يكثر في الاوساط الثقافية والسياسية وحتى العلمية ترويج مصطلح غريب. لا وجود له في قاموس الاسلام ( القرءان )هذا المصطلح هو مصطلح ( التسامح ) يروج بشكل ( مضغوط ) يثيرالشك. وكأنه مصطلح حقيقي ثابث اصيل والحقيقة ان هذا الترويج كذبة حمراء على الإسلام، كذبها اذكياء الاستعمار ويروجها اغبياء الاستحمار. ان القرءان وهو معجم الاسلام الاوحد اشتمل على الالآف من المصطلحات المعالجة لكل قضايا الحياة، واشتمل على العديد منها المتعلقة بجوانب العلاقات سواء منها ما كان مع الصديق او الخصم او العدو، غير ان القرءان على طوله وعرضه لم يستعمل هذا المصطلح المريب! بل انه لم يستعمل مادة ( س م ح ) في اي غرض ولا في اي سياق. اذن: فمن الذي اناب (المثقفين) ومنحهم الإذن في ادخال المفردات الغربية والعبارات المريبة على دين جاء ليروض الناس لا ليروضوه، وليقودهم لا ليقودوه وليعلمهم لا ليعلموه؟ ان القرءان وهو يؤسس للإسلام والإنسان قواعد التعامل والتساكن الانساني استعمل عبارات مشحونة بالقوة والتسامي، قوة في العقيدة والفكر، قوة في الإعداد والتعمير والإعمار، قوة في الاخلاق والرقي والنموذجية في التعامل والاحترام والوفاء والصبر والصفح والاحترام والهجر الجميل والجنوح الى السلم ان جنح الخصُوم والإعراض عن الجاهلين، والمعاقبة بالمثل في القول عند الظلم فقط .وليس في قاموسه مصطلح يوحي بعكس هذا من مصطلحات الضعف او الهوان او النكث او الغدر او الظلم أوالتخريب أو السفاسف والتلاعب والنفاق. انها مصطلحات تشعر بشخصية متميزة تملك زمام امرها ولا ترضى الذل ولا الظلم، وتتصرف من موقع العلو والسمو، لا من موقع الدونية والسوْم.ان كلمة ( التسامح ) على بريقها ووداعتها ولذتها، يحتاج تداولها الى اختبارها على ضوء الواقع وممارسة التنزيل. لا الى ترويجها بغباء ودون فهم او حسن تأويل، لان العالم اليوم لا تكافؤ فيه ولا عدل ولا قسط ولا قسطاس.وانما فيه قاهر ومقهور، وناهب ومنهوب، وجار ومجرور، واستعمار واستحمار، بله ان يكون فيه (التسامح) بل حتى (التسامع.)ان التسامح من الناحية اللغوية يَعني التفاعل ( من المفاعلة التي تقتضي وجود طرفين متكافئين او متقاربين يجمع بينهما اخذ وعطاء، ومد وجذب، وارتخاء تارة من هذا الطرف وتارة من ذاك، اما ان نطلب التسامح من طرف واحد مغلوب اعزل فهذا ضحكة وكذبة على اللغة والدين والعالم بعقلائه واغبيائه. حين يطلب التسامح مثلا من الفلسطينيين الذين هُجروا وسُلبوا ونُهبوا، ومن اهل غزة الذين حوصروا وخنقوا، ومن اهل افغانستان الذين نهشهم الجراد الروسي مرة والامريكي مرة، وشردهم الى قمم الجبال حين يطلب التسامح من هؤلاء باسم الإسلام، فهذه اضحوكة الزمان! ان قوى الاستكبار العالمي هذه عُدتها، فكلما ارادت ان تجد موطئا في ارض الاسلام لاحتلال موقع استراتيجي، او وضع الرجْل على شريان حيوي، تعمد الى مصطلح تدرسه في مختبراتها السياسية والاستراتيجية والاستخباراتية فتوظفه حسب الحاجة، تارة تختار مصطلحا يوحي بالتخويف، وتارة بالتشكيك، وتارة بطعم السلام، وتارة بطعم الدين ، وتارة بدون لون ولا طعم، كمصطلحات التطرف ، والارهاب ، والكراهية والعنف وحقوق الانسان وحقوق الحيوان والسلام والتسامح.؟؟ وهكذا بدأت تُؤلف قاموسا عجيبا خاصا تكتبه وحدها وتفهمه وحدها وتنزله على العالم الضعيف بالقوة والسطو والخداع، ويُعينها على تفسيره وتنزيله أزلامها من الحكام والمشايخ ومأجوري الأقلام والإعلام.ان ( التسامح المكذوب) مادة تخديرية بنكهة اسلامية، وليس العيب ان ينتجها الظالم الغاصب، وانما العيب والمعرة ان يروجها المظلوم المغصوب، ويقدمها للشعوب السياسي والحاكم والمثقف وعالم الدين الكذاب الغشاش. ان غياب هذا المصطلح من القرءان هو تحصين من ان تدب في اواصل المسلمين جرثومة التخاذل وارتخاء حبل عزيمتهم وانطلاء الحيلة عليهم، لانهم مأمورون إن تنازلوا أن يتنازلوا من موقع قوة لا أن يعطوا الدنية من كرامتهم. اما ان يتسامحوا بالنيل من اعراضهم وهويتهم وكرامتهم واوطانهم باسم اي مصطلح مهما كان حلوا ولذيذا فتلك علامة خيانة الحاكم ونفاق المثقفين وخرس العلماء واستحمار الشعوب. اخيرا: ان الإسلام ليس في حاجة إلى من يدخل عليه مصطلحات تضفي عليه مسحة الوادعة والرحمة والتسامح والسلام، بقدر ما هو في حاجة إلى من يدفع عنه جهل أبنائه وعجز علمائه وكيد خصومه. هؤلاء الخصوم الذين: غزت جيوشهم بلداننا. وابتلعت لغاتهم لغتنا. وألغت أزياؤهم أزياءنا. ومسحت عاداتهم عاداتنا. ومحت أنماطهم أنماطنا. فهل ( تسامحوا ) معنا حتى في أن نحافظ على خصوصياتنا؟! [email protected]