الخط فائق السرعة القنيطرة-مراكش سيجعل المغرب ضمن البلدان التي تتوفر على أطول الشبكات فائقة السرعة (الخليع)    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المشاركين في معرض الفلاحة    القرض الفلاحي للمغرب يعقد شراكة استراتيجية مع شركة "تربة" لدعم الزراعة التجديدية    بودريقة يقضي أول ليلة في سجن عكاشة بعد ترحيله من ألمانيا    مونديال 2030 يدفع بالشراكة المغربية الفرنسية نحو آفاق اقتصادية جديدة    "اللبؤات" يبلغن نصف نهائي "الكان"    إسرائيل تدين قرار حكومة إسبانيا    الحكومة تعتزم رفع الحد الأدنى للأجور الى 4500 درهم    بعثة المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة تصل إلى القاهرة للمشاركة في كأس إفريقيا    إحباط محاولة لتهرييب المفرقعات والشهب النارية ميناء طنجة المتوسط    جلالة الملك يعطي انطلاقة خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش    مهرجان "السينما والمدرسة" يعود إلى طنجة في دورته الثانية لتعزيز الإبداع والنقد لدى الشباب    محمد رضوان رئيسا لقضاة إفريقيا    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    97.6 % من الأسر المغربية تصرح إن أسعار المواد الغذائية عرفت ارتفاعا!    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    أعمال تخريب بمركب محمد الخامس    وزير الزراعة الفلسطيني يشيد بالدعم المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف للمزارعين المقدسيين    السجن لشرطيين اتهما ب"تعذيب وقتل" شاب في مخفر الأمن    امطار رعدية مرتقبة بمنطقة الريف والواجهة المتوسطية    دورة "سمية العمراني" بمهرجان "معًا" بطنجة.. تكريم لروح العطاء ودعوة لدمج شامل لذوي الإعاقة    الهند تُعَلِّقْ العمل بمعاهدة تقاسم المياه مع باكستان    بايتاس: الاعتمادات الجديدة في الميزانية ممولة من الضرائب لسد الالتزامات ودعم القدرة الشرائية    رفع قيمة تعويض الأخطار المهنية للممرضين والإداريين والتقنيين.. وإقراره لأول مرة للأساتذة الباحثين بالصحة    الوداد ينفصل عن موكوينا ويفسح المجال لبنهاشم حتى نهاية الموسم    الوكيل العام باستئنافية مراكش يأمر بفتح تحقيق في قضية تصوير محام مكبل اليدين داخل سيارة شرطة    واتساب تطلق ميزة الخصوصية المتقدمة للدردشة    بنكيران يدعو إلى جمع المساهمات من أجل تغطية مصاريف مؤتمر "البيجيدي"    قادة وملوك في وداع البابا فرنسيس    جماعة بوزنيقة تؤجل جلسة كريمين    نبيل باها: الأطر المغربية تثبت الكفاءة    رئيس الحكومة يقف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    منظمة دولية تندد ب"تصعيد القمع" في الجزائر    أخنوش يترأس جلسة عمل للوقوف على تقدم تنزيل خارطة طريق التشغيل    الملتقى الدولي لفنانين القصبة بخريبكة يؤكد ضرورة الفن لخدمة قضايا المجتمع    الكتاب في يومه العالمي بين عطر الورق وسرعة البكسل.. بقلم // عبده حقي    المجلس الاقتصادي والاجتماعي يدعو إلى احترام حق الجمعيات في التبليغ عن جرائم الفساد    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية: منصة للإبداع المجتمعي تحت شعار "مواطنة مستدامة لعالم يتنامى"    روبي تحيي أولى حفلاتها في المغرب ضمن مهرجان موازين 2025    سلسلة هزات ارتدادية تضرب إسطنبول بعد زلزال بحر مرمرة وإصابة 236 شخصاً    الصين تنفي التفاوض مع إدارة ترامب    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    الجيش المغربي يجري مناورات "فلوطيكس 2025" في المتوسط لتعزيز جاهزية البحرية    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع القنصليات المغربية وموجبات الإصلاح
نشر في هسبريس يوم 04 - 03 - 2015

لم يعد إصلاح منظومة العمل في مختلف الإدارات والمؤسسات من باب الترف الفكري، بل أصبح ذلك الإصلاح ضرورة وقضية وطنية تفرض على الدولة أن تأخذه مأخذ جد كونه نقطة ارتكاز للمواطنة الحقة والمسؤولة والملتزمة، وكونه كذلك يشكل حجر الزاوية لتنمية شاملة، ومدعاة لمشاركة مدنية متحضرة واعية بما لها وما عليها.
موجة الإصلاح، سواء في القضاء أو على مستوى ما أصبح يعرف بالحكامة الجيدة في الإدارات العمومية، لا يمكن، وهي في بدايتها، أن تكون انسيابية. فالإصلاح مثلما له أصوات تنادي به وتدافع عنه، فله خصوم يترصدونه ويحاولون تعطيل عجلاته. وليس في الأمر غرابة أن يجابه الإصلاح بمثل هكذا خصوم ما دام يستهدف بالأساس مصالح فئة ضيقة ولوبيات اعتادت التستر على خروقاتها وعدم مردوديتها بعيدا عن المحاسبة والمساءلة. فالتعثر الذي ما زال يواجهه المغرب في إصلاح المنظومة القضائية أو على مستوى المؤسسات الوطنية أو المحلية مثلا يعود في جوهره إلى أولئك الذين يخشى أن تتقطع بهم سبل الإثراء بلا سبب وأساليب الابتزاز والمضايقة للمرتفق.
مسلسل الإصلاح إذن معركة بين الخير والشر، لكن ما يدعو إلى التفاؤل في هذه المعركة وهو وجود إرادة سياسية عليا صلبة مصرة أن تجعل من هذا المغرب وبكل هدوء نموذجا للتغيير التدريجي الثابت والضامن للاستقرار، على خلاف ما تشهده المنطقة من تغييرات وارتجاجات وليدة اللحظة التي جاءت في أعقاب ما يسمى بالربيع العربي، والتي لا زالت لم تجد لها مستقرا.
إن حركة الإصلاح هذه ماضية في تمددها وتشعبها لتشمل جانب مهما من النشاط الدبلوماسي ألا وهو الجانب القنصلي الذي يعنى بوضعية المغاربة في الخارج. وضعية الجالية المغربية كانت بالفعل محط اهتمام وعناية في العديد من الخطب الملكية التي حثت غير ما مرة على النهوض بالعمل القنصلي وتسخيره لخدمة جميع المغاربة حيثما وجدوا في مختلف الجهات الأربع من هذا العالم. وعملا بهذه التوجيهات الملكية، بادر وزير الشؤون الخارجية والتعاون السيد صلاح الدين مزوار إلى دعوة جميع القناصلة المغاربة في حلقة دراسية بتاريخ 31 أكتوبر 2014 تدارسوا خلالها مختلف أوجه الاختلالات التي تشوب العمل القنصلي. وأفضت تلك الحلقة الدراسية إلى التوقيع على ما بات يعرف "بميثاق القناصل العامون للمملكة المغربية". ويستند الميثاق في مجمله على مجموعة من المبادئ التي ينبغي استحضارها في عملية إصلاح العمل القنصلي والتي يفترض فيها أن تراعي:
تحسين الأداء وسرعة الإنجاز و احترام كرامة المواطن و الانفتاح على الجميع والتواصل والتحلي بالمهنية مع الصرامة في العمل وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار.إن هذا التوجه بكل تأكيد مطلوب ومرغوب فيه في ظل التحديات المتزايدة التي أصبح يواجهها العمل القنصلي والتي تحد من تطلعات وانتظارات الجالية المغربية التي يتجاوز عدد أفرادها اليوم الخمسة ملايين.ومن خلال قراءتنا لواقع القنصليات المغربية، فإننا نعتقد أن هذا الإصلاح ينبغي أن يضع حدا لكل المعوقات التي تعتري العمل القنصلي. من هذه المعوقات ما هو مرتبط بالعنصر البشري، ومنها ما هو مرتبط بالمساطر الإدارية ذات الصلة بالخدمات القنصلية. كما أن هذا الإصلاح ينتظر منه، في شموليته، أن يعنى كذلك بتطوير نوعية العمل القنصلي في بعده الاقتصادي وعلاقته بهيئات المجتمع المدني، وكذلك الدور المنوط للجمعيات المغربية في ديار المهجر.
فمن التحديات المطلوب من وزارة الشؤون الخارجية والتعاون رفعها في سياق ما ترنو إليه من إصلاح لهذه المنظومة، التغلب على شوائب العمل القنصلي ومعوقاته، وهي معوقات لها صلة بالعنصر البشري بعضها مرتبط بطاقم القنصلية، وبعضها مرتبط بعناصر خارجية. ويمكن تحديدها على النحو التالي:
1 مسؤولية الطاقم القنصلي:
بداية لابد من الإشارة إلى أن هذا الطاقم موزع ما بين موظفين رسميين من دوائر حكومية مغربية وعلى رأسها وزارة الخارجية ودوائر أخرى تعنى بقضايا وأحوال الرعايا المغربية في الخارج، وموظفين محليين يتم توظيفهم في عين المكان لاعتبارات يجب أن تتوفر فيهم من قبيل الجاهزية لتسهيل العمل القنصلي ومهمة الطاقم الرسمي، والتحلي بالانضباط وبمسلكيات تتلاءم وأخلاقيات المهنة.
قد نكون من المقصرين إن اعتبرنا أن الطاقم الرسمي لأي مركز قنصلي بريء براءة الذئب من دم يوسف، وأن ننفي عنه إطلاقا مسؤولية التجاوزات والخروقات التي طبعت العمل القنصلي، وهي خروقات نقر اليوم بأنها آخذة في التراجع بشكل ملحوظ. كما أننا قد نكون من المجحفين في حق هذا الطاقم إن نحن حملناه المسؤولية الكاملة التي نرى ضلوع أطراف أخرى فيها.
وما يشير به الواقع إلينا أن بعض الظواهر المشينة من تجاوزات وسلوكيات غير مهنية وغير أخلاقية ما زالت تطبع العمل القنصلي ومحيطه الخارجي حيث تتفشى ظاهرة الارتشاء في صفوف بعض الموظفين والأعوان المحليين، لكنه من الإجحاف أيضا إطلاق هذه الأحكام على عواهنها، فهناك العديد من الموظفين المشهود لهم بالإستقامة ودماثة الخلق وينأون بأنفسهم من الوقوع في الرذيلة أو أن تتحكم فيهم الأهواء والإغراءات المادية هدايا أو إكراميات.
فالحديث عن هذه التجاوزات لا ينبغي أن يحجب عنا حقيقة السيناريو الجاري حيث المسؤولية مشتركة ويتقاسمها الموظف من موقعه كمسؤول مع المواطن المهووس بربط علاقات مع طاقم القنصلية بمختلف الوسائل لضمان مآربه وقضاء حاجاته، وسرعان ما قد ينتقل فيما بعد من وضعية الراشي إلى وضعية السمسار بعد ترسيخ الثقة بين الطرفين.
واليوم، وأمام ما أصبحت تبديه وزارة الخارجية من صرامة شديدة في التصدي لهذه التجاوزات ومرتكبيها في حال إثباتها بالملموس، بدأت المسلكيات المشينة في تراجع واضح وبين. وهذه الصرامة التي تسجل اليوم لصالح الوزارة كانت بالفعل رادعا قويا للمستخفين بضوابط وأخلاقيات المهنة. كما يسجل لصالح الوزارة قيامها بتحريات موضوعية كلما دعت الضرورة إلى ذلك للوقوف على عين الحقيقة. ولعل هدا النوع من التقصي وانعدام التسرع في اتخاذ الموقف المجاني، على عكس ما كان عليه الحال من قبل،قد يعزز ثقة الموظف المسؤول بنفسه وإحساسه بالأمان من الكيل له باتهامات ملفقة من المشوشين على الحقل القنصلي والمحاربين للإصلاح الجاري. وفي هدا الصدد فإننا ننوه ببلاغ الوزارة وموقفها من المكائد التي حيكت ضد قنصليتنا ببرشلونة.
2 مسؤولية الأعوان المحليين:
على عكس الموظف الرسمي، يتم توظيف العون المحلي بموجب عقد عمل يبرم اليوم على أساس قانون بلد الاعتماد، وهو عقد مفتوح يخول الطرف المستفيد من البقاء في نفس المركز بصفة دائمة، خلافا للموظف الرسمي الذي يظل محكوما بسقف زمني وهو أربع سنوات مع إمكانية استثنائية قابلة للتمديد لولاية ثانية لكن في مركز آخر.
هذه الوضعية القانونية للموظفين المحليين تفتح لهم المجال لكي ينسجوا علاقات بحكم تقادمهم في نفس المركز مع أبناء الجالية ومع الجمعيات والهيئات المغربية المتواجدة في دائرة القنصلية حيث العلاقات تتحول من حميمية إلى علاقات تتقاطع فيها المصالح بين الطرفين تنعكس سلبا على العمل القنصلي، ويعتبر فيها الموظف الرسمي على أنه موظف عابر ودخيل على المشهد ومناكف لمصلحة "الجماعة".
وحينما نشخص هدا الواقع المأزوم، فإننا نقر بوجود العديد من الموظفين المحليين المشهود لهم بالانضباط والاستقامة وينأون بأنفسهم عن التآمر والدسائس ضد القنصلية وطاقمها من موظفيها ورئيسها. وإذا كانت القاعدة تؤكد على أن الاستثناء لا يعتد به، فجزء مهم من معضلة المراكز القنصلية مصدره أولئك الموظفين المحليين الذين يتكالبون ويتواطؤون ويحرضون ضعاف النفوس من خارج القنصلية لمحاربة كل مسؤول تحدوه الرغبة في تطوير العمل القنصلي والرقي به لخدمة الصالح العام في بعديه المقترنين بالجالية وبالقضايا الوطنية. هذه الطينة التي تحارب الإصلاح لا لشيء سوى أن التغيير المرغوب فيه يتعارض مع مصالحها ويقض مضاجعها ويهز تلك الأوكار التي اعتادوها مطية للارتزاق لسنين طويلة. كما يستغل البعض منهم تمتعهم بجنسية البلد المضيف ليوهموا أنفسهم أنهم فوق القوانين المغربية وأنهم محميين ومسنودين، وهم في غفلة من أمرهم أن إمكانية ملاحقتهم قضائيا بموجب قوانين البلد الأصلي أمر وارد في حال ارتكابهم لأعمال مشينة ومخلة بأخلاق المهنة في حق المركز وموظفيه.
3 الوسط الموبوء في محيط القنصلية:
إلى جانب المراكز القنصلية المغربية، وخاصة المتواجدة في أوروبا، تنشأ نقاط مصالح من جمعيات وهيئات ومكاتب ومحلات تجارية تتفاوت درجة انتفاعها من خدمات القنصلية بحسب طبيعة النشاط الذي تتعاطي إليه تلك لنقاط. القاسم المشترك لها جميعا، في بعده الانتفاعي، هو تسخير المواطن لخدمة أغراضها تحت مسمى الدفاع عن حقوق أبناء الجالية المغربية في علاقتها مع القنصلية ، فيما لا يعدو أن يكون ذلك الأمر إلا وجها من أوجه السمسرة التي ينبغي أن يدركها المواطن وأن يدرك في نفس الوقت أنه في غني عن الاستعانة بأطراف وسيطة لا هم لها سوى الابتزاز.
أ الجمعيات المغربية في ديار المهجر:
العمل الجمعوي واحد من تجليات المجتمع المدني المتحضر. ومن حيث المبدإ، يفترض أن يكون نشاط هده الجمعيات عملا وطنيا بامتياز وأن يساهم في خدمة قضايا الوطن، مهمة نبيلة جديرة بالاهتمام ويجب أن تكون موضع العناية في تناغم مع البعثات الدبلوماسية والمراكز القنصلية. يفترض في القائمين على هذه الجمعيات، بحكم معيشهم اليومي في البيئة التي يتواجدون فيها، يفترض فيهم كذلك أن يكونوا على صلة وثيقة مع مختلف فعاليات المجتمع المدني لبلد الإقامة، وأن يسخروا ذلك الرصيد لتسهيل مهمة المؤسسات المغربية الرسمية في بلد الاعتماد .
كما أن هذه الجمعيات المغربية مدعوة في واقع الأمر إلى النهوض بسلسلة من الواجبات لإثبات وطنيتها في خدمة الصالح العام، منها: زرع مبادئ المواطنة الحقة والصالحة في نفوس الجيلين الثالث والرابع من شباب الجالية المغربية عبر تأطير تربوي وتعليمي محكم تدبير الشأن الديني من خلال رعاية موحدة للمساجد درءا لأي مساس بوحدة المذهب المالكي ولأي استقطاب يستهدف شبابنا من قبل تنظيمات متطرفة أو تيارات أخرى على غير هدي مذهبنا الحنيف تنظيم ندوات تثقيفية بالمناسبات الوطنية التواصل مع هيئات المجتمع المدني لخدمة القضايا الوطنية التواصل مع الفاعلين الاقتصاديين على المستوى المحلي والجهوي من خلال آلية التعاون اللامركزي التي تشكل سياسة فاعلة للاتحاد الأوروبي في إطار التعاون شمال جنوب.
فتلك الجمعيات المغربية مطالبة بأن تنشط في هذا الاتجاه وتسخير ذلك لخدمة مختلف أوجه التنمية المحلية في بلادنا واستقدام تمويلات تهم العديد من القطاعات كالتكوين المهني وتنمية العالم القروي وتمويل مشاريع تخص البنيات التحتية والاستشارات التقنية المجانية. وهي سياسة أثبتت نجاعتها لبساطة مساطرها والتي تمكن بسهولة من الحصول على اعتمادات مالية مباشرة لفائدة المجالس المحلية، على خلاف ما يطبع الاتفاقيات الحكومية من بطئ في الإجراءات وتأخير في التنفيذ.
والواقع غير هذا الذي ينبغي أن يكون، بل أن معظم الجمعيات المغربية وليس كلها المتواجدة في مختلف الدول الأوروبية لا تلتفت إلى مثل هذه التوجهات ولا تأبه بهذه السياسة الأوروبية إن لم يكن معظم هذه الجمعيات لا يعلم عنها شيئا. وبدلا من ذلك، تهدر جهدها أولا في مشاكسة بعضها البعض لاعتبارات إقليمية ومصالح فئوية وما يشهد عن ذلك ظاهرة الانقسام والتشيع في صفوف أعضاء تلك الجمعيات، وثانيا في مناكفة المراكز القنصلية والتربص بأنشطتها وأنشطة القناصل. وهي ظاهرة سلبية أصبحت ملازمة لتحركات بعض الجمعيات المناوئة للقنصليات ورؤسائها.
كما تشير بعض المعطيات على أرض الواقع أن العديد من الجمعيات لا تتوفر على نظام أساسي يؤطرها تأطيرا جيدا، وحتى إن وجدت فإن القائمين عليها يحتكرون عملية الإشراف ويتلكئون في تجديد المكاتب للإبقاء على هيمنتهم عليها. غياب الأنظمة القانونية لتلك الجمعيات قد يفتح المجال لاختراقها من قبل جهات خارجية قد تكون مناوئة لبلادنا. وفي هذا الصدد، استطاعت عناصر دخيلة أن تتسلل إلى بعض الجمعيات المغربية بدعمها ماديا تمهيدا لاستقطاب عقائدي وفكري خطير. على خلاف ذلك، يلاحظ أن الجمعيات التركية في أوروبا على درجة عالية من التنظيم والتأطير الديني والتربوي والإشراف المحكم للمساجد التابعة لها.
ب مكاتب ومحلات تجارية لرعايا مغاربة:
ظاهرة تكاد أن تكون عامة بمحيط معظم المراكز القنصلية المغربية بأوروبا وهي تواجد مكاتب للترجمةللترجمة والتصوير وتحرير المقالات والوكالات، ومحلات تجارية كالمطاعم المغربية بالقرب من كل مركز قنصلي. المشرفون على هذه الوحدات عادة ما يحاولون نسج علاقات مشبوهة مع طاقم القنصلية من موظفين وأعوان محليين هدفها الظاهري والمعلن تمكين الرعايا المغاربة من الحصول بسرعة على وثائقهم الإدارية مقابل مبالغ مالية مجحفة تتسم بالاستغلال الفاحش. ونسجل في هذا الصدد أن معظم المكاتب للترجمة بجوار العديد من المراكز القنصلية بأوروبا تكاد أن تعود لمالك واحد يرى في نفسه أن وضعيته ومكانته اليوم تمكن من تطويع أطقم القنصليات والسماح لنفسه في بعض الأحيان بإملاء توجهاته وطرق عمله التي ينبغي على القنصليات أن تهتدي بها وكأنه مسؤول رديف لوزارة الخارجية المغربية. ومن المفارقات أن عناصر من هذا النوع تسمح لنفسها بالتشويش على القنصليات وتحريك أتباع لها في أنشطة مناهضة إما من خلال حركات احتجاجية أو التوجه إلى إعلام محب للإثارة من دون إعارة أي وزن لكرامة الناس ولا إلى المصلحة العامة أو التوخي الدقة والتحري في البحث عن الحقيقة.
4 ملاحظات واقتراحات حول ما ينبغي أن يشمله الإصلاح:
كما سبقت الإشارة إلى ذلك، إن هذا الإصلاح لن يكتمل ما لم يكن شموليا، ولا ينبغي أن يقتصر على جانب ويتناسى أو يغفل جوانب أخرى. فالتشريح الذي قمنا به من زاوية مدى مسؤولية العنصر البشري في الفساد أو الإصلاح تبقى ذات أهمية وذات شأن ولكنها غير كافية. فالإصلاح الحقيقي يجب أن يطال العنصر البشري من خلال إجراءات رادعة وعقابية، ويستدعي كذلك مراجعة للأنظمة المعمول بها، وإدخال تقنيات حديثة في منظومة العمل القنصلي، وإخراج هذه المنظومة من دائرة عمل المقاطعات الإدارية إلى دائرة أشمل لخدمة القضايا الوطنية في بعدها السياسي والاقتصادي والتنموي. وفي هذا الصدد، ارتأينا أن ندلي ببعض المقترحات لارتباطها بواقع معظم المراكز القنصلية وبما يدور في فلكها لعلها تساهم في تصحيح الاختلالات وتصويب الأدوات للأهداف المتوخاة. ونعرض لهذه المقترحات في صياغة أولية على شكل عناوين يكون فيها كل عنوان قابل للتحليل والتمحيص من قبل الجهات المعنية مع تحديد مدى ملائمة التوقيت لتنزيل هذا المقترح أو ذاك. من هذه المقترحات على سبيل المثال:
مراجعة بعض الأنظمة العمول بها في شريحة الأعوان المحليين، منها تمكينهم من نظام للتقاعد، وقابلية تنقيلهم من مركز قنصلي إلى آخر لا يتجاوز حدود بلد الاعتماد كلما دعت ضرورة المصلحة إلى ذلك. وهذا لا يتعارض مع القوانين التي استند عليها عقد التشغيل. أهمية هذا الإجراء الوقائي تكمن في وقف مسلسل التواطؤ بين العون المحلي المتقادم في نفس المركز والعناصر المشاغبة من خارج القنصلية.
إعادة هيكلة بنايات ومكاتب القنصليات باعتماد تنظيم يقوم على أساس ما هو معروف بتسمية "مكتب الواجهة" Front office و "المكتب الخلفي" Back office من أجل قطع التواصل المباشر بين الموظفين والمراجعين للمراكز القنصلية وذلك لتجنب المشاحنات والاصطدامات حيث غالبا ما تكون سببا في إهانة أو تعرض الموظف لاعتداءات أثناء مزاولته لمهامه أو خارج نطاقها.
إعادة النظر في مساطر الحصول على الوثائق الإدارية وتبسيطها لدى أبناء الجالية المغربية الذين يرون في المساطر الحالية وتعقيداتها "تخلفا" للإدارة المغربية قياسا مع أداء الإدارات والمؤسسات الأوروبية التي يفخرون بها على حساب المؤسسات المغربية. ولعل هذا الأمر قد يستدعي تجديدا للأنظمة المعلوماتية للإدارة المغربية حتى يتسنى لموظفي القنصليات استخراج وثائق إدارية في عين المكان كعقود الازدياد والسجلات العدلية ولم لا البطاقات الوطنية من دون العودة إلى الإدارات المركزية ربحا للوقت وتفاديا لمشاحنات مع أبناء الجالية التي غالبا ما تتهم الإدارة المغربية بالتعقيدات البيروقراطية.
رؤساء المراكز القنصلية مطالبون بالتفرغ إلى عمل نوعي في أنشطتهم وراقي من قبيل التواصل مع مختلف الفعاليات الاقتصادية والمالية ومع مختلف السلطات المحلية المتواجدة في دائرة نفوذه. ولذلك يتعين على وزارة الخارجية في نطاق ما تسعى إليه من إصلاح أن تواكب أنشطة القناصل وتقييمها من خلال حصيلة دورية. لكن ينبغي في نفس الوقت توفير الظروف والإمكانيات الملائمة للنهوض بهذه المهام على أحسن وجه.
إن الصرامة التي تبديها اليوم الوزارة في التعاطي مع العديد من التجاوزات والخروقات تعتبر في الواقع رادعة وأساسية لتحسين الأداء وتطهير الإدارة من العابثين. لكن لا ينبغي أن تكون هذه الصرامة انتقائية ولا ينبغي أن تغيب حينما تسجل تجاوزات على نطاق موظفين أو مسؤولين يرون في أنفسهم أن القلم مرفوع عنهم وأنهم في مأمن من أية مساءلة إدارية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.