قال رئيس الحكومة السيد عبد الإله بن كيران على ميد راديو (الفيديو على الرابط أسفله) أنه من الممكن مد كل مواطن بقنينة غاز مجانا كل شهر. هذا الإجراء سيمكن ميزانية المغاربة من اقتصاد %60 من الدعم المخصص حاليا للغاز. هذه المساعدة المباشرة يعترضها عائق تقني صرف، لأن الحكومة لا تتوفر حاليا على آلية لإيصال هذا الدعم إلى جميع المواطنين. يعتمد المغرب عادة على الإدارة للوصول إلى المواطنين. ولنا أن نتخيل حجم التلاعبات التي يمكن أن تقوم بها هذه الأخيرة في حال صرف الدعم المباشر للمواطنين. فسوء السمعة التي تلتصق بهذه المؤسسة تجعل حتى الرجل الثاني في المملكة ينعتها بالفساد ويعترف باستعصائها على الإصلاح. فالحل الأسلم هو أن يصرف الدعم دون وسطاء بشر، حتى تتم العملية على أكبر قدر من الشفافية والفعالية. فلذلك يتم التفكير حاليا في إيصال الدعم بواسطة فاتورة الكهرباء. والفكرة في حد ذاتها جيدة إذا كان كل مواطن مربوط بشبكة الكهرباء، وكل مواطن له اشتراك خاص به. استعجبت صراحة في عدم التفكير في الهاتف المحمول. فتكنولوجيا الأداء بواسطة الهاتف وربطه بمحفظة نقود رقمية متوفرة منذ بضع سنوات ومجرّبة في دول عديدة، خاصة النامية منها، مثل دول إفريقيا جنوب الصحراء وبالخصوص كينيا. في المغرب تتوفر نسبة كبيرة جدا من المواطنين على هاتف محمول. حتى أن عدد الاشتراكات في شركات الاتصالات أكثر من عدد السكان: 47 مليون شريحة مفعلة ومشغلة في بلد تعداد سكانه يقل عن 34 مليون نسمة دون أن ننسى عدد الأطفال في 34 مليون مغربي. وفي حال عدم توفر مواطن على هاتف يحتوي على خاصية الأداء فيمكن للدولة أن تقدمه بثمن رمزي في إطار مشروع رفع الدعم عن الغاز. سألني قيادي بارز في حزب العدالة والتنمية كيف يمكن للمرأة في البادية أن تسحب رصيد محفظتها الالكترونية لكي تشتري احتياجاتها الضرورية. السؤال وجيه ولكن الجواب مُيسر. فمن الممكن تجهيز محلات البقالة في البادية ب terminal مربوط بشبكة الهاتف المحمول يتقبل الأداء بواسطة الهاتف. ثم يُحول المبلغ مباشرة إلى الحساب البنكي أو البريدي لمول الحانوت. فهذا الأخير يذهب طبعا للمدينة بشكل دوري للتزود بالبضائع ويمكنه أن يسحب هناك من حسابه في البنك. لتلخيص الفكرة يمكن للدولة أن تضع آلية دعم معممة على جميع المواطنين وذلك بربط بطاقتهم الوطنية بحساب بنكي أو محفظة إلكترونية على الهاتف المحمول. هذه المحفظة يمكن صرف رصيدها في البنك أو البريد أو الأداء بواسطتها مباشرة عند التجار. بهذا سنتمكن في ظرف وجيز من اقتصاد 10 مليار درهم سنويا مما يعادل عشرة مستشفيات جامعية في السنة أو خط قطار فائق السرعة في سنتين. أضف إلى هذا أن جميع المواطنين سيكونون مسرورين لأن قنينة غازهم ستصبح بالمجان بدل 40 درهم!