لم تستسغ جبهة البوليساريو الانفصالية، ربيبة الجزائر، ومنظمات أخرى تدور في نفس الفلك، أن تنظم مدينة الداخلة المغربية منتدى "كرانس مونتانا" السويسري، حيث لم تنفك هذه الجهات المناوئة للوحدة الترابية للمغرب في الطعن في مصداقية احتضان المملكة لهذا الملتقى. وتعترض البوليساريو، وخلفها جنرالات الجزائر، على تنظيم مدينة الداخلة لمنتدى عالمي من حجم "كرانس مونتانا"، باعتبار أنها "مدينة محتلة" من طرف المغرب، وبأن السلطات بالمملكة "تقوم بنهب الثروات الطبيعية الصحراوية، وتوريط الشركات الأجنبية في نهبها". وجربت الجبهة الانفصالية، بوحي من صانعتها الجارة الشرقية للمملكة، عدة محاولات للتشويش على تنظيم المنتدى، فمن محاولة تحريض سكان الداخلة على معارضة الملتقى، مرورا بتنظيم وقفات احتجاجية ضده، ووصولا إلى شن هجوم ضارٍ على شخصيات مشاركة فيه. واستدعت البوليساريو، في هذا السياق، ناشطة حقوقية سويسرية تدعى "إلزابيث باشلين"، للمشاركة في وقفة احتجاجية ضد تنظيم هذا المنتدى، والذي حضرته أكثر من 112 دولة، وأزيد من 600 شخصية من مختلف المجالات، وهو ما زاد في غيظ الجبهة الانفصالية. وركزت البوليساريو في ذات الوقفة على حضور الناشطة السويسرية المناهضة للوحدة الترابية للمغرب، للدلالة على أن ناشطة حقوقية تنتمي إلى نفس البلد الذي ينحدر منه منتدى "كرانس مونتانا" تعارض تنظيمه بالداخلة، داعية الدول والمنظمات الحكومية والمدنية إلى مقاطعة المنتدى. وفي ذات السياق احتجت الجبهة رسميا، عن طريق ممثلها باسبانيا، والمدعو "بشرايا حمودي بيون"، على حضور رئيس الحكومة الإسبانية السابق، خوسي لويس رودريغيث ثاباطيرو، إلى مدينة الداخلة، من أجل المشاركة في منتدى "كرانس مونتانا"، كطريقة لإجهاض نجاح متوقع للمنتدى. شيات: التصعيد وبلقنة المنطقة ويعلق الدكتور خالد شيات، الأستاذ بجامعة وجدة والخبير بملف الصحراء، على محاولات البوليساريو والجزائر التشويش على تنظيم المنتدى بمدينة الداخلة، بالقول في تصريحات لجريدة هسبريس إن "هناك إرادة متجددة لدى هذه الأطراف للدفع بالتنافر والصراع إلى مداه". وشدد شيات على أن إستراتيجية الجزائر وجبهة البوليساريو تتمثل في نهج التصعيد دلالة على الاستعداد لبلقنة المنطقة التي يتهددها الإرهاب خاصة"، مبرزا أن "الجزائر والبوليساريو يستعملان بشكل فج قيم ومبادئ العلاقات الدولية لتحقيق غايات غير محسوبة العواقب". وتابع المحلل بأن "سبب التهديد الذي تكرره البوليساريو، كون المغرب يمارس "سلطة إدارية" على المنطقة، وبالتالي فإن هذه الإدارة في التصور الذي تحمله هذه الجهات يبقى هو نفسه من وجهة نظرها والذين يتعاطفون معها، ولا يكرس أي تبعات قانونية من وجهة القانون الدولي". وبخصوص الأهداف الإستراتيجية الآنية ومتوسطة المدى لمحاولات الجزائر وصنيعتها، أورد شيات بأنه "لا بد أن ذلك بداية للتسخينات الدبلوماسية التي تستمر بعد اجتماع الاتحاد الإفريقي، والذي يحدد برنامجا متتاليا ينتهي بالتأكيد والإصرار على اختراق أممي في الأشهر المقبلة". واستطرد الأستاذ الجامعي بأن "الدبلوماسية الجزائرية تمتلك بشكل عام حظوظا ضئيلة للوصول إلى هذا الاختراق، لذلك يبقى العمل على التهييج الإعلامي غاية تحقق مبدأ "الحفر بالملعقة" الذي يرجى منه تحقيق نجاحات على المستوى المتوسط والبعيد" يؤكد شيات. ومضى المتحدث إلى أن "التهديدات التي تطلقها البوليساريو، غايتها التشويش المكثف على تنظيم المنتدى، والاستغراق في رد الفعل المباشر، وهو أمر تنبه له المغرب، لكن ذلك يمكن أن يعطي للمملكة فرصة الاقتحام المضاد بعد انتهاء أشغال اللقاء، ما يعني أن حسابات البوليساريو يمكن أن تعود ضدها". وخلص شيات إلى أن المنتدى يتغيى أهدافا بناءة تهدف إلى إرساء التعاون "جنوب جنوب"، والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، والتنمية التي تستهدف بالأساس القارة الإفريقية"، مبرزا أن "معاكسة هذه التوجهات دليل على الأهداف الرجعية للانفصال وأنصاره".