لم يكن اللِّقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العربية المصرية عبد الفتاح السيسي ورئيس الحكومة المغربية ليَمر بسلام، بسبب مواقِف الحزب الإسلامي الذي يقود التجربة الحكومية الرافضة والمنددة لما تعتبره " انقلابا عسكريا" على السلطة " الشرعية" متمثلة في الرئيس المنتخب محمد مرسي. اللقاء الأول من نَوعِه بين بنكيران والسيسي، أمس الأحد، في إطار القمة العربية ال 26 في منتجع شرم الشيخ، خلَّف ردود أفعال متباينة وجدلا قويا بين سياسيين وصحافيين وحقوقيين مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي. من جهته، كتب الناشط الحقوقي مصطفى الكمري على صفحته، "بنكيران لم يكتف بالمشاركة في مؤتمر القمة العربي، بل حظِيَ باستقبال خاص من طرف "زعيم الانقلاب العسكري" عبد الفتاح السيسي، ووضع يده التي رفع بها ذات يوم شعار رابعة في يده، وشكره وأثنى عليه ورحَّبَ به في المغرب، وبارك خطواته "الانقلابية" من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي ومواجهة أية أفكار مغلوطة يحاول البعض الترويج لها باِسم الدين". وأثارت " ابتسامة رئيس الحكومة" عضو المكتب السياسي للإتحاد الاشتراكي حنان رحاب، متسائلة " واش فْهَم الفرق بين رئيس الحكومة ورئيس الحزب"، فيما رأى الشيخ حماد القباج أن " انبساط بن كيران وكلامه، هو أشبه ما يكون بما سنَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم في التعامل المباشر مع أمثال ذلك الظالم، يقصد السيسي، موضحا أن انبِساط بنكيران اتقاء لشر من أمامه" وفق تعبيره. من جهة أخرى، ذهب العديد من الناشطين إلى الدَّود عن لقاء رئيس الحكومة المغربي، ليعلق رئيس تحرير جريدة " التجديد"، حسن بويخف بالقول " إن هذه الواقعة تعطي فرصة فهم طبيعة السياسة، وقد كان هذا متوقعا من مَنظور سياسي يتعلق بمفهوم الدولة"، متابعا " يُتوقع أيضا أن يزور السيسي المغرب ويُستقبل من طرف رئيس الحكومة كما يُستقبل أي رئيس دولة بروتوكوليا". واعتبر الناشط محمد بامو، أن "بنكيران مثَّل الدولة المغربية في اجتماع لمنظمة إقليمية المغربُ عضو فيها واحتضنته مصر، بنكيران هنا لا يمثل حزب العدالة والتنمية هو يمثل خليطا من المغاربة والمسؤولية كبيرة"، مستطردا "هذه هي السياسية، كلنا نعلم موقف العدالة والتنمية؛ هل تتوقعون أن يكون بنكيران مساندا للانقلاب ؟!!". تعليقا على الموضوع، دعى الدكتور محمد العمراني بوخبزة، المغاربة إلى عدم إيلاء اللقاء أكثر مما يستحق، أهمها أن بنكيران كان في الجمهورية العربية ممثلا للدولة المغربية وليس ممثلا لحزب سياسي له موقف مما وقع في مصر من أحداث سياسية. وأوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد الملك السعدي بطنجة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، ضرورة التفريق بين صفة عبد الإله بنكيران كزعيم حزب له مواقف معينة، وبين مسؤولياته باعتباره رئيس حكومة يمثل دولة، مشيرا إلى أن مقتضيات عديدة تنظم وظائف رئيس الحكومة واختصاصته. ولفت الأستاذ الجامعي، إلى كون التوجهات المرتبطة بالسياسات الخارجية تبقى من اختصاصات رئيس الدولة، الملك محمد السادس، ومن المجالات المحفوظة له، على أن رئيس الحكومة مطالب بالتفاعل إيجابيا مع رئيس الدولة في هذا الجانب. وأفاد المتحدث لهسبريس، أن العلاقات المغربية المصرية عرفَت تحولات بعد حالة التَّشنج والتوتر التي مرت منها، والتي تم تجاوزها وطي ملفها حيث عادت العلاقات إلى مجراها العادي، "ليس هناك كما يلزم رئيس الحكومة للتعبير عما يعاكس رأي الدولة المغربية" يقول بوخبزة. مضيفا أن بنكيران غير مطالب بأن يكون له موقف إيجابي من تلك الدولة ونظامها رجوعا للقاء المنعقد في إطار قمة عربية تولت مصر مسؤولية استضافتها على أراضيها.