كيفَ لدُول تتذيَلُ تصنيفات أمميَّة في الحريَّة والديمقراطيَّة أنْ تبعثَ رؤساء حكوماتها ووزراءها ليشاركُوا في ال"مسيرة الجمهوريَّة" المنظَّمة ببارِيس، لشجب الإرهاب الذِي طالَ صحيفة "شارلِي إيبدُو" الساخرة، وينادُوا بصون حريَّة التعبير.. كانَ ذاك السؤال الذِي طرحتهُ عدَّة منابر فرنسيَّة قبل انطلاق المسيرة. منْ الضيُوف الذِين استغربتْ منابر فرنسيَّة مجيئهم لشجب الإرهاب والدفاع عن الحقِّ في حياة، ممثلُو كلِّ من السعوديَّة التي شرعتْ، أول أمس الجمعة، في تنفيذِ حكمِ الجلد بحقِّ الناشط رائف بدوِي، بالموازاة مع إدانته بعشر سنواتٍ من السجن، بالإضافة إلى عدم وجُود صحافة حرَّة في المملكة الخليجيَّة، وغياب تعدديَة سياسيَّة، دون إغفال الدعم السعودِي السخِي الذِي أغدق على شخصيَّات بثتْ التطرف عبر فضائيَّات تلفزيَّة. موقع "فانْ مينُوتْ" الفرنسي تساءلَ عنْ الصورة التي ستبدُو بها المسيرة المسيرة غداة حضور ممثل عن مصر التي تدينُ منظمات حقوقيَّة ك"هيومان رايتس ووتش" و"العفو الدوليَّة" تعاطيها القاسي مع المعارضين والأصوات المختلفة بعد الإطاحة بمرسِي. وفيما تفادَتْ المنابرْ الفرنسيَّة إبداء مؤاخذَة حضُور رئيس الوزراء الإسرائيلِي، بنيامين نتانياهُو، ووزير خارجيته أفغيدُور ليبرمان، أعرب عددٌ من أفراد الجاليَة العربيَّة والمسلمة عن رفضهم المشاركة والسير خلف المسؤُول الإسرائيلِي، الذِي ضلعَ في قتل عددٍ كبير من الفلسطينيِّين، مبدِين استغرابهم إزَاء عدم استدعاء اليمِين المتطرف في مقابل توجيه دعوة إلى إسرائيل. بيدَ أنَّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلاميَّة، الهيئة الرسمية بالجمهوريَّة، دعا من جانبه كل المُسلمِين إلى النزُول للمشاركة في المسيرة شجبًا للهجُوم، للتأكيد على أنَّ لا صلة لهُ من قريبٍ أوْ من بعيدٍ بالإسلام. أمَّا تركيا التِي نالتْ بدورها حصَّة من الانتقادات، بتسويقها نموذجًا قاتمًا في احترام حقوق الإنسان وقمع المعارضين، فيمثلها خلال ال"السير التضامني" رئيس الوزراء، أحمد دواوود أوغلُو، فيما سيمثلُ مصر وزير الخارجيَّة، سامح شكرِي، ويحضر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والعاهل الأردني عبد الله الثاني رفقة عقيلته الملكة رانيا. وفيما كان المغرب، الذِي يمثلهُ وزير الشؤون الخارجيَّة والتعاون صلاح الدِّين مزوَار، في في الوقفة قدْ اشترط عدم رفع رسومات تسيءُ إلى الإسلام، يرى منتقدُون للمسيرة أنَّ شجب الإرهاب والمنافحة عن قيم الحريَّة يتعرضان إلى الإفراغ من مضمونهما بحضُور شخصيَّات تنتهكُ حقوق الإنسان داخل دولها. في المقابل، يلتمسُ البعض أعذارًا لباريس، لكونها مضطرَّة إلى أنْ تدعو دولًا تربطها بها علاقاتٌ ديبلوماسيَّة، بالرُّغم من درايتها بكونها ذات سجلات "سوداء" في حقوق الإنسان، أوْ الصحافة بالأحرى، التي تعرضتْ لهجومٍ، يوم الأربعاء الماضي، أسفر عنْ مقتل اثنيْ عشر شخص بمقر الصحيفة.