في وقت متزامن لفتت التحركات الأخيرة التي بصم عليها كل من الغريمين السياسيين، عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال "المعارض"، انتباه عدد من المراقبين، بخصوص زيارة بنكيران لمصر وشباط لتركيا. شباط التقى بصفته الحزبية، قبل أيام قليلة، في بالعاصمة أنقرة بقياديين من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، منهم نائب رئيس الوزراء، نومان كورتولموس، ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية المغربية التركية، إلهان إيرليكايا، حيث بحثوا سبل تعزيز العلاقات بين الحزبين. وكمن يريد إبراز أن العلاقات المغربية التركية لا ترتهن بحزب العدالة والتنمية المغربي وحده، الذي يقوده بنكيران، حرص شباط على اقتحام هذا المربع، وصرح بأن "الاستقلال والعدالة والتنمية التركي يتشابهان من حيث البرامج والأهداف"، خاصة المرجعية الإسلامية وحب الوطن" وفق تعبيره. وقارن شباط بين حزبي "المصباح" في كل من المغرب وتركيا، فبالنسبة له "المصباح" الأول معطل وغارق في المشاكل، وينهج سياسة الزيادة في الضرائب والأسعار والتخفيض من مناصب الشغل، فيما "المصباح" التركي يعمل بنشاط، وبنى جسرا من الثقة بين الدولة والشعب". وبعده بيومين، ظهر رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، وهو يجالس الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي كان إلى يوم قريب "انقلابيا" لدى قياديي وأنصار حزب العدالة والتنمية، ووصف لقاءهما يوم الأحد، على هامش مؤتمر القمة العربية، بأنه كان "وديا ومثمرا". وأبدى الكثيرون "عجبهم" من هذه السياسة المغربية التي تسير بعدة أوجه، فشباط يعتبر أن حزبه يتماهى مع حزب أردوغان في المرجعية الإسلامية والأهداف التنموية، مستكثرا ذلك على حزب العدالة والتنمية المغربي، فيما ذهب بنيكران إلى قصر السيسي لتحيته والإشادة بحكمته. الباحث في العلوم السياسية، الدكتور عبد الرحيم العلام، قال إن بنكيران صرح بأن الملك واجه ضغوطا كبيرة تهدف إلى إنهاء تجربة حكومته، الأمر الذي دفع بعض المحللين إلى التكهن بأن مصدر الضغوطات قادمة من الإمارات الخليجية، ما يعني أن حكومة بنكيران غير مرغوبة من بعض الدول، لكن الملك حاول مقاومة هذه الضغط. وتابع العلام بأن هذه المحاولة هدفت إلى إقناع أصحاب الضغوطات بأن إخوان بنكيران يختلفون عن إخوان مرسي، بدليل حضور بنكيران الحفل الذي أقامته السفارة الإماراتية في الرباط، ثم لقاؤه بالسيسي"، مبرزا أن "هذا هو المقابل الذي يؤديه بنكيران للملك الذي واجه ضغوطات كادت تنهي حكومة بنكيران. "الشيطان مر من هنا" وأكد المحلل ذاته، في تصريحات لهسبريس، أن رئيس الحكومة لم يكن في وُسعه رفض حضور مؤتمر "القمة العربية"، لأن ذلك واجب سياسي تقتضيه مصلحة الدولة العليا، لكنه كان بإمكانه أن لا يجالس الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي يعتبره انقلابيا". ويشرح: "حضور قمة الجامعة العربية لا يُوجب فتح "نقاشات ودية مع الرئيس المصري، ولم يكن يستدعي لقاءه بالسيسي أصلا، وإذا التقاه كان بإمكانه ألا يُظهر له أي نوع من التودد، وهذا أمر جار به العمل في مناسبات دولية، عندما يحضر زعماء وقادة إلى قمم داخل دول يعتبرونها أعداء لها. واستدل المتحدث بما جرى عندما شارك "تشي غيفارا" في إحدى دورات الأممالمتحدة التي تنعقد في الولاياتالمتحدةالأمريكية، الخصم اللدود لكوبا، حيث قال الراحل "تشافيز" بأن "الشيطان مر من هنا"، في إشارة إلى جورج بوش الذي سبقه في إلقاء خطاب من نفس المنبر. واعتبر العلام بأن "بنكيران لم يميز بين المشاركة في قمة عربية تقام على أرض مصرية، وبين زيارة دولة، فالذهاب إلى مصر للمشاركة في مناسبة دولية، لا يعني أن تتحول إلى زيارة رسمية، سيما أن ذلك يشكل حرجا كبيرا لبنكيران وتياره السياسي، وهو الحرج الذي كان يمكن تفاديه لو توفر قسط من الشجاعة والنباهة لدى رئيس الحكومة". أما بشأن زيارة شباط إلى تركيا، يضيف العلام، فهي تدخل في إطار توجيه رسائل إلى الداخل وإلى الخارج"، مردفا أنه بالنسبة للداخل يريد شباط أن يقول بأن العلاقات التركية المغربية ليست رهينة بوجود حزب المصباح المغربي في الحكومة، وأن حب بعض أطياف الشعب المغربي لتركيا لا يمكن أن يؤول ريعه فقط لإخوان بنكيران، وبخصوص الخارج يروج لنفسه كرجل دولة يمكن التعويل عليه في ربط علاقات ودية مع المغرب.