السنة الأمازيغية 2975.. أخنوش يقوم بزيارة لمعرض الصناعة التقليدية لأكادير إداوتنان    المديرية العامة للضرائب تحدد سعر صرف المداخيل بالعملات الأجنبية برسم سنة 2024    ملاكمة.. اعتزال بطل العالم السابق في الوزن الثقيل تايسون فيوري    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    بايدن: إعادة إعمار لوس أنجلوس ستكلف عشرات مليارات الدولارات    هذه توقعات الأرصاد الجوية اليوم الثلاثاء    شراكة استراتيجية لتعزيز خدمات الوقاية المدنية بعمالة طنجة أصيلة    هيئة المحامين بالرباط تثمن الثقافة الأمازيغية في احتفالية "إيض يناير"    تدريس اللغة الأمازيغية.. تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي بالتخصص المزدوج    محاكمة محمد أبركان: غيابات مثيرة للجدل وشهادات طبية تحت المجهر    جوردان بارديلا: يجب على المفوضية الأوروبية أن تتحرك لردع النظام الحاكم في الجزائر    إنذار جديد باتساع رقعة حرائق لوس أنجلوس    صور أكراد "قسد" مع البوليساريو.. النظام الجزائري في مرمى الاتهام وتناقضاته تكشف نواياه الحقيقية تجاه أنقرة    تدريس اللغة الأمازيغية.. تكوين أزيد من 3000 أستاذ للتعليم الابتدائي    التوتر السياسي بين فرنسا والجزائر : اتهامات و تصعيد دبلوماسي    حزب ‬الاستقلال ‬يطلق ‬مبادرتين ‬هامتين ‬    قافلة الأكاديمية الدولية للتراث الثقافي اللامادي تحل بالحسيمة    لقجع: الزيادة في ثمن غاز البوتان غير مطروحة على طاولة الحكومة    وزارة الداخلية تقرر توقيف قائد للاشتباه في تورطه بإحدى جرائم الفساد    طنجة: توقيف شخص وزوجته بتهمة حيازة وترويج 1781 قرصًا مخدرًا ومخدرات متنوعة    الوداد يؤكد التعاقد مع فهد موفي    نمو الاقتصاد الوطني محفوف بمخاطر الجفاف وتراجع معدلات الأمطار التي انخفضت بنسبة 60.6 %    الكتاب الأمازيغي: زخم في الإنتاج ومحدودية في الانتشار نسبة النشر بالأمازيغية لا تتعدى 1 %    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    شادي رياض يتألق في أول ظهور بعد الإصابة    جبريل الرجوب يصلح زلة اللسان بخصوص مغربية الصحراء    أربعة مشاريع مراسيم على طاولة مجلس الحكومة المقبل    وزارة الصحة تبدأ في عملية تلقيح البالغين ضد داء بوحمرون    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    مسؤول يكشف أسباب استهداف وزارة الصحة للبالغين في حملة التلقيح ضد بوحمرون    مراجعة اللوائح الانتخابية العامة : إمكانية التأكد من التسجيل في هذه اللوائح قبل 17 يناير الجاري    وزارة ‬الصحة ‬تتدخل ‬بعد ‬تواصل ‬انتشار ‬‮«‬بوحمرون‮»‬.. ‬    الدوري السنوي لنادي اولمبيك الجديدة للكرة الحديدية , إقبال مكثف وتتويج مستحق    موجة برد مرتقبة من الثلاثاء إلى الجمعة بعدد من مناطق المملكة    نبيل صانصي يصدر ألبومه الجديد "الكوحل"    رواية "على بياض" لخلود الراشدي.. تجربة فريدة تتناول موضوع الإدمان وتمزج فن الراب بالرواية    أطباء القطاع العام يعلنون إضرابا وطنيا لعشرة أيام احتجاجا على تجاهل مطالبهم    المنتخب المغربي لكرة القدم لأقل من 16 سنة يخوض تجمعا إعداديا بسلا    أنشيلوتي يعترف : ريال مدريد لم يكن متماسكا وبرشلونة كان الأفضل    فن اللغا والسجية.. الظاهرة الغيوانية بنات الغيوان/ احميدة الباهري رحلة نغم/ حلم المنتخب الغيواني (فيديو)    راديو الناس.. هل هناك قانون يؤطر أصحاب القنوات على مواقع التواصل الاجتماعي (ج1)؟    على أنقاض البيئة.. إسرائيل توسع مستوطناتها على حساب الغطاء النباتي الأخضر    قطر تسلم إسرائيل وحماس مسودة "نهائية" لاتفاق وقف إطلاق النار    شي يشدد على كسب معركة حاسمة ومستمرة وشاملة ضد الفساد    أخنوش: ملتزمون بترسيم الأمازيغية    فيتامين K2 يساهم في تقليل تقلصات الساق الليلية لدى كبار السن    الدولار يرتفع مدعوما بالتقرير القوي عن سوق العمل    أطباء مغاربة يطالبون بالإفراج عن الدكتور أبو صفية المعتقل في إسرائيل    للتعبير عن انخراطهم في حملة "مرانيش راضي".. احتجاجات شعبية في ولاية البويرة الجزائرية (فيديوهات)    النفط يسجل أعلى مستوى في أكثر من 3 أشهر مع تأثر صادرات روسيا بالعقوبات    تحذيرات خطيرة من كاتب سيرة إيلون ماسك    دراسة: ثلث سواحل العالم الرملية أصبحت "صلبة"    بولعوالي يستعرض علاقة مستشرقين بالعوالم المظلمة للقرصنة والجاسوسية    تحرك وزارة الصحة للحد من انتشار "بوحمرون" يصطدم بإضراب الأطباء    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لماذا العلمانية هي الحل؟" ¼..
نشر في هسبريس يوم 19 - 02 - 2015


مقدمة
أعلم أن العنوان مستفز نوعا ما.. أعلم أنك عزيزي القارئ وأنت تضع "الكليك" على الرابط تكون ولاشك واحدا من ثلاثة.. إما شخصا يفهم أن "العلمانية ليست بدعة شيطانية ولا نبتا شريرا"، وإما شخصا منفتحا على كل الاحتمالات لأنك تعودت أن لا تسارع في الحكم على الأشياء والأشخاص قبل التعرف إلى الأشخاص والأشياء، وإما شخصا تستفزه كلمة "علمانية" ويتخيلها على شكل "معول" أو "مطرقة" أو مسمار أو نعش، أو عدو يملك الحرب والحراب والسلاح وفي نيته تدمير "المقدس" الذي كانه ويكونه دوما "الدين"... أكيد أنك عزيزي القارئ واحد من ثلاثة...ولهذا أقول لك بالبداية شكرا لك لأنك قبلت ممارسة أولى قواعد الرأي والرأي الآخر، والفهم والفهم الآخر، والتعقيب والتعقيب الآخر، وهي القراءة أولا، ومحاولة الفهم ثانيا، والنقاش بعيدا عن "عاطفة معطوفة سابقة مسبقة أزلية في القدم، غير خالدة في المعنى"...ثالثا.
ما هي هذه "العلمانية" اللعينة التي يدعون أنها الحل الذي ما بعده حل؟ ولماذا تعادي هذه العلمانية اللعينة الدين، ولماذا، كما يؤكد لنا المشايخ وأصحاب مجموعة من اللحى التي طالت أبعد من الحقيقة أن العلمانيين هم مجموعة من "الملاحدة الكفرة بالله الذين يجب في حقهم التعزير والتنكيل لأنهم الغلاة ضد الدين المجاهرون له بالعداوة؟... لماذا أصبح المواطن المسلم العادي يتخيل أن العلمانية هي "عيشة قنديشة شخصيا" أو "ماما غولة" أو "مسخ من المسوخ" الذي يريد هدم الدين؟ وكيف تم إقناع هذا المواطن بهذا ولماذا تحولت كلمة "العلمانية" منذ البداية إلى "أكبر سوء فهم" في تاريخ المفاهيم الكونية لدى المواطن المسلم العادي، غير المتخصص...؟ لماذا أصبحت العلمانية نقيضا للدين هكذا بكل بساطة حتى تحولت إلى ملخص لكل الشرور في ذهن المواطن العادي فيما الحقيقة أبعد من ذلك بمليون مرة... بل إنك لو قلت لأي كان (من كثيرين) اليوم أن "الإسلام دين علماني" لقالوا لك فورا "أعوذ بالله" وكأنك تقول لهم أن الإسلام دين يحث على تعذيب الأطفال والعجائز"؟...
طيب... لهذا، ومن أجله نكتب هذه الرباعية... والتي ارتضينا لها هذا العنوان حتى تكون الفصل المؤقت في تصحيح ما تسرب إلى الأدمغة من أهواء مغلوطة بخصوص العلمانية بثتها أفواه متشدقين ب"اللاهوت" واعتنقها جمع كريم غير قليل العدد من المواطنين الذين يكتفون في جمع المعلومات الضرورية عن الحياة من أفواه المتكلمين البارعين في نسج الأكاذيب بالمقاهي والمساجد والحانات والبيوت التي أسدلت على نوافذها ستائر من عمق التدليس على الحقيقة... دعونا نفهم أولا..
ما هي هذه العلمانية اللعينة...
أولا.. العلمانية ليست دينا، وليست معتقدا، وليست مخلوقة من مخلوقات إنسان أرد أن يعادي بها أحدا.. العلمانية هي حالا ملخص شامل للتقدم على مضمار الحضارة...وحين يتم اتهام العلمانيين بكونهم أدوات لهدم الدين مأجورة من الغرب فهذا يتم أساسا لأن العلمانيين المسلمين يرون أن الغرب هو التجسيد الحقيقي لطريقة في الحكم والسياسة تؤدي إلى التقدم رأسا... وهذه الطريقة هي العلمانية ولو كان للصين أن تكون "مبدع العلمانية" لكان لأعداء العلمانيين أن يتهموها بالعمالة إلى الصين، أما الحقيقة فهي واحدة، العلمانية أثبتت أنها الطريقة الأنجح في تدبير السياسة والدولة والمجتمع بما يقود رأسا إلى التقدم ولعل الدليل القائم على كلامنا هذا أن كل الدول العلمانية الغربية متقدمة تكنولوجيا وتصنع كل شيء فيما نحن الذين أسأنا تأويل "وكنتم خير أمة أخرجت للناس" نقع أسفل سلم الحضارة ونستهلك كل شيء دون أن ننتج شيئا....
كل الدول العلمانية متقدمة، وكل الدول الإسلامية التي تدعي أن "الإسلام هو الحل"لا متخلفة ومعها كل الدول التي تدعي أن "المعتقد سبيل إلى التقدم" رغم كون المعتقد يبقى من الروحانيات التي لا علاقة لها بالعقل المفكر المجدد المبدع خارج قوالب "آمن دون أن تناقش"...
ما هي إذا هذه العلمانية اللعينة؟ وما علاقتها بالدين أولا، وبقضية التخلف والتقدم ثانيا، وما علاقة المجتمع من جهة والسياسة من جهة أخرى بهذه العلمانية؟ وكيف يقتنع المسلمون أن العلمانية ليست ضد الدين إطلاقا، بل ضد تدخله في السياسة. وما علاقة تدخله في السياسة في تخلف المسلمين وتقدم الغرب؟ وكيف يمكن للمسلم أن يكون علمانيا؟ ولماذا تقع كل هذه الأسئلة تحت طائلة حديثنا عن كون "العلمانية هي الحل" وعن كون "الإسلام دينا علمانيا" وليس دينا لاهوتيا لأن "لاهوت الإسلام" أسسه التراث ولأنه لا علاقة له بمنظور الإسلام في (وعن ومن داخل) السياسة؟ ثم ما علاقة كل هذا بحاجتنا إلى العلمانية في المغرب وحاجتنا إلى ضرورة فهم أولى شروط الديمقراطية بصفتها الابنة الشرعية للعلمانية الإنسانية، وبصفتنا واحدا من البلدان القليلة التي انفلتت من جحيم أسموه "الربيع الديمقراطي" لأننا نؤمن كمغاربة أن "الدمقراطية نتيجة للحضارة" وليست مقدمة لها؟ ولأننا نؤمن أن استغلال الإسلاميين في المغرب للمشاعر الدينية المقدسة (وفق نفس الاستغلال البغيض للدين في السياسة كما حدث في
التراث) من أجل الحصول على الحظوة السياسية وقلب المغرب إلى بلد "إخواني" يقع في عمق مفهوم سياسي للدين" لا يمكن أن ينطلي على المغاربة ولا يمكن أبدا أن يكتسب مشروعية مقدسة لممارسة السياسة وضمان الاستمرارية بعد الانتخابات..
في المغرب، قمنا بانقلاب صغير على الربيع... فهمنا أن المجتمع يسبق الحكامة والحكومة معا وفهمنا أن الإصلاح يبدأ من تنقية الدين من شوائب السياسة وفهمنا أن الانخراط في "الكونية" أضمن لنا لكي نحلم يوما بالتقدم وريادة هذا العالم الإسلامي الموغل في "الماضي" والغارق في تجاذباته....
لهذا يجب أن نفهم أن "الدين" لا يكون موضوعا للعلمانية إلا حين يتدخل الدين ف السياسة، الذي هو مجال اشتغال العلمانية.. فالعلمانية قضيتها في السياسة وليست مع الدين ما لم يحاول الدين التدخل في السياسة لكي يضفي عليها شرعية الممارسة أو لكي يجعل لها سندا مقدسا في الممارسة وهو ذاته السند المقدس الذي يعمي الأبصار عن الحق والحقيقة مادامت الحقيقة كلها في "ما يراه "فقه السياسة"...
هنا فقط.. وعند هذه النقطة يمكننا أن نكرر تلك اللازمات الشهيرة في تعريف العلمانية لعلها تكون واضحة مفهومة.. فالعلمانية "منهاج في السياسة" (وليست لا دينا جديدا ولا معتقدا يناقض الدين لأنه يهتم بتدبير الشأن العام على أسس "إنسانية" لا أقل ولا أكثر)... والعلمانية ليست مجرد فصل للدين عن السياسة، بل فصل للسياسة عن الدين...فصل للمقدس الذي يجعل الناس يقولون "نعم" و"تحت الأمر والطاعة" لقوة غيبية قاهرة يتم استغلالها لإخضاع الناس عوضا عن مفهوم آخر تماما جعل الغرب يتقدم والمسلمين يتأخرون قوامه أن "نحن مسيرون لا مخيرون"....
العلمانية تعني أن "أساس الانتماء إلى الجماعة هو المواطنة وليس "العصبية" "دينية كانت أو قومية أو غيرها من الإثنيات الضيقة"... يعني.. أنك حر في ممارسة عقيدتك...حر في ممارسة شعائرك... لا تفرض علي ولا أفرض عليك قوانينا معينة من عمق إيماني أو إيمانك... نعمل معا من أجل وطن واحد، الذي هو المغرب في حالتنا...
كانت السنة تشير إلى نهاية التسعينات... وكنت أدرس بالجامعة.. وكنت أومن على غرار الكثيرين بمقولات جاهزة لا أملك عنها دليلا بكون "الإسلام هو الحل" وبكون العودة إلى الدين ستجعلنا متقدمين وسادة للقوم حتى يصبح العالم كله إسلاميا والبشر كلهم مسلمين فتنتهي الحدوثة وينتهي العالم ويحصل الرضا لرب غريب يريد أن يكون البشر جميعهم على ملة واحدة وإلا ف"جهنم بالمرصاد"...رب لا علاقة له بالإسلام ولا بأي دين على الإطلاق...
كنت أشاهد كثيرا برنامج الاتجاه المعاكس... ويوما ما كنت على موعد مع حلقة حول "العلمانية" وكان بطلاها الشيخ يوسف القرضاوي وضيف آخر لم أعد أذكر اسمه (لأني كنت نصيرا للقرضاوي ضد العلمانية آنذاك) وكنت قد انطلقت في مشاهدة الحلقة من موقف معاد للعلمانية من الأساس مادام القرضاوي (شيخنا الجليل) يقف موقفا مضادا لها، وكان ما رسخ في ذهني مقدمة القرضاوي وهو يقول أنه نطق العلمانية بعين مكسورة حتى يكسر عينها وكانت بلاغة القرضاوي هنا وهو يهاجم العلمانية معجزة بالنسبة لي آنذاك... ولكن بالنهاية.. وبعد مرور سنوات عديدة فهمت أن القرضاوي كان له دور خطير في "تشكيل هذه الصورة السلبية عن العلمانية" ومعه كل فقهاء السلف على فضائيات الإسلام السياسي.. وهو ما دفعني للبحث أكثر والقيام بإطلالة على التراث جعلتني أفهم أن الإسلام ليس "دينا سياسيا" حتى لو كانت له ظروف تنزيل وممارسة سياسيين (أتطرق إليهما لاحقا) وأنه بمنطوقه دين "آخر" يحق لمن يؤمن به أن يؤمن به دون الادعاء بامتلاك الحقيقة مادامت الحقيقة المطلقة جزء من "الآخرة" وليس "الدنيا" وهي بنفس المعنى حقيقة نسبية في الدنيا، مطلقة في الآخرة، فمن شاء أن يؤمن فليثبت قضيته في الآخرة لأن الدنيا أرض معركة يخوضها كل البشر وحبذا لو خاضوها بشكل سلمي يثبت نسبية وإنسانية كل واحد منهم...
ألقاكم في الجزء الثاني الذي كان الجزء الأول منه مجرد مقدمة...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.