اقتنوا شققهم السكنية، التي كانت تسوقها مجموعة "أليانس" في إطار مشاريعها للسكن المتوسط، بسعر 8500 درهم للمتر المربع في حي الرحمة بضواحي الدارالبيضاء، لكنهم تفاجئوا بأن مساحات الشقق تقلصت بحوالي 12 في المائة، وقفز سعر المتر المربع إلى أزيد من 9100 درهم. وعندما واجه الزبناء شركة "أليانس" بهذا الأمر، أخبرهم مسؤولوها بأن عقود الوعد بالبيع التي وقعوا عليها لا تشمل السعر بالمتر المربع، وأنهم اشتروا بسعر جزافي، لكن المفاجآت لم تقف عند هذا الحد، بل امتدت إلى معاناة من نوع آخر. ولاحظ السكان ما قالوا إنه "تدني جودة التشطيبات، ورداءة المواد المستعملة؛ كتجهيزات المطبخ، والحمام، والزليج المستعمل في تغطية أرضية الشقة، وحائط الحمام، والخشب المستخدم في تركيب دواليب الغرف، والمطبخ، وانعدام شروط السلامة في المرائب. ويقول السكان إن الجودة المتدنية للتشطيبات والمواد المستعملة والمساحات التي تم تقليصها بشكل كبير، لا توحي بأنهم يعيشون في سكن متوسط، لتزيد معاناتهم بعد أن عمد المسؤولون في "أليانس" إلى تجاهل شكاياتهم ومطالبهم، وفق رواية السكان المتضررين. مسؤولو "أليانس دارنا"، بمن فيهم المدير التجاري والتسويق بالشركة، محمد لزرق، وهو شقيق رئيس الشركة الأم، فضل التزام الصمت عندما طرحت عليه هسبريس سؤالا في الموضوع، وفضل عدم الرد. هسبريس حاولت أيضا الاتصال بالمسؤولين في مجموعة أليانس (الشركة الأم) سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة عن طريق وكالة علاقاتهم العامة، دون أن تتلقى أي جواب في الموضوع. تقليص المساحات بشرى جوشين، واحدة من زبناء "أليانس" المتذمرين من المشروع السكني الذي شيدته "أليانس دارنا"، التابعة لواحدة من أكبر المجموعات العاملة في مجال الإنعاش العقاري والمدرجة في بورصة الدارالبيضاء، تسعى لإيصال صوتها وصوت باقي السكان المتضررين من الاختلالات التي طبعت مشروع "رياض الحي الحسني" في الجنوب الغربي للدار البيضاء. تقول بشرى إنها اقتنت شقة في إطار مشروع "أليانس" للسكن المتوسط بحي الرحمة بضواحي العاصمة الاقتصادية، وأنها اعتمدت في اختيارها على الجذاذات الإعلانية التي كانت تؤكد حرص المنعش العقاري على الجودة في الأشغال والتشطيبات النهائية الخاصة بهذه الشقق. وأردفت المتحدثة بالقول "تفاجأنا بكون كل الوعود التي أعطيت لنا لم يتم الالتزام بها من طرف "أليانس دارنا"، وأولى هذه المفاجآت تمثلت في مساحات الشقق السكنية التي سلمت لنا، والتي تقلصت كثيرا مقارنة مع المساحات الموثقة في عقود الوعد بالبيع". وتستطرد جوشين "صحيح أن هذه العقود كانت تتضمن مساحات تقريبية، لكن مصطلح "تقريبي" لا تعني تقليصها بنسبة تصل إلى 10 و12 في المائة، فأنا مثلا اشتريت شقة مساحتها 103 متر مربع، وأديت السعر بناء على هذه المساحة، لأن أليانس كانت تسوق الشقة على أساس البيع بالمتر المربع". ولدى اتصالها بالمسؤولين التجاريين للمجموعة العقارية، لم يترددوا في الرد عليها وعلى باقي السكان بنوع من البرود، وقالوا لهم "هاد الشي لي كاين، المساحة هي تقريبية، وليس لكم خيار ثالث، سوى الاحتفاظ بالشقة، أو التنازل عنها"، حسب رواية نفس المتحدثة. والأدهى من هذا تقول بشرى "حتى بالنسبة للأشخاص الذين كانوا مستعدين للتخلي عن شققهم، بعدما تبين لهم أن المساحة قد تقلصت كثيرا، وجدوا أنفسهم مضطرين للتخلي عن 10 في المائة من القيمة الإجمالية للشقة، وهو ما يعني خسارة لا طاقة للجميع بها". تشطيبات شبه اقتصادية وتواصل جوشين سردها "تقدمنا بمجموعة من الشكايات للشركة سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق مفوض قضائي، لكن الشركة ومسؤوليها لم يكلفوا أنفسهم عناء إجابتنا"، مردفة "تفاجأنا أيضا عندما ولجنا الشقق بوجود مجموعة كبيرة من المشاكل التي تهدد حياتنا". وترشح قائلة "وجدنا أن الأسلاك الكهربائية ربطت ببلاستيك لاصق، وعثرنا على تشققات في حائط الغرف، وقد تم تلبيسها بالجبص، وهو ما تسبب في ظهور الرطوبة، كما سجلنا مجموعة من التسربات المائية من النوافذ". وتابعت المشتكية "اضطررنا إلى استبدال زليج الحمام بآخر ذي جودة مقبولة، كما اضطررنا إلى استبدال كل الأسلاك الكهربائية، وكل الأنظمة المستعملة في توصيل المياه الصالح للشرب داخل الحمام والمطبخ". ولم تقف الأمور عند هذا الحد، تقول بشرى، "نفس الأمر ينطبق على الألمنيوم والرخام المستعمل، والذي كانت جودته جد متدنية، والحواجز الحديدية المستعملة في الشرفات بدأت تصاب بالصدأ"، مضيفة "اتصلنا بمسؤولي أليانس من أجل إيجاد حل لمشاكلنا لكن بدون جدوى". صدمة السكان رُقَية، جارة بشرى، لم تتوان هي الأخرى في اتهام أليانس بأنها تلاعبت برغبتها في الحصول على سكن محترم. وقالت "بمجرد تسلمنا الشقة التي اشتريناها من هذه المجموعة صدمنا، لكن الجميع تجاهل مطالبنا، والكل بدأ يختفي وراء العقد الذي وقعناه". وصرحت رقية لهسبريس "أنا شخصيا صدمت عندما اكتشفت أن "أليانس دارنا" عمدت إلى تغيير المدخل الرئيسي لعماراتنا من أمام الشارع الرئيسي لطريق الرحمة، إلى الزنقة الخلفية قبالة المجمعات السكنية الاقتصادية". وأضافت "كان أملنا أن تقدم "أليانس "على حل مشاكلنا، لكن الأمور لم تسر في هذا الطريق، وتم تجاهلنا والتغاضي عن المشاكل التي نتخبط فيها، والتي أصابت الجميع بصدمة كبيرة، إذ أن هناك العديد منهم من فكر في بيع شقته للتخلص من هذا الكابوس". "كوارث وتصدعات" "الكوارث"، بتعبير المشتكين، التي سقطت على رؤوس سكان هذا المجمع السكني، لم تقف عند هذا الحد، إذ يؤكد الكثيرون منهم التغيير الذي وقع على تصميم المشروع، وإقدام "أليانس" على حذف زقاق كان يؤدي إلى طريق الرحمية، ويفصل بين مجمعين سكنيين. وقالت إحدى المتضررات من حذف هذه الزنقة، إنها اشترت شقتها على أساس توفرها على واجهتين، لكن فوجئت بأنه تم حذفها دون أن تكلف الشركة نفسها عناء إخبارهم استشارتهم فيما إذا كانوا يرغبون في الاحتفاظ بشقتهم، أو تغييرها، أو سحب أموالهم، بل عمدوا إلى وضعهم أمام الأمر الواقع. محسن عطي الله، عضو تنسيقية ممثلي سكان "رياض الحي الحسني" بالدارالبيضاء و"باب سبتة" بالفنيدق، أكد وجود مجموعة من الخروقات تتعلق بنظام إطفاء الحريق في المرائب بجل العمارات السكنية التابعة لمشروع "رياض الحي الحسني" للسكن المتوسط. وأوضح المتحدث بأن مجموعة "اليانس" لم تحرص على ضمان سلامة وأمن هذه المرائب، ولم تكلف نفسها عناء ربطها بالمياه، وهو ما يعرض حياة الساكنة للخطر في حال اندلاع أي حريق. ويضيف "الاختلالات طالت جودة المواد المستعملة، والتي تسببت في بروز رطوبة غير طبيعية في أساسات هذه العمارات، وتسربات مائية في قنوات المياه الصالحة للشرب، وقنوات الصرف الصحي، وتشققات ت مهمة في الشقق والأجزاء المشتركة للعمارات". وكشف المتحدث أن شكاية تم توجيهها إلى مسؤولي الشركة تتضمن إشارة إلى المرافق العمومية التي لا تطابق دفتر التحملات، ومعايير الجودة المتفق عليها، سواء تعلق الأمر بالمرأب، أو مدخل العمارة، أو مضخات إخراج المياه، وإطفاء الحريق، وسلم النجاة والطلاء. ومن الخروقات التي سجلتها التنسيقية في مشروع "رياض الحي الحسني"، وفق ذات الشكاية، "إحداث تغييرات في تصميم المجموعات السكنية، وحذف شارع يفرق بين مجموعتين سكنيتين، مما ألحق أضرارا بنحو 16 شقة كانت لهما واجهتين حسب التصميم المقدم من طرف أليانس". "باب سبتة" معاناة بطعم المرارة وتختلف معاناة زبناء أليانس في مشروع "رياض الحسي الحسني" بالدارالبيضاء، كثيرا عن معاناة زبناء مشروع "باب سبتة" لنفس المجموعة العقارية. ووفق تأكيدات كل من قاسيمي عدنان وسعيد الزرق، عضوي تنسيقية ممثلي سكان "رياض الحي الحسني" بالدارالبيضاء و"باب سبتة" بالفنيدق، فإن مساحة الشقق قد طالها تقليص تراوحت نسبته ما بين 10 و15 في المائة. وأشار المتحدثان، في تصريحات لهسبريس، إلى أن شركة أليانس لم تتمم مجموعة من الاجتزاء المشتركة للمشروع، من ضمنها عدم إنهائها لأشغال بناء مسبح الإقامة وتسليمه لاتحاد الملاك المنتخب في غشت 2014، وعدم إقامة حواجز عند كل منفذ من منافذ الإقامة، وإتمام أشغال الحاجز بين الإقامة وباقي التجمعات السكنية المجاورة. وقال عدنان "اشترينا من أليانس شقق في إقامة مغلقة وفق ما أظهرته الجذاذات الإعلانية التي سلمت لنا قبل قيامنا بعملية الشراء، ولم تسلمها "أليانس" لاتحاد الملاك كما وعدت بذلك إدارة الشركة. وأشار ذات المتحدث إلى أن هناك مجموعة من الأمور غير المفهومة، من قبيل إقدام الشركة على حذف طريق مباشر كانت ستربط الإقامة السكنية بالطريق الرئيسي، رغم أن تصميم المشروع كان ينص عليها. رأي "أليانس" "أليانس"، التي لم يتمكن السكان من إيجاد أرضية مشتركة مع إدارتها من أجل معالجة الاختلالات التي تقض مضجعهم، فضلت اللجوء إلى الصمت في تعاطيها مع الجريدة. يوم الخميس كان اليوم الذي وعد فيه محمد لزرق، المدير التجاري والتسويق لأليانس، بأن الشركة ستتصل بهسبريس، في الساعات الأولى من صباح الجمعة 27 فبراير، للإدلاء برأيها في الموضوع، وهو الوعد الرابع الذي أخلفته المجموعة العقارية في ظرف 10 أيام.