المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تخلد يوبيلها الفضي لقاء حقوقي بامتياز ذلك الذي احتضنته المكتبة الوطنية للمملكة، مساء أول أمس الاثنين بالرباط، امتزج فيه التذكير بمسار المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كهيئة حقوقية بلغت هذه السنة الخامسة والعشرين من عمرها، والاحتفاء بقامات حقوقية كبيرة بصمت لحظات التأسيس وسيرورة النضال من أجل فعل حقوقي خالص ومستقل يتجاوز الانتماءات أيا كان شكلها سياسية، حزبية أو إيديولوجية، يروم أساسا بناء دولة الحق والقانون العادل ،ومغرب الديمقراطية والحداثة. تلك كانت العناوين الكبرى للاحتفاء الذي أحيته المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تخليدا ليوبيلها الفضي، والذي استحضرت فيه تكريما أسماء رؤساءها السابقين ويتعلق الأمر بكل من ذ،عمر عزيمان، وعبد العزيز بناني وذ خالد الناصري ، والفقيد عبد الله الولادي وعلي أمليل وآمنة بوعياش ، بل واستحضرت أسماء قامات ساهمت في انبثاق الفكرة وخروجها إلى الوجود ولو بعد مسار عسير الانطلاق إذ منع لثلاث مرات متتالية من طرف السلطات العمومية حيث كان الفعل الحقوقي آنذاك يرهب ويخيف، وهي قامات تتألف من جامعيين وكتاب وفنانين وباحثين، من مثل المحجوب الهيبة المندوب الوزاري لحقوق الإنسان ونزهة الصقلي ، وأخرى خطفت يد المنون بعضا منهم كادريس بنزكري الذي قاد إلى بر الأمان هيئة الإنصاف والمصالحة كإحدى التجارب الرائدة في العالم ، وآسية الوديع، ومحمد القاسمي وعبد الرحمان القادري أستاذ القانون الدستوري، وزهور العلوي.. وأكد محمد النشناش رئيس المنظمة في كلمة له بالمناسبة، على الدور المحوري الذي لعبته المنظمة التي تأسست بتاريخ 10 دجنبر سنة عام 1988 ،في ظل سياقات مهمة ومفصلية وذلك بعد صدور ثلاث قرارات بالمنع من جانب السلطات العمومية،وذلك كهيئة تسعى إلى المساهمة في بناء دولة الحق والقانون وتعمل بشكل حثيث من أجل المشروع الديمقراطي الحداثي، معتمدة كمرجعية لها مبادىء ومواثيق الشرعية الدولية والإعلانات والاتفاقات ذات الصلة. وأضاف محمد النشناش خلال هذا اللقاء الذي تخلله عزف قطع موسيقية، أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بذلك، عملت منذ تأسيسها، على تقديم نموذج جديد في مجال العمل الحقوقي يتميز بتخليص قضية حقوق الإنسان من توظيفاتها السياسوية الضيقة وفتحها على آفاق أرحب كقضية حضارية وأخلاقية تعني الجميع، حيث ساهمت النخبة التي اضطلعت بالتأسيس في جعل المنظمة إضافة نوعية في حلقة النضال الحقوقي سواء من حيث المرجعية أو تصور المقاربة ووسائل العمل. أما خالد الناصري الرئيس السابق للمنظمة، والذي حظي بتكريم مميز، حيث تسلم ذرع التكريم عرفانا بعطاء حقوقي متميز، فقد استعرض لحظات التأسيس العصيبة والتي شهدت فصولها قاعة علال الفاسي بأكدال بتاريخ 10 دجنبر تزامنا مع الذكرى الأربعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، على الإيمان القوي الذي كان يتملك تلك النخبة المؤسسة في المساهمة في كتابة ورسم صفحة جديدة من تاريخ مغرب اليوم الذي نعيشه اليوم بصعابه وبما له وما عليه،والذي كانت له القدرة على تدبير صفحات صعبة جدا ،والذي ساهمت فيه المنظمة بفضل الآلاف من مناضليها الذين آثروا خدمة هدف أساسي يتمثل في بناء مغرب جديد مغرب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وأبرز خالد الناصري أن القيمة المضافة للمنظمة تكمن في كون نواتها الأولى استطاعت أن تجعل الجميع يقتنع بأنه شتان بين العمل الحقوقي والعمل السياسي الصرف بغض النظر عن الاحترام الواجب للنضال السياسي الديمقراطي الهادف ، حيث أن قيمة المنظمة تتمثل في أنها شكلت مدرسة ومرجعا جديدا تم الاهتداء. ومن جهتها كشفت نزهة الصقلي، أحد العضوات المؤسسات للمنظمة خلال هذا اللقاء، الذي كانت خلاله كمن يتقاسم لحظات ومرجعيات مقاربة التأسيس مع الحضور ،(كشفت) عن استفادة شبكة برلمانيات وبرلمانيون ضد عقوبة الإعدام من المسار والمقاربة التي اعتمدتها المنظمة ممثلة في النزوع نحو تجاوز الانتماءات الإيديولوجية والسياسية، حيث أن الشبكة تضم حاليا مختلف التوجهات والأطياف السياسية وتبتعد بشكل كبير عن الحسابات السياسة الضيقة ، حيث تضم أغلبية ومعارضة باستثناء مكون سياسي واحد، هذا مع نهج الحوار سبيلا للإقناع بدل التصادم. هذا ولم يفت المندوب الوزاري لحقوق الإنسان المحجوب الهيبة العضو المؤسس للمنظمة،أن يساهم على طريقته في هذا الاحتفاء بمسار هيئة حقوقية بصمت تاريخ المغرب بنضالات أعضائها وعضواتها وتفانيهم في إرساء مسار ينتصر لحقوق الإنسان في معناها الكوني، (لم يفته أن يقدم عرضا استعرض فيه راهن حقوق الإنسان بالمغرب والتحديات التي لازالت ترافق درب هذا المجال ، وهي تحديات لخصها في ثمانية عناصر أساسية تتمثل في العولمة، وتنامي الإرهاب والتطرف وتحدي تنامي الانطواءات الهوياتية وتزايد العنصرية، وتحدي الهجرة، فضلا عن تحدي التكنولوجيات الحديثة وإدارة أو تدبير مجال حقوق الإنسان.