"درجاتٌ تحت الصفر"، هذا ما بات المواطن المغربي يُحاول التكيف معه مؤخرا كلما اطلع على نشرات الطقس، بالرغم من وجود المغرب بالقارة السمراء التي عادة ما تعرف درجات حرارة مرتفعة طيلة شهور السنة. وإذا كانت مناطق بالمغرب معتادة على تدنِّي زئبق المحرار إلى ما تحت الصفر، خاصة منها مدن وقرى جبال الأطلس، فإن سكان مناطق أخرى باتوا مضطرين للتكيف مع هذا الواقع المناخي الجديد الذي يفرض نفسه بقوة مع التغيرات المناخية بسبب الاحتباس الحراري. تعليقا على موجة البرد التي تجتاح المغرب، أوضح محمد سعيد قروق أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن ما يعيشه المغرب الآن هو من أحد مميزات المناخ الجديد الذي تعيشُه الكرة الأرضية منذ عشر سنوات، مشددا بالقول " اليوم نحن في وضعٍ مُغاير تماما بسبب احتِرار الأرض ما أدى إلى استقرار دورة هوائية، تسمى دورة هوائية طولية، بها موجاتٌ حارة تندفع سريعا نحو القطب، إضافة على أخرى باردة تندفع نحو الجنوب وتصل على شمال القارة الإفريقية". وعن أهم ما يُميز فترة الطقس البارد، حسب عضو اللجنة البيحكومية الأممية للتحول المناخي، هو كونها تتمركز في فترة وَجيزة لا تتعدى أياما فقط، غير أن وقعها يكون قاسيا على الطبيعة والبشر وأنشطتهم، على اعتبار أن المغاربة غير مُعتادين على درجات الحرارة جد منخفضة زيادة على عدم تكيُّف البنايات والمنازل مع هذه البرودة. وأفاد رئيس اللجنة الوطنية للتحولات الشمولية، أن هذه البرودة القطبية ستكون بالمناطق الشمالية وستتسبب بهطول ثلوج في المرتفعات، متوقعا أن تعرف السنوات المقبلة موجات برد قصيرة مع وقعٍ قاسٍ، موصيا في ذات الإطار المهندسين المغاربة إلى ضرورة الخضوع لتكوينات يتمكنون من خلالها على تكييف منازل ودور المغاربة إضافة إلى وسائل التدفئة من كهرباء وبنزين مع درجات الحرارة المنخفضة، عبر بناء منازل بمواد خاصة عازلة للبرد القارس وتحتفظ من الداخل بالأجواء الدافئة. وأفاد الخبير في علم المناخ، أنه انطلاقا من يوم الثلاثاء المقبل، ستعود البرودة العادية، لافتا إلى أنها ليست المرة الأولى التي تنخفض فيها الحرارة إلى هذه المستويات جد المتدنية، "فانطلاقا من 2010 تحديدا أصبح المغرب يعرف موجة من البرد قد تطول أو تقصر، وهذا ما شهِدهُ المغاربة في فبراير 2011 وخلال شتاء سنتي 2012 و2013 ". وذكَّر الأستاذ الجامعي، أن موجة البرد وصلت حتى الجزائر الشهر المنصرم، حيث هطلت الثلوج في الصحراء الكبرى للجزائر وتونس، وبعدها وصلت نفس الموجة إلى شرق البحر الأبيض المتوسط نحو تركيا وسوريا وفلسطين ولبنان والأردن والتي خلفت ضحايا وقتلى.