بسَطَ المندوب الوزاري لحقوق الإنسان، المحجوب الهيبة، عددا من التحدّيات التي تتهدّد التراكمات المًحقّقة في مجال حقوق الإنسان على المستوى العالمي، وصدّرها ب"الانطواءات الهُوياتية" المُتنامية وسَطَ المجتمعات. وقالَ الهيبة، في مؤتمر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، إنّ "الانطواءات الهوياتية" تظلّ أبرزَ تحدٍّ وأكبرَ تهديد لتراكمات حقوق الإنسان، مضيفا أنّ حماية الهوية وصوْنها أمْر مطلوب، "لكن هناك انطواءات مرضيّة تشكّل تحدّيا كبيرا فيما يتعلّق بترسيخ المرجعيّة الكونيّة لحقوق الإنسان ". التحدّي الثاني الذي يَرى الهيبة أنّه يواجهُ تطوّرَ منظومة حقوق الإنسان، يتعلق بالعولمة "في جوانبها المنحرفة"، فيما يتعلّق بتفعيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشيرا إلى أنّ المرجعية الدولية لحقوق الإنسان أصبحت مرجعية لا محيد عنها للجميع، شعوبا وأمما ودولا، ومختلف الفاعلين سواء في الحقل الحقوقي أو السياسي أو الاقتصادي والاجتماعي. وفي غمْرة التطوّر التكنولوجي الهائل الذي يشهده العالم، خاصّة على مستوى وسائل الاتصال الحديثة، قال الهيبة إنّ هذه الوسائل التي يُعتبر دوْرها أساسيّا، تشكّل تحدّيا كبيرا في وجْه ترسيخ حقوق الإنسان في إطار مرجعيتها الكونيّة، وتسائل كلّ الفاعلين العاملين في هذا المجال، من مُنطلق أنّها تشكّل فناةً لنشْر ثقافة مناهضة لثقافة حقوق الإنسان. وأوضح أنّ وسائل الاتصال الحديثة تساهم في إشاعة ثقافة حقوق الإنسان وقيَم الديمقراطية، وفاعلا في التربية على حقوق الإنسان والتنشئة السياسية، "لكن ينبغي الانتباه إلى أنّ هذه الوسائل تعمل أيضا في إشاعة ثقافة الحقْد والتمييز وفي إشاعة الإرهاب، الذي يعتبر العدوّ الأول لحقوق الإنسان، وهذا هو الخطر"، يقول المندوب الوزاري لحقوق الإنسان. علاقة بذلك، قال الهيبة إنّ التحدّي الرابع الذي يتهدّدُ ترسيخ المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، يتعلّق باحترام الأديان، مشيرا إلى أنّه وعلى الرغم من وجود قرارات مهمّة لمجلس حقوق الإنسان، "إلّا أنّ التحدّي الكبير الذي يواجهنا اليوم هو التفسيرات المنحرفة للأديان، والتي أدّت في بعض الأحيان إلى ظهور إشكالات جديدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان". واعتبر المندوب الوزاري لحقوق الإنسان أنّ ثمّة وثيقتان ينبغي الاستئناس بهما لتجاوز الوضع الراهن، من أجل إشاعة ثقافة التسامح، وهما وثيقتا الرباط التي صدرتْ سنة 2012، ونصّت على منع التحريض على الكراهية القومية والدينية والعرقية، وضمان حرية التعبير، وهي الوثيقة التي تمّ اعتمادها من طرف المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان. الوثيقة الثانية، التي قال الهيبة إنّه ينبغي الاستئناس بها تتعلق بمعاهدة السلام (le traité pour la tolérance)، معتبرا أنّ الوثيقتين معا، أساسيتان بالنسبة لإشاعة ثقافة التسامح، في سياق استعمال التكنولوجيا بشكل "منحرف" أحيانا، والتعرّض للحياة الشخصية للناس، وفي سياق الانطوائيات الهوياتية وما يرافقها من نشر ثقافة التمييز والكراهية.