في الوقت الذي تم إنهاء الاستعمار في بقية العالم، يعتقد باحث بارز في شؤون المركزية الأوروبية وظهور الإسلام أن أوروبا تحتاج للتخلص من عقليتها الاستعمارية، وأن تقبل بالتعددية والمسلمين في المجتمع الأوروبي، معتبرا أن القارة العجوز تعاني من أزمة هوية لم تنعتق بعد. وفي مقابلة معه ببريتوريا الجنوب إفريقيّة قال سلمان سيد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة ليدز في بريطانيا، إن "أوروبا تحتاج إلى التخلص من العقلية الاستعمارية وتحرير ذاتها".. وأشار إلى أنه كان هناك نقاش القليل للغاية بشأن هذا الموضوع في الماضي، لأن الأوروبيين يبدو أنهم ما زالوا يعتقدون بأن سواهم لا يمكنهم التفكير.. وأضاف: "علينا أن نفهم هذا الأمر باعتباره عملية إنهاء الاستعمار، ما لم تتخلص أوروبا من عقليتها الاستعمارية، فإنها ستحاول كبح تنوع العالم". ولفت سيد إلى أن هناك طرقا مختلفة للتفكير في العالم، وهذا يمكن أن يشكل طرقا مختلفة لتحقيق التعايش، ويأتي "في قلب كل هذا أزمة الهوية الأوروبية، وليس الإسلامية".. واعتبر الباحث أن ظهور أحزاب معادية للمسلمين في هولندا والدنمارك وبريطانيا يعكس المخاوف الأوروبية.. وتابع: "إنهم يدركون أن أوروبا لم تعد مركز العالم. وبدلا من قبول ذلك، فإنهم يلقون باللائمة على الوجود الإسلامي، فعندما يرون امرأة ترتدي الحجاب، يعتقدون إنه هجوم على الجمهورية الفرنسية". وبالنسبة لسيد، فإن مثل هذا الوضع يظهر أن المسلمين مطالبين بأن يصبحوا "معالجين للقلق الأوروبي".. وأردف: "كثير من الأوروبيين يعتقدون أن المشكلة الأولى التي تواجه النساء المسلمات هي الحجاب" لافتا إلى أن الحال لم يكن كذلك. وبين الخبير أن "هناك أنواع أخرى عديدة من المشاكل مثل البطالة، والعنف المنزلي، أو مهما كانت.. لكن مشاكل الأوروبيين ليست بالضرورة هي مشاكل المسلمين".. وزاد بالقول: لسنوات عديدة، وضعت أوروبا نفسها في مواجهة الإسلام. وتكمن الصعوبة الآن في كيفية تصور أوروبا مختلفة يلعب الإسلام فيها دورا". من جانبه، اعتبر الباحث أن حرية التعبير ليست مطلقة أبدا، واعتبر أن "حرية التعبير في فرنسا محدودة".. وزاد بالقول: "هذا ليس خطأ، لا يمكن أن يتمتع أي مجتمع بحرية تعبير مطلقة. وحدود ما يعتبر حرية تعبير تتغير مع تغير المجتمع". وبينما أشاد كثيرون بحمل أسبوعية "شارلي إبدو" لواء الدفاع عن حرية التعبير، اعتبر الباحث أن المجلة الساخرة "تقود الإسلاموفوبيا للمؤسسة الفرنسية".. وحذّر الخبير من الضرر الذي يلحق بمجتمع يريد أن نكون متسامحا وسلميا، إذا واصل إذلال وتشويه صورة مجموعة من الناس.. وتابع: "الناس من الجنوب تعبوا من الإشارة الى جميع الخلافات بين ما يدعي الغرب أنه حرية التعبير وكل حادثة على حدة في الوقت الذي يساومون على هذه الحرية". وفي هذا الصدد قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، إن حرية التعبير لا ينبغي الخلط بينها وبين معاداة السامية والعنصرية وإنكار "الهولوكوست".. واضاف البحث "إذا كنت ترغب في أن تأخذ شيئا إيجابيا من أحداث باريس، تحتاج فرنسا للنظر إلى ذاتها، في أي شكل تريد أن تصبح في المستقبل".. واختتم متسائلا: "فرنسا تؤمن باستثنائية الغربيين وامتياز البيض، أم فرنسا جديدة قادرة على إعادة تطوير نفسها كأمة تحتوي جميع من يعيشون فيها، وتشركهم في نقاشها؟". * وكالة أنباء الأناضول