حاول المشاركون في ندوة وزراء التجارة والبرلمانيين الأفارقة حول النجاحات والتحديات المستقبلية للمنظمة العالمية للتجارة، التي تختتم فعاليتها اليوم الخميس بمدينة مراكش، وضع إطار يتمكنون من ورائه التوفيق بين تحرير تجارة المنتجات الزراعية والمحافظة على نظام دعم هذه المنتجات مخافة أن يساهم في تكريس منافسة غير متوازنة لصالح الدول المتقدمة. ويرى أنيست جورج دولوغيل، الرئيس السابق لبنك دول افريقيا الوسطى، أن الضرورة تقتضي العمل على إدماج الدول الافريقية الأقل تقدما في السلاسل الاقتصادية التي تساهم في توليد قيمة مضافة وتؤمن نقل الخبرة إلى هذه الدول. ويؤكد ذات المسؤول أن القارة الافريقية تتوفر على مجموعة من المؤهلات والكثير من الثروات التي تجعلها قادرة على لعب دور حيوي داخل النسيج الاقتصادي العالمي. وتشير المعطيات المتوفرة، التي عرضها المشاركون في هذا الملتقى الإقليمي، الذي عرف مشاركة روبيرتو أزيفيدو رئيس المنظمة العالمية للتجارة، إلى أن هناك مجموعة من القطاعات الاقتصادية التي تجعل من افريقيا على الرفع من مستوى دورها الذي تلعبه حاليا في الاقتصاد العالمي. ووفق تصريحات المسؤولين، فإن الفلاحة والتنمية القروية تشكلان دعامات أساسية للاقتصاديات الإفريقية، حيث انها تلعب دورا رئيسيا في تحقيق الأهداف الأساسية للتنمية والمتمثلة في رفع وتقليص معدل الفقر. ويراهن الأفارقة على دعم البنى التحتية الخاصة بالسدود من أجل رفع مستوى أداء الأراضي الفلاحية في وسط افريقيا وشرقها، وقالت ياسين فال الممثلة الدائمة للبنك الافريقي بالمغرب، في معرض تدخلها حول موضوع أي مساهمة للمنظمة العالمية للتجارة في ضمان نمو افريقيا والرفع من مستوى التشغيل، إن افريقيا ستدخل مرحلة جديدة بتشييدها لواحد من أكبر السدود في القارة الافريقية. كما أفاد المتحدثون الأفارقة، أن الفلاحة تمثل بشكل عام ما بين 30 في المئة و60 في المئة من الناتج الداخلي الخام لثلثي البلدان الأقل نماء من ضمنها افريقيا، 10 في المئة منها في الدول الصاعدة. ولم يخف المشاركون الأفارقة في هذا الملتقى مخاوفهم من أن المساعدات الممنوحة للمزارعين في الدول المتقدمة، قد تساهم في تدمير إنتاج الدول النامية وكذا النظام الزراعي العالمي برمته، مبررين مخاوفهم بكون هذه المساعدات تشجع الإفراط في الإنتاج بكل تبعاته الوخيمة على الأسعار العالمية للمنتجات الأساسية التي تتكون منها أساسا صادرات العديد من الدول النامية. وبالرغم من اقتناعهم بضرورة العمل على التوصل إلى إقامة توازن عبر إنشاء نوع من التنظيم في المبادلات الزراعية الدولية وبالحد من نهج سياسات زراعية التي تتسبب في بروز اختلالات في التجارة العالمية، إلا أنهم أقروا في المقابل بصعوبة بلوغ مثل هذا التوازن على ضوء تقييم تنفيذ الاتفاق حول الزراعة ومتطلبات التطور المفروضة من طرف اجتماع الدوحة. وأشاروا إلى أن التوازن يتطلب البحث عن الطريقة المثلى لتفادي تفكيك الأنظمة المنتجة للدول النامية أمام إمكانية كبيرة لاستيراد المنتجات الزراعية بأسعار مدعمة بشكل كبير، والوسائل التي يمكن تفعيلها لتحسين ولوج الدول النامية إلى السوق العالمية للمنتجات الزراعية، والعمل على ضمان الأمن الغذائي لسكان الدول النامية التي تعتمد في تغذيتها بشكل كبير على المنتجات الزراعية الأساسية، والتي يقول الجميع إن افريقيا ستلعب دورا رائدا في المجال، إلى درجة ان الجميع يراهن عليها لتصبح السلة الاستراتيجية الغذائية للعالم.