بوغت المغاربة غداة الإعلان ، عنْ مشاركة المملكة في عمليَّة "عاصفة الحزم" العسكريَّة ضدَّ الحُوثيِّين في اليمن، وسطَ تضاربٍ في تقدير بواعثها، بين الحرص على أمن الحلفاء الاستراتيجيِّين في منطقة الخليج العربِي، والمساهمَة إلى جانب دول سنيَّة في "تقليم الأظافر الإيرانيَّة"، كما وصفتْ ذلكَ صحيفة "الغارديَان" البريطانيَّة". الخبيرُ في الشؤُون الأمنيَّة والاستراتيجيَّة، عبد الرَّحِيم المنار اسليمي، يجردُ خمسَة أسباب يراها ثاويَة وراء اتخاذ المغرب قرار المشاركَة في العمليَّة العسكريَّة، الراميَة إلى كبح تقدم قوات الحوثِي في اليمن، بعد تحالف الجماعة المدعُومة إيرانيًّا، مع الرئيس المخلُوع، علِي عبد الله صالح. مكانة الخليج في سياسة المغرب الخارجية السبب الأول، وفق الأكاديمي المغربي تشكيلُ حماية أمن الخليج أحدَ توابث السياسة الخارجية للمغرب، قائلًا إنَّ العودة الى تاريخ العلاقات المغربية الخليجية يظهر كون أمن الخليج جزء من الأمن القومي المغربي، على أنَّ ذاك التقارب ازداد أكثر في السنوات الأخيرة نتيجة دعامتين أساسيتين. أولى الدعامتين، يورد الباحث، المستوى الكبير الذي وصلته العلاقات الثناىية المغربية -الاماراتية والعلاقات المغربية- السعودية، وثانيهما مقاربة دول مجلس التعاون الخليجي التي ترى المغرب والأردن جزء من التنظيم الإقليمي يحظى بامتياز من طرف دوله. التهديد الشيعي الزاحف إلى كل الدول السنية أما السبب الثاني فهو أن المغرب يدافع عن الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية، فيما تتحرك جماعة الحوثي وهي حركة إرهابية شيعية عنْ أهداف عقائدية وطائفية خطيرة تهدد السعودية وكل الدول السنية في منطقة الخليج، يستطردُ المتحدث "الحوثيون هم حركة شيعية اثنى عشرية تدين بالولاء لإيران وتنفذ المشروع الإيراني في اليمن وتسعى الى التمدد نحو جنوب المملكة العربية السعودية. ويرى الباحث أنَّ الحوثيين يوهمون المجتمع الدولي بكونهم حركة سياسية، في حين أن الواقع غير ذلك، إذْ يحملون مشروعا شبيها بما قامت به المليشيات الشيعية العراقية من تطهير عرقي وحرب إبادة في المناطق السنية بدعم من حكومة نوري المالكي السابقة. مقتضيات الشرعية الدولية ثالثُ الأسباب، يشرحُ اسليمي، هو أن المغرب يشارك في العملية العسكرية دفاعا عن الشرعية الدولية، فالرئيس هادي وجه نداء استغاثة لإنقاذ اليمنيين من خطر حرب عرقية ضد اليمنيين تقودها الحركة الحوثية التي أسقطت الرىيس والحكومة وبدأت تحكم اليمنيين بطريقة المليشيات والعصابات، وكان من الضروري أن يستجيب المغرب لهذا النداء لسببين رئيسيين. الاستجابة المغربية تأتِي، كما يقول المتحدث، بالنظر إلى ارتباط المغرب باتفاقيات عسكرية مع الإمارات العربية المتحدة والسعودية، تتضمن بنودَ الدفاع المشترك ورد المخاطر المُحتملة، فضلا عن انقلاب الحوثيين على مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي في اليمن وهو ماسيشكل تهديدا للامن والسلم الدوليين، حسب قرارت مجلس الامن، يستدعي معه الأمر أن يساند المغرب دول مجلس التعاون الخليجي لرد التهديد. الاتفاقيات العسكرية الموقعة مع الإمارات ويعزُو اسليمي السبب الرابع إلى كون أمن دولة الإمارات العربية المتحدة جزء من الأمن القومي المغربي. حيث تشارك المملكة إلى جانب الإمارات تنفيذا للاتفاقيات العسكرية والأمنية التي أبرمت خلال السنوات الماضية. إضافة إلى المشاركة فالمغرب في محاربة ارهاب داعش في العراق وسوريا ومحاربة الارهاب الشيعي الحوثي في اليمن. "الإمارات العربية المتحدة تضع الحركة الحوثية على راس الحركات الإرهابية المهددة للامن القومي الى جانب داعش والقاعدة وتنظيمات اخرى كبوكو حرام وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"، يردف الباحث. وفي تقدير اسليمي، تحظى العملية العسكرية بدعم دولي من طرف القوى الدولية الكبرى منها الولاياتالمتحدةالامريكية والقوى الإقليمية كتركيا، إضافة الى تأييد منظمة الاممالمتحدة. وقُوف الجزائر مع الاٍرهاب والشيعة ضد الدول السنية على صعيد آخر، يرى اسليمي أنه بقدر ما أظهر المغرب مرونة كبيرة في سياسته الخارجية في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين ورد المخاطر والتعاون الدولي في التحالفات الدولية مقابل ذلك، أظهرت الجزائر سلوكا شادا برفضها التعاون ورفض جميع مبادرات رد الأمن والسلم الدوليين ومحاربة الاٍرهاب، حيث رضت رفضت التدخل الدولي من مالي وليبيا واليمن وسعت إلى عرقلة الجهود العربية داخل جامعة الدول العربية في حل كل التوترات. ويضيف الباحث أنَّ الجزائر دولة فاشلة في سياستها الخارجية التي ظلت رهينة سنوات الستينيات، كما أن سياسة بومدين ووزير خارجيته وقتذٍ عبد العزيز بوتفليقة لا تزالُ المحدد لمقاربة العالم والجوار. "وهذا خطا كبير يقود الى سوء تقدير أمني جزائري لكل مناطق التوتر، ويزداد موقف الشك الدولي في دولة الجزائر بخصوص موقفها من قضايا الارهاب. ويستدلُ الباحث على المعطى بدعم الجزائر للميليشيات الإرهابية في كل مناطق التوتر، قائلا إن الدولة التي أبرمت 200 اتفاقية مع 200 شخصية ليبية يعني شيئا واحد، هو أن الجزائر داعمة للمليشيات المسلحة الإرهابية، على اعتبار أنه لا توجدُ دولة عاقلة في العالم توقع اتفاقيات مع أشخاص إلا اذا كانت تسعى الى أخذ تعهدات من جماعات مسلحة بالاستمرار في الفوضى. ويزداد الموقف غموضا مع موقف الجزائر الرافض والمعارض للعملية العسكرية الجارية ضد الحوثيين، يشرح اسليمي، وهو ما يمكن تفسيره بدعم الجزائر للميليشيات الإرهابية الشيعية وخوفها من ضغط شيعي داخلي، لكونها تحتضن ما يزيد عن أزيد من مليونين من الشيعة الجزائريين فيما تشير بعض الإحصائيات إلى أن سفارة العراقوإيران في الجزائر عملت على تشييع 500 ألف شخص جزائري في سنة 2014 وحدها. تبعًا لذلك، فإنَّ الجزائر اليوم باتت في يد جماعات عقائدية ودينية مختلفة تؤثر في سياستها الخارجية، ومن المتوقع أن تخرج الجماعات صراعاتها الى الواجهة وقد بدأ مؤشر هذا الصراع يخرج من خلال مايجري في غرداية كمثال لما هو قادم، يقول اسليمي. موقف متشيعي الخط الرسالي المغربي مقلق ويرصدُ الباحث لدى انطلاق العملية العسكرية ضد الحوثيين في اليمن مؤشرًا مقلقا في المغرب، ممثلا وهو موقف ما يسمى بمجموعة الخط الرسالي الشيعية، التي أبدت تضامنا مع الحوثيين الذي يعني ولاء للشيعة ولمرجعية المرشد في ايران. والخطورة هو أنَّ أول امتحان للخط الرسالي أظهر فيه ولاء مطلقا لإيران وليس للدولة الموجود فوقها، يجزمُ المتحدث، "وهذه هي خطورة المتشيعين التي يجب الانتباه اليها، فمشروع إيران الثورة الخمينية مختلف عن ايران الدولة، وكل المتشيعين يرتبطون ارتباطا أعمى بايران الشيعية الخمينية ويتجاوزون الولاء لدولهم ".