طلعت علينا حكومتنا الموقرة يوم الثلاثاء 23 نونبر 2010 على شاشة المدح والغزل في الحوار الرتيب لصاحبه مولاي مصطفى العلوي المنتهية ولايته مبدع الملحمة الخالدة ( .. ملايين المواطنين يا مولاي تصطف على جنبات الطرقات وأعناقهم مشرئبة لموكبكم الشرف للتملي بطلعتكم البهية .. ) - وقد احمرت وجنتاها وكادت الدموع أن تنزلق من عينيها - من خلال السيد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسمها الأستاذ خالد الناصري – الذي بدا لنا وقد تمكنت نار الغيرة الوطنية من دواخله – وهو يتوسل للأسبان ( أحزابا وإعلاما وجمعويين ) بمرارة شديدة – كما هي عادة حكوماتنا – بأن يخففوا من ضغطهم عليها ويمنحوها فرصة للاتقاط أنفاسها . ولقد ذكرني هذا الموقف الضعيف والسخيف المهين لتاريخ الوطن ولكرامة المواطنين بموقف الأستاذ محمد بن عيسى وزير خارجيتنا السابق في تصريحه الشهير حول ما دار ( من خلال الهاتف ) بينه وبين وزيرة خارجية أثنار زعيم الحزب الشعبي العنصري والحكومة الأسبانية السابقة فيما عرف وقتها بأزمة "جزيرة ليلى" أوائل هذا القرن . وفي اليوم الموالي أطلت علينا الحكومة على نفس الشاشة من خلال وجوه وزرائها ومتحزبيها ونقابييها ونخبها وعشيرتها تبكي بكاء المنافق الفاشل بدموع التماسيح تستغيث بالشعب "الغير النافع" الذي لم يسبق لها ولسابقاتها أن استشرته أو أخذت برأيه لا في هذا الملف ولا فيما هو أعظم أو أدنا منه وتدعوه لمؤازرتها بوقفته في وجه الحملة الصليبية المحبوكة والمدفوعة والممولة بمكر وحقد وأموال المنافقين العرب إثر الصفعة القوية والمفاجئة التي وجهتها لها الشعوب الأوربية من خلال برلمانييها في استراسبورغ الفرنسية ، لتسقط بذلك توسلات وزير الاتصال ومن سبقه في أرشيفنا المذل . من بين ما أثار غليان الدم في عروقي وفي خلايا دماغي – وأكيد هو ما حصل لكل المغاربة "الغير النافعين" – ما جاء في تصريح السيد الوزير الأول حينما قال بدم بارد معلقا على الموضوع بما مضمونه : .. تحالف اليمينيون الأوربيون فيما بينهم ضد مصالح المغرب .. ، ثم التصريحات المرتبة والموضبة المملة والمثيرة للاشمئزاز ل "زعماء" الأحزاب والنقابيين الفاشلين والمقاولين والجمعويين الانتهازيين .. وهنا أود أن أسأل السيد الوزير الأول المحترم عن الموقع الحقيقي لحزبه ووجهه ولونه ودوره ، وعما حققه في ملف الوحدة الترابية الوطنية ؟؟ - أليس حزبكم يمينيا .. فماذا حقق على صعيد هذا الملف .. ولماذا لم تكن له علاقات متينة وقديمة واضحة مع نظرائه الأوربيين والعالميين إن على المستوى العضوي أو على المستوى المؤسساتي أو حتى على المستوى الشخصي ليخدم من خلالها مصالح الوطن كما فعل ويفعل أعداؤنا .. ؟ - أليست كل أحزابنا - ولله الحمد - سريعة التغيير لمواقعها بين اليمين والوسط واليسار ولها القدرة الخارقة على تبديل جلودها عندما يطلب منها ذلك كحينما يطلب منها التصفيق أو البكاء .. ؟؟ - فما الذي أنجزه قادة أحزابنا ونقاباتنا وجمعياتنا ومقاولاتنا وحتى مثقفينا ( يمينيين ووسطيين ويساريين وإسلاميين ) في كل ما له صلة بالملف الترابي ليس فقط حاليا وفي هذه الأزمة بل منذ بدايته بعد حدث المسيرة الخضراء وربما قبلها ؟ - وماذا أنجز مولاي مصطفى العلوي فيما يخص الوحدة الترابية للمملكة بفنه البديع في مواجهة الإعلاميين الأعداء الذين ضاقت بهم صدورنا غير مدح النخب والوجهاء؟؟ وماذا حقق إعلامنا الرتيب بنفاقه في تحرير واسترجاع مواطنينا من سيطرة المنابر الإعلامية الأجنبية وردع وفضح كيد الكائدين غير انشغاله ببرامج المبايعة والتضليل وإشغال الشعب " الغير النافع " بالمسلسلات المقززة والمباريات الكروية المذلة على شاشاته العتيقة .. واستفزازنا بالجرائم والأجساد العارية على صفحات الجرائد الرصيفية ؟؟ - لماذا لا تغوص إذاعاتنا وقنواتنا التلفزية " الوطنية " في الحياة الخاصة والعامة للمجتمع وتبحث في هموم ومآسي ومعانات المواطنين – وهم أصحاب هذه المؤسسات الحقيقيين – وتكشف كل الممارسات الشاذة لكل الفاسدين من السلطويين والإداريين والسياسيين والاقتصاديين .. ؟؟ - هل سبق لمولاي مصطفى أو لغيره من زملائه أن توجه لتجمعات المواطنين المهمشين في القرى النائية أو في مطارح المدن للإطلاع على جراحهم وإبرازها وكشف زيف المنجزات التي ينعمون بخيراتها حتى لا يتوسلوا للجزيرة ولا لغيرها لفضح مآسيهم ومنحهم فرصة الفضفضة ؟؟ - إلى متى سيبقى مسئولونا و"إعلامهم" يزرعون ويحرثون الوهم والكذب والنفاق وكل الأمراض النفسية والعضوية في المجتمع الركيزة الأولى والأساسية للوطن ؟؟ إذا ما استثنينا فترة قيادة عبد الرحمان اليوسفي ( يظهر أن هو الآخر تناسى هموم وطنه هذه الأيام ليتماشى مع المثل الشعبي المغربي "لما احتجتك يا وجهي غاب زينك" ) للحكومة الذي قام بعمل جبار فيما له علاقة بالوحدة الترابية الوطنية على المستوى الدولي لما استطاع أن يفكك بعضا من المخطط التآمري على المغرب حينما أعاد ربط الجسور بين المغرب والعديد من الدول - التي كانت حليفا تقليديا لأعداء وحدتنا - في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وحتى في أوربا الشرقية التي غيرت مواقفها السلبية من وحدتنا الترابية ومع الأسف لم نحافظ على جل هذه العلاقات بمواصلة نفس السياسة ، باستثناء هذه الفترة القصيرة لم نلمس أي إنجاز في الملف لأي سياسي ولأي نقابي ولأي فريق برلماني ولأي مفكر ولأي إعلامي ولأي تائب عائد ولأي برجوازي على امتداد عمر هذا الملف رغم محاولة البعض منهم إيهامنا بإنجازات خيالية وإلا كيف يفسرون لنا هزائمنا المتوالية في صراعنا مع الأعداء على وجودنا التي يطلعنا عليها الإعلام الصديق قبل الإعلام العدو رغم التعتيم الحكومي عليها . تصوروا معي لو أرغمنا على الانسحاب من الصحراء ماذا سيحل بنا .. ؟ ستكون الكارثة بمعناها الشمولي لا محالة .. خسائر لا حدود لها وبالجملة : جغرافية وبشرية واقتصادية واجتماعية وسياسية وأهمها النفسية والتاريخية ، فكيف ستواجه الحكومة بمكوناتها وحلفائها ومشجعيها وقتها الواقع المفترض؟؟ هل بالصمت والتعتيم ، أم بالتضليل وتزوير الحقائق ، أم بالتنصل من مسؤولياتها ، أم بالبكاء والنواح ووضع الكف على الخد في انتظار استكمال الأعداء لمخططهم الجهنمي بإخراج دويلة أو دويلات أخرى إلى الوجود المغاربي والعربي والإسلامي على أنقاض مملكتنا الشريفة التاريخية .. أم ستطلب من الشعب الرحيل عن جغرافيته ، أم سيفر كل رموزها إلى عواصم الأعداء الصليبيين ليتعايشوا بذلهم وبين ركام ثرواتهم المهربة مع المطيحين بأبراجهم ويتركوا الشعب "الغير النافع" ليلقى مصيره المحتوم؟ منذ بداية الصيف الماضي وإسبانيا ( بكل أطيافها ) وشقيقتها الجزائر بحكامها وبتآمر مع باقي الصليبيين وبعض العرب المنافقين والصمت المريب للبعض الآخر تحشوان جسم ابنيهما الغير الشرعي ( البوليساريو ) بكل كبائر مخططهما لإحداث فتنة شاملة وربما إشعال حرب بلون أزرق تأتي على اليابس والأخضر ليس فقط في الصحراء بل في كل جغرافية المملكة ، وشراء كل أدوات الدعم له بأي ثمن .. بينما ظل السلطويون (من الوزير الأول إلى مقدم الحي ) والبرلمانيون والحزبيون والنقابيون المغاربة ملتصقون بأرائكهم لا هم لهم غير التصارع فيما بينهم على المناصب الحكومية والحزبية والنقابية وعلى الصفقات الاقتصادية ، والوقوف في طوابير مخجلة على أبواب الحكم بكل وجوهه لأنه يعني في بلدنا الغنى الفاحش وتوزيع المناصب بين النخب وبين الأهل والمقربين وليس خدمة للوطن .. وأهملوا عن قصد – كما هي عادتهم – الشعب ووحدة ترابه ، بل تناسوا كل المغرب بما حمل من ملفات ثقيلة ومشاكل وهموم .. فبماذا ستفيدنا إدانات الوزير الأول وكل المقربين من حكومته والمنتخبين للبرلمان الأوربي وتصريحات "السياسيين والاقتصاديين والمثقفين والإعلاميين والرياضيين والفنانين .. " المنمقة والمفصلة ؟ وماذا ستحدثه التشنجات والوقفات والمظاهرات والمسيرات الاحتجاجية في توجهات ومخططات الصليبيين والمنافقين العرب .. ؟ وبما ذا أفادتنا تلك التي كانت ضد فرنسوا مطيران وعقيلته الصهيونية في ثمانينيات القرن العشرين؟ وبماذا أفادت المظاهرات والمسيرات المليونية المتكررة الشعبين الفلسطيني والعراقي ؟ كل هذا ومثيله كان وسيبقى مجرد صياح الظالمين تحت اللحود .. إنه السلاح الوحيد والأوحد للضعاف . فالشعوب الغربية التي تتحكم في حكوماتها وبرلمانييها وبرجوازييها لا تنطلي عليها مثل هذه المسرحيات .. فإذا كان حكامنا لا يعيرون أي اهتمام لشعبهم وغضبه ولا لانتقاداته ولا لاعتصاماته ووقفاته ولا لأنينه ، وحتى وإن انتحر كله دفعة واحدة فإن الحكام الغربيين يجتهدون ويتنافسون على إرضاء شعوبهم .. فلا تهمهم لا هموم المغاربة ولا الجزائريين ولا البوليساريو ولا كل العرب والمسلمين بل همهم الأوحد هو تعظيم وعملقة أوطانهم وإسعاد مواطنيهم واكتساب ثقتهم .. حتى وإن كانت على حساب تعاسة وشقاء كل المسلمين ولما لا التخلص من وجودهم بتدميرهم كما فعلوا في الأندلس .. السيد الوزير الأول نرجوكم أن تطلعونا لو تكرمتم على ما نستفيده من تبعيتنا المطلقة والعمياء للغرب الذي نتعبد في محرابه بكل طقوسه .. ؟؟ السيد وزير الاتصال المحترم نستحلفكم بالله باسم كل من أكلت الغيرة الوطنية أحشاءه من الشعب "الغير النافع" – ونظنكم واحدا من الذين انتزعت عن أجسادهم جلودها الوطنية انتزاعا – أن توضحوا لنا بصدقكم المعهود إن كان هذا السلوك السياسي والتقني للحكومة ولكل حكوماتنا السابقة في تدبير شؤون الدولة وهموم الشعب سار ويسير على السكة المتينة بقوتها العلمية المؤدية إلى عملقة الوطن ( أرضا وشعبا ودينا ولغة ومؤسسات رشيدة ) ، أم هو لتجزئته وبلقنته جغرافيا وشعبيا كما تم تقسيمه اجتماعيا ؟ كم قلنا في مواضيع سابقة وصادقة لم ولن تنفعنا مع الصليبيين والأسبان منهم على الخصوص إلا الندية والمقارعة الصارمة ، والندية لن تكون إلا بالقوة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسية واكتسابها لن يكون إلا بالديمقراطية المطلقة وقانون الشعب ، من غير هذا يبقى كل شيء ذل في ذل ومهانة مستدامة في انتظار الاندثار.