عبر الكاتب والشاعر المغربي الطاهر بن جلون، الفائز بالجائزة الدولية للشعر "أركانة" 2010، التي تسلمها أمس الاثنين بالرباط، عن اعتزازه بفوزه بجائزة بمثل هذه الأهمية في بلده الأصلي المغرب. وقال أحد أهم الأدباء الفرنكفونيين وعضو أكاديمية غونكور بفرنسا "لأول مرة أتسلم جائزة بمثل هذه الأهمية ببلدي، وأنا جد معتز بهذا التتويج الذي يمنح لشعراء اعترافا لهم بعقود من العمل". واعتبر الطاهر بن جلون، الذي اعتاد بصفته عضوا في لجنة تحكيم جائزة غونكور على تقييم المتنافسين على هذه الجائزة الأدبية الرفيعة بفرنسا، التي سبق له أن حصل عليها سنة 1987 عن روايته "الليلة المقدسة"، أن منح جائزة وتسلمها يكتسيان نفس المتعة، وقال، في هذا الصدد، "إن تسلم جائزة أو منحها يثير دائما شعورا بالسعادة، غير أنني هذه المرة سعيد فعلا بهذا التتويج بالمغرب". وقررت لجة تحكيم الجائزة الدولية "أركانة"، التي يترأسها الشاعر محمد السرغيني، منح هذه الجائزة المهمة للطاهر بن جلون اعترافا ب`"موهبته في الكتابة الشعرية ولدفاعه عن القضايا الحرية والكرامة والتسامح بين الحضارات". الشعر حاضر في كل كتاباتي وأكد الطاهر بن جلون أن الشعر موجود في مجموع أعماله و"حاضر في كل ما أكتبه، بدأت بكتابة الشعر، لا أدري ما الذي وجهني نحو هذا التعبير الأدبي، لأن القراء هم من يقررون إذا ما كنت شاعرا أم لا، بعد ذلك، وبما أنه كانت لدي العديد من القصص، اتجهت نحو الراوية، ولكن حتى في هذه الروايات كان الشعر حاضرا وكان يعبر عن الانفعالات والعواطف". ويرفض الكاتب أن يوصف ب`"الشاعر الملتزم" إذ يفضل بدلا عن ذلك صفة "المواطن الملتزم"، معتبرا أن "الالتزام يرتبط بالمواطن، وأنا لست كاتبا ملتزما، ولكني ملتزم كمواطن وكإنسان معني بكل ما يحدث في العالم من ظلم ومآسي وآلام". وأشاد الطاهر بن جلون بالشاعر الفلسطيني الكبير الراحل محمود درويش الذي سبق له أن فاز بجائزة "أركانة" وبالتزامه بالقضية الفلسطينية، وقال "كان درويش فلسطينيا ويتحدث عن فلسطين، غير أن التزامه كان أولا التزام رجل مجروح لفقدان واغتصاب بلده". وبالإضافة إلى الشاعر محمود درويش، تم منح جائزة أركانة العالمية في السابق للشاعر العراقي سعدي يوسف والصيني بي داو والمغربي محمد السرغيني. وتم تسليم جائزة أركانة العالمية التي يمنحها بيت الشعر ومؤسسة صندوق الإيداع والتدبير، بدعم من وزارة الثقافة والمسرح الوطني محمد الخامس، للطاهر بن جلون أمس الاثنين بمسرح محمد الخامس بالرباط في حفل كبير أحيته مجموعة ناس الغيوان. أعمال الطاهر بن جلون بلغات عدة يحق للطاهر بن جلون أن يزهو بنفسه اليوم باعتباره أكثر الكتاب الفرنكفونيين ترجمة في العالم، إذ ترجمت له روايتي "طفل الرمال" (1985) و"الليلة المقدسة" إلى 43 لغة. ويمكن قراءة عمله، المسكون بمتاهات شتى، كبحث مساري رحب. ذلك أنه يلامس جماهير كونية : "إنها إشراقة لابد من سبر أغوارها في صيغة رومانسية موروثة من الأدب العربي الكلاسيكي، بيد أن عمقها يبدو في غاية من الفرادة". تسافر القصة بسحرها وكمائنها على الطريقة الشرقية بالقارئ نحو أقطار لا يستشعر فيها البتة بأي مخاطر. طفولة مضطربة، وحماقة وحكمة ورغبة وقسوة وسوء فهم الرجل والمرأة تفضي كلها إلى موضوع واحد هو عنف الحياة. درس الطاهر بن جلون، المزداد بفاس سنة 1944، في بداية مساره الفلسفة في ثانوية بتطوان، حيث بدأ بنشر قصائد شعرية. وكانت له مساهمات في مجلة "سوفل" مع عبد اللطيف اللعبي ومحمد خير الدين (1968-1970). وفي سنة 1973، أصبح متعاونا لدى اليومية الفرنسية "لوموند"، كما نشر روايته الأولى (حرودة). وقد خولت له أطروحته في علم النفس (1975) الاشتغال على السكان المهاجرين، إذ أنجز العديد من الأبحاث التي ميزت مساره الأدبي، منها على الخصوص "أقصى درجات العزلة" ورواية-شعر "السجن الانفرادي". وشكل بحثه عن الذات والهوية والجذور مصدر إلهام في تأليف العديد من الروايات من قبيل "صلاة الغائب" (1981)، و"طفل الرمال" (1985 )، و"يوم صمت في طنجة" (1990)، و"ليلة الخطأ" (1997). كما نشرت له دار غاليمار بباريس عدة أعمال منها "الرحيل"، و"خطاب الجمل" (شعر)، و"عن أمي"، و"البلاد". كما أصدرت مؤخرا "جونيه، الكذاب الرفيع" و"بكيت، وجونيه، شاي في طنجة " (مسرحية). وقد تم إصدار هذين الكتابين بمناسبة الذكرى المائوية لميلاد الكاتب الفرنسي جان جونيه الذي جايله الطاهر بن جلون وكان شديد التعلق بالمغرب.