتمام". وأضاف الشلوشي في مقال خصّ به هسبريس أن تدريس القواعد الصريحة في حصص التراكيب والصرف والتحويل والإملاء والشكل في المستويات الثالث والرابع ابتدائي "يضعف قدرة المتعلمين على امتلاك ملكة اللغة من جهة، ويمتص وقتا مهما كان من الأفضل أن يستغل في تجويد القراءة وتوسيع الرصيد اللغوي للتلميذ ". "مصطلحات القواعد من مبتدأ وخبر ومفعول به ومفعول لأجله وقاعدة صياغة اسم الفاعل والمفعول والمصدر والتوابع فوق مدارك الأطفال، ويستحسن في هذه المرحلة أن يتعلم الطفل اللغة بالقياس والأذن والأمثلة، وليس بقواعد مربكة يمكن أن تمرّر للتلميذ ضمنيًا دون تصريح " يقول الشلوشي. ونادى الشلوشي بتركيز التعلمات خلال الابتدائي على "التحكم في مهارات القراءة بمختلف مراحلها من إتقان مخارج الاصوات والقراءة السليمة الى فهم المقروء وإعادة صياغته مع الرفع من ورشات الأنشطة المندمجة داخل الفصل من أنشطة شفهية ومسرح وأناشيد، وتوسيع فعاليات التربية الفنية والجمالية والتشكيلية بما يُحبّب المدرسة للطفل". أما في المستوى الخامس والسادس ف"يجب تيسير تدريس التراكيب الى الحدود الدنيا من خلال تحليل الجمل الى عناصر واضحة مع الاكثار من الامثلة والقياس عليها لتنمية ذخيرة التلميذ اللغوية لتصبح القاعدة التركيبية في النهاية تحصيل حاصل، مع الاستغناء عن الإعراب تماما و بعض التفرعات المعقدة لبعض الابواب". وفيما يتعلّق بالمستوى الإعدادي: "يجب إعطاء الأولوية لدرس الصرف والتحويل في المنهاج الدراسي على اعتبار أن اللغة العربية اشتقاقية بطبعها،وذلك من خلال تدريب المتعلمين على انجاز جداول كاملة لتصريف أفعال وعدم التركيز على القاعدة الصرفية، بل بالتمرن العملي عليها فقط " أما بالنسبة لحصص الاملاء وخصوصا ما تعلق منها بالهمزة ومواضعها، فقد أشار الأستاذ ذاته أن إرغام المتعلم على استخراج القاعدة الإملائية وحفظها تعسف واضح عليه في هذه السن المبكرة ، مضيفا أن الأولى "تدريس الاملاء بواسطة أمثلة فقط مختارة بعناية يتدرب التلميذ على كتابتها واستبطانها كما هو معمول به في حفظ تصريف بعض الافعال الشاذة للماضي في اللغة الانجليزية"، مذكرا "بأنك الآن تكتب الهمزة صحيحة في موضعها دون أن تتعب ذهنك بتذكر القاعدة الاملائية وتطبيقها". ولأن أطفال العالم يتكلمون معلوماتيًا هذه الأيام، فقد اقترح الباحث التربوي "مسايرة أسلوبهم في الحياة من خلال استغلال وسائط الاتصال من هواتف ذكية ولوحات الكترونية لتدريبهم على تسجيل قراءتهم والإنصات اليها، وتعويدهم على كتابة عبارات وجمل في مجموعات الفيسبوك والتويتر حول موضوع معين يختاره المعلم لتحقيق متعة قراءة تغريداتهم والتعليق عليها ومناقشتها، عوض الشكل الممل الحالي الذي تقدم به حصص الانشاء". ولكي تنجح هذه الوصفة فالحاجة ماسة إلى: "توجيهات دقيقة للأساتذة باستبعاد استعمال الدارجة في الفصول الدراسية وغمر التلميذ كليا في أجواء اللغة النقية منذ دخوله الحجرة الدراسية حتى خروجه، كي تتدرب أذنه على الجرس اللغوي السليم واستدعاء مخزونه منها للتعبير عن كل فكرة يود المشاركة بها". وشدد الشلوشي في ختام مقالته على ضرورة التدقيق أثناء إعداد المناهج الجديدة في اختيار نصوص قرائية حقيقية مفعمة بالحياة والجمال ولغتها السهلة مما يُنشر ويُتداول لكتابها المعاصرين، وليست لمحترفي التأليف المدرسي ممن يكتبون تحت الطلب، على أن تتجاوز النصوص القصصية والممسرحة ثلثي التغطية. "يجب إعطاء الأسبقية لإنتاجات الكتاب والقصاصين المغاربة دون إهمال الابداع النسوي المغربي لخلق ذاكرة ثقافية وطنية غنية، والعمل على استبعاد النصوص التاريخانية المغرقة في المثالية الاخلاقية أو الغزارة اللغوية المصطنعة أو التي تجعل من الراشد مالك الحقيقة الوحيد"، يبرز الشلوشي.