استعرض أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية بجامعة العين بأبو ظبي، وجامعة فاس، الدكتور سعيد الصديقي، من خلال ورقة بحثية نشرها مركز الجزيرة للدراسات، مواقف الدول المغاربية من "عاصفة الحزم" التي يشنُّها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية بمشاركة دول عربية وإسلامية ضد جماعة الحوثيين باليمن. وأفاد الصديقي أن مواقف الدول المغاربية الثلاثة، المغرب والجزائروتونس، من عاصفة الحزم، تجسد بوضوح طبيعة ومستوى علاقتها بدول الخليج"، موضحا أن "المغرب الذي يرتبط بعلاقات متقدمة وإستراتيجية مع أغلب دول الخليج أعلن دعمه ومشاركته في عاصفة الحزم منذ البداية". وتابع بأن تونس اختارت موقفًا توفيقيًّا بين دبلوماسيتها التقليدية من جهة، وتشكيلة حكومتها متنوعة الأطياف من جهة أخرى، أما الجزائر فعبرت عن موقف يعكس مستوى علاقتها بدول الخليج، ويتوافق مع عقيدتها العسكرية التقليدية، وينسجم مع سياستها الخارجية تجاه بعض الدول المعارضة لعاصفة الحزم، خاصة إيران وروسيا". وضمن البحث ذاته، أفرد الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، حيزا هاما لمآلات مشاركة المغرب في "عاصفة الحزم" في مستقبل الأيام المقبلة، مبرزا أن المشاركة المغربية إذا تحولت العمليات العسكرية إلى حرب برية ستكون رمزية، وستركز أكثر على الجوانب اللوجستية. ويشرح "نظرًا لقوة مؤسسات المجتمع المدني في المغرب التي رغم أنها تتفهم حتى الآن دواعي عاصفة الحزم، والمشاركة المغربية فيها، ولم تعبِّر بعدُ عن معارضة منظمة من خلال مسيرات شعبية؛ فإنّ إطالة أمد هذه العمليات وسقوط عدد كبير من المدنيين أو سقوط جنود مغاربة في هذه المعركة، سيُحرج صانع القرار العسكري بالمغرب". أما فيما يتعلق بالتداعيات السياسية لهذه العمليات العسكرية على العلاقات المغاربية البينيّة، يضيف الصديقي، فإن المشاركة المغربية في "عاصفة الحزم" ستعمق أكثر الخلاف السياسي المستعصي بين المغرب والجزائر، وستعزِّز تنافسهما على النفوذ، لاسيما إذا حاز المغرب من مشاركته في هذه العمليات العسكرية منافع سياسية واقتصادية مهمة. واسترسل الباحث بأن ما يرجّح هذا التوقع أن تنسيق السياسات الخارجية للدول المغاربية، واتخاذ مواقف موحّدة لاسيما فيما يتصل بالقضايا الجهوية لا يزال أمرًا مستبعدًا؛ بسبب استمرار قضية الصحراء بدون حل، والتي تسمِّم العلاقات بين الدولتين المغاربيتين الرئيسيتين. وتطرق الصديقي إلى العلاقات المغاربية- الخليجية، حيث توقع أن لا يحدث فيها تغير مهم بعد عاصفة الحزم، وسيستمر المغرب الشريك المغاربي الرئيسي لدول مجلس التعاون الخليجي، وستتعزز العلاقات الإستراتيجية بين الطرفين، وستتحسن نسبيًّا علاقات دول الخليج مع كل من تونس وموريتانيا نظير موقفيهما المؤيِّد لعاصفة الحزم، بينما قد تتأثر العلاقات الجزائرية الخليجية". وعرج البحث ذاته إلى تفسير الموقف المغربي الداعم لعاصفة الحزم، من خلال العديد من الدوافع الرئيسة، منها "سعي المغرب لتنويع شركائه، وتعزيز حضوره الإقليمي في كلٍّ من إفريقيا جنوب الصحراء والعالم العربي، حيث يبدو أن المغرب يعمل بشكل حثيث لتجاوز دبلوماسية المقعد الشاغر". ومن الدوافع الأخرى، يردف الصديقي، المرونة في اتخاذ القرار العسكري بالمغرب، مبينا أن الشأن العسكري في المغرب لا يزال مجالًا محفوظًا للملك، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، مما يجعل عملية اتخاذ القرار العسكري تتسم بالمرونة، خاصة أن المجلس الأعلى للأمن لم يصدر بعدُ القانون المنظم له والمحدد لاختصاصاته." وزاد بأنه "رغم أن الدستور المغربي في الفصل 99 جعل قرار إشهار الحرب من اختصاص المجلس الوزاري بعد إحاطة البرلمان من لدن الملك، فإنّ تعريف الحرب وتمييزها عن العمليات العسكرية المختلفة، يجعل الملك طليق اليد فيما يتعلق بالعمليات العسكرية التي لا تندرج ضمن المفهوم التقليدي للحرب".