في مسلسلة التصعيد الذي تعيش على إيقاعه اليمن ويشد أنظار العالم، كرس الموقف الصادر عن اجتماع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي، حالة العزلة الدبلوماسية على الانقلابيين الحوثيين في اليمن، الذين انقلبوا على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي والبرلمان، وهي شرعية مستمدة من المبادرة الخليجية ومن مخرجات الحوار الوطني. وتزامن الموقف الخليجي مع توسع قائمة الدول التي أعلنت إغلاق سفاراتها في صنعاء احتجاجا على سياسة فرض الأمر الواقع للميليشيا الشيعية المسنودة من إيران. من جهتهم أعلن الحوثيون أنهم لن يركعوا أمام أي ضغط، في إشارة للقرار الوشيك لمجلس الأمن بشأن اليمن، وهو صعد من وتيرة الاحتجاجات التي تشهدها عدة مدن يمنية، والتي سقط خلالها أول أمس أزيد من 26 قتيلا في محافظة البيضاءجنوب البلاد، خلال مواجهات مسلحة بين ميلشيات الحوثيين الشيعة وقبائل سنية. وصوّت مجلس الأمن الدولي، أمس الأحد، على مشروع قرار يطالب جماعة الحوثي باتخاذ إجراءات منها الانسحاب من المدن، يأتي ذلك وسط دعوة وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي لإصدار قرار تحت الفصل السابع، في حين رفض الحوثيون "أي تهديد" قبل التصويت على مشروع القرار. وتطالب مسودة المشروع الحوثيين بسحب قواتهم من المؤسسات الحكومية، وتطبيع الوضع الأمني بالعاصمة صنعاء والمحافظات، والإفراج عن الأشخاص المحتجزين والموضوعين قيد الإقامة الجبرية. ويستنكر الإجراءات التي اتخذتها جماعة الحوثي وحلّت بموجبها البرلمان وسيطرت على مؤسسات الدولة، ويدعو إلى الالتزام بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية واتفاق السلم والشراكة. وعقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي مساء السبت اجتماعا استثنائيا في قاعدة الرياض الجوية، ناقشوا خلاله "مستجدات الأوضاع في اليمن" بعد الانقلاب الحوثي، مجددين رفضهم لما أعلنه الحوثيون من إجراءات لفرض سيطرتهم على اليمن. ودعوا في ختام جلستهم الأممالمتحدة إلى وضع اليمن تحت الفصل السابع، ما يسمح باستخدام القوة لإعادة الأوضاع إلى نصابها ما قبل الانقلاب. ويرى مراقبون أن دول الخليج وفي مقدمتها السعودية، لن تترك اليمن لقمة سائغة أمام إيران والحوثيين، مما يؤشر على الإجراءات التي لوح الوزراء الخليجيون باتخاذها لحماية المصالح الخليجية في اليمن، مجددين تشديدهم على ضرورة حماية ما يصفونه برموز الشرعية في اليمن وعلى رأسها الرئيس عبد ربه منصور هادي. وكانت دول الخليج أصدرت منذ أسبوع بيانا وصفت فيه الإعلان الدستوري الحوثي ب"الانقلاب على الشرعية"، ولوّحت باتخاذ الإجراءات الضرورية لحماية مصالحها، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته لإدانة الانقلاب الحوثي. وأنهى مجلس الأمن الدولي جلسته الخاصة باليمن دون التوصل إلى اتفاق، بعد رفض روسيا إصدار بيان يحمّل الحوثيين مسؤولية الأحداث. وسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء بقوة السلاح، وحاصروا مقرّي الرئاسة والحكومة دون أن يقيموا وزنا لمواقف المحيط الإقليمي. وبدأت الدائرة تضيق على الحوثيين، فقد أعلنت الإمارات وأسبانيا وتركيا أمس تعليق أنشطة سفاراتها في صنعاء. ويأتي ذلك غداة إعلان وزارة الخارجية السعودية الجمعة أن المملكة علقت أعمال سفارتها في اليمن وأجلت دبلوماسييها من صنعاء بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في العاصمة. وبالتوازي مع الإجراء الدبلوماسي، أوضح مستثمرون أن هناك انسحابا تدريجيا للاستثمارات السعودية من السوق اليمنية، لافتين إلى أن تردي الطلب وضعف القوة الشرائية لليمنيين وتنامي أعمال التخريب، دفعت بالمستثمرين السعوديين إلى المغادرة.