بعْد خوْضهم ثلاثة إضراباتٍ عن العمَل خلال السنة الماضية تراوحتْ ما بيْن أربع وعشرين ساعة وثلاثة أيّام، وتنفيذ وقفاتٍ احتجاجيّة، عادَ موظفو وموظفاتُ بريدِ المغربِ إلى الاحتجاج، صباحَ اليوم الجمعة، معَ خوْض إضراب إنذاريّ جديد عن العمل لمُدّة أربع وعشرين ساعة. ويأتي الإضراب الجديد لموظفين وموظفات بريد المغرب، لمطالبة الإدارة بالاستجابة لمطلبٍ لم يتمّ التوصّل بشأنه إلى اتفاق بيْن الإدارة والنقابتان الممثلتان للمستخدمين، ويتعلّق بالزيادة في الأجور، والذي كانَ الشعار الرئيسي للوقفة الاحتجاجية التي خاضها البريديّون صباح اليوم أمام المقرّ المركزي لبريد المغرب بالعاصمة الرباط. ورَفَع موظفو وموظفات البريد المشاركون في الوقفة الاحتجاجية شعارات ندّدوا فيها ب"الحُكرة والتهميش والتجويع" التي قالوا إنها تطالهم من طرف الإدارة المركزيّة، كما ندّدوا ب"المحسوبية والزبونية التي تتمّ على أساسها الترقية"، وقالَ المحتجّون إنّ سياسة التنقيط في بريد المغرب لا ترتكز على معيار قانوني. وتأتي مُطالبةُ البريديين بالرفع من الأجور وتحسين الدّخل، على إثر إقدام الحُكومة على رفْع الدعم عن أسعار المحروقات، "وهو ما أدّى إلى تدهور القدرة الشرائية لموظفي وموظفات البريد، بعْدَ ارتفاع أسعار الموادّ الأساسية"، وفقَ ما أفادَ به نور الدين السلاكي، الكاتب العامّ للجامعة الوطنيّة للبريد واللوجستيك. وقالَ السلاكي في تصريح لهسبريس إنّ سُعاةَ البريد تضرّروا بشكلْ مباشر من رفْع الدعم عن أسعار المحروقات، إذْ لمْ تعمَدْ الإدارة المركزيّة إلى رفْع المبْلغ الذي تمنحه لهم لشراء بنزين الدرّاجات الناريّة، وهوَ ما يجعلهمْ يضطرّون، حين ترتفع أسعار المحروقات، إلى دفْع مصاريف البنزين الزائدة من جيوبهم، بحسب تعبيره. واتّهم السلاكي الإدارة المركزيّة لبريد المغرب ب"الكيْل بمكياليْن" في تعاملها مع موظفيها، قائلا "المُدراء المركزيّون تكتري لهم الإدارة سيّارات فاخرة بما بيْن 10 و 11 ألف درهم في الشهر، بيْنما لا تكلّف نفْسها عناء منْح 300 أو 500 درهم لسُعاة البريد من أجْل اقتناء بنزين الدرّاجات النارية التي يستعملونها في الخدمة". وتتّهم النقابة الوطنية للبريد التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للبريد واللوجستيك التابعة للاتحاد المغربي للشغل، الإدارة المركزية لبريد المغرب بعدم الجدّية في المفاوضات، وقال السلاكي بهذا الشأن "منذ أن نفّذنا إضراب 72 ساعة، إلى غاية عشيّة إعلان إضراب اليوم، كانَت نتيجة تراكم المفاوضات مع الإدارة صِفْرا". ويبْدو أنّ احتجاجَ البريديين على الإدارة المركزيّة سيعرف مزيدا من التصعيد، في حال لم تستجب الإدارة لمطالبهم، فبيْنما رفَعَ المحتجّون أمام الإدارة المركزية شعاراتٍ من قبيل "ما مفاكّينش ما مفاكّينش، ومع الإدارة ما مصالحينش"، قالَ السلاكي "إذا لمْ تجْنح الإدارة إلى مفاوضات مسؤولة وجدّية سنضطرّ إلى التصعيد". ودُون أن يوضّح طبيعة الخطوات التصعيدية التي تعتزمُ النقابتان الممثلتان لشغّيلة بريد المغرب اللجوء إليها، قال السلاكي "كنّا نتمنّى ألّا نصل إلى الإضراب، لكنّ تعنّت الإدارة أرغمنا على ذلك، وإذا لم تتحمّل الإدارة مسؤوليتها وتسهر على فتْح مفاوضات جدّية ومثمرة في صالح المؤسسة والشغّيلة سنصعّد احتجاجاتنا أواخرَ شهر مارس وبداية أبريل".