المكافح المغربي هو الذي ولد من رحم المعاناة، هو الذي ولد من أبوين لا دراية لهما بتنظيم النسل، هو الذي لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، هو الذي عاش طفولة القهر والحرمان أو صودرت طفولته، هو الذي عاش في شدة الحر صيفا وفي شدة البرد شتاء. المكافح المغربي هو الذي افترش حصيرة، هو الذي شارك إخوته غطاء واحدا رثا متآكل الأطراف ينتج الحر صيفا ويصدر البرد شتاء إلى مملكة العظام ، هو الذي عانى من الإقصاء، هو الذي لم ينعم بملذات الطفولة والحنان، هو الذي ولج المدرسة في سن السابعة، دون أن تتاح له فرصة الدخول إلى الروض. المكافح المغربي هو الذي أهين في المدرسة، عمدا، لما علم مُدرسه فقر أبيه وجهل أمه، دون أن تتدخل الإدارة لإنصافه، هو الذي لم توجه لولي أمره دعوة الحضور لاجتماع جمعية الآباء في المؤسسة، هو الذي استُغلت براءته. هو الحاصل على شهادة الدروس الابتدائية في ظروف مريرة علقمها السكن في مكان قصي وقاس: مشى مسافات طويلة للوصول إلى مكان الدراسة. المكافح المغربي هو الذي تفوق في الدراسة ولم تمنح له جوائز التفوق، هو الذي عين مسؤولا قبل وصوله سن المسؤولية، هو الذي أتم دراسته في الجامعة بعيدا عن أسرته، هو الذي تعلم فن الطبخ مكرها لا بطلا، هو الذي هيأ وجبات لم تتضمن كتب الطبخ مقاديرها، هو المناضل الذي تحمل عناء التنقل إلى الجامعة في حافلات مهترئة المكابح ومتآكلة العجلات، هو الذي ولج الوظيفة العمومية بجدارة واستحقاق دون تدخل صهره أو خليل أخته، هو الذي ولد في مكان معين وعُين في مكان بعيد لا يقل عن مئة فرسخ. المكافح المغربي هو الذي قاوم العياء ابتغاء مساعدة الآخرين، هو الذي تحمل تكاليف الحياة قبل توصله بمستحقاته الأولى، هو الذي يقترض لإتمام تكاليف المصاريف اليومية. هو الذي يؤدي ثمن تذكرة الحافلة للتنقل من مسكنه إلى مقر عمله يوميا، هو الذي استقل سيارات غير مرخص لها للنقل، هو الذي عين في الوظيفة العمومية وواصل متابعة دراسته آملا تحسين اوضاعه متجاهلا بعد المسافة وتعنت الإدارة. هو الذي تعذب في تسجيل اسمه في الجامعة المغربية، هو الذي يزداد إصرارا كلما واجهته الصعوبات والعقبات، هو المؤمن بحقه في الحصول على مطمحه مهما كلفه الأمر، هو الذي تعرض لمضايقات ويتعرض للظلم كلما واجه أرباب القرار، هو الذي نقل من مكان إلى مكان آخر قسرا، هو الذي خليله الفقر وصديقه العوز، هو الذي أبرم عقدا أبديا مع الفقر، هو الذي تعذب من أجل البحث عن دكتور مشرف على بحثه، ولم يكن الأستاذ مهيأ له، هو الذي فرض نفسه بأفعاله وأخلاقه. المكافح المغربي هو الذي لم يحض بالاهتمام إلا بعد أن أثبت مكانته في مجال تخصصه، واعترف به من هو خارج وطنه، هو الذي وجد نفسه محرجا أمام عوز عائلته وطموحاته المتقدة. هو الذي لا يجد بديلا عن الاعتماد على ذاته لتحقيق مبتغاه. هو الذي سهر في المحطة الطرقية وانتظر قدوم الحافلة التي قد تأتي وقد لا تأتي. هو الذي اشرأب عنقه على كرسي الحافلة بسبب العياء لا بغية الإنصات إلى من هم بجانبه، هو الذي تلاعب به من هو دون مستواه . هو الذي تنازل عن أشياء تكرما لا غباء. هو الذي تفنن في صنع اللاءات رغم بريق الإغراءات، هو الذي استقام وقال: ربي الله . فهل أنت مثله؟