في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن الدبلوماسية الموازية ومفاهيمها و الهيآت التي تعمل بموجبها في إطار الديمقراطية التشاركية التي أعطاها الدستور الجديد، هذا أمر ايجابي و لكن هذه الاخيرة يجب أن تكون مقننة و ممنهجة و يكون لها أهداف من اجل تحقيق نتائج على أرض الواقع، على اساس أن تكون مكملة للدبلوماسية الرسمية من جهة، و من جهة أخرى تضع أساس ازدهارالعلاقات بين الأمم. في هذا المقال اردت ان اسلط الضوء على دور مغاربة العالم داخل هرم هذه المنظومة والتي يمكن حصرها على عنصرين: الجالية المغربية المقيمة في الخارج بكل قواها و كفاءاتها، والعنصر الثاني خريجى وخريجات الجامعات والمعاهد الأجنبية. هذين العنصرين يمكن لهم تشكيل قاسم مشترك مهم يخدم المصلحة العامة، و هذا ما سأحاول ان أتطرق إليه باختصار، بالنسبة للجالية المغربية المقيمة بالخارج، فكل فرد ينتمي لهذه الشريحة يلعب دور السفير من أول يوم يتخطى فيه حدود البلد المضيف، حيث أنه يفطن، اذا قام بأي شيء يخالف القانون أو السلوك العام، فاسمه دائما مرتبط بوطنه و ينعت ب: “فلان مغربي”. هذا ما يجعل الفرد والذي يعلم ان اسمه متلاحم مع بلده فبدوره يحاول تمثيله بصورة مميزة، و هنا نرى وبدون رسميات النتائج الأولوية للدبلوماسية الموازية حيث أنه ومن خلال تصرفات المهاجر وكيفية اندماجه في الجتمع، تتكون صورة في عقل المواطن المضيف عن بلد المهاجر، بالإضافة إلى الفرد يأتي دورالجمعيات المغربية في بلاد المهجر والتي يجب أن توحد المغاربة حتى يسمع صوتهم وتجمع شملهم وتدافع عن حقوقهم و تقدم صورة حسنة عن المغرب حتى إذا أخطأ أحدهم أو ارتكب جريمة (لا قدر الله) فيجب على الجمعية أن تبين إلى المجتمع المدني أن الشخص يتحمل كامل المسؤولية على افعاله وعدم ربط تصرفاته بوطنه لأن الإجرام والسلوك القبيح لا يعرف هوية أو يقتصر على جنسيات محددة، و لكن يجب على الجمعية التدخل إذا توفرت لها شروط الدفاع عنه لأنه مغربي و بعيد عن وطنه الأم وهاته الجمعيات يجب عليها ان تكون حاضرة دائما في الإعلام المرئي والمكتوب و تشارك في الندوات العلمية والثقافية بالتعريف بالبلد و قضاياه و ثقافته، فلدينا الكثير من المحاور والمواضيع بدأً بالقضايا الوطنية منتهيا بالبحث عن المستثمرين الأجانب في فروع قطاع الإقتصاد المغربي و كذا من خلال صفحات الإنترنت يتوجب الرد على كل مايتعلق بالمغرب لأن الدبلوماسية الإعلامية في عصرنا أصبحت تلعب دورًا مهمًا في ازدهار العلاقات الدولية، و لهذا فكل خبر يجب التعامل معه بطريقة معينة وبحذر، كل هذا لن يتسنى إلا بعد الإندماج مع المجتمع المضيف ومشاركته أفراحه ومشاكله دون التدخل في شؤونه الداخلية وخاصة أن الدبلوماسية الرسمية لا تلائمها الظروف في كثير من الأحيان لأنها ) رسمية) وتشتغل في اطارمعين حسب قوانين ومعاييرمحددة متفق عليها في مجال العلاقات الدولية، و بما أن كل أفراد الجالية المغربية يدرسون أو يعملون في البلد المضيف، و بفضل التعايش والإندماج معهم فكل واحد يمكن استخدام هاته العلاقات في مجال عمله، فهناك الطبيب والأستاذ الجامعي والبرلماني وممثلي الهيآت المدنية المختلفة من أجل إيصال أفكار وهموم الجالية، و بالتالي يصبحون يدافعون عن مصالحنا، و بهذا يكون للجمعية دور فعال، ليس فقط في لم شمل الجالية المغربية، بل في النجاح في تمثيل المغرب أحسن تمثيل ومكملة للدبلوماسية الرسمية والتي يتوجب التنسيق معها في مجموعة من القضايا. أما الشريحة الثانية والتي يجب ان تلعب دورها في هذا النوع من الدبلوماسية المعاصرة، ألا وهم خريجو وخريجات الجامعات الأجنبية والذين يمكن اعتبارهم سفراء للنوايا الحسنة في تطوير العلاقات المغربية الخارجية وكذا التقريب بين الشعوب والدول وخير مثال جمعية الصداقة والتعاون المغربية-الأوكرانية بالرباط والتي تقوم بعدة أنشطة آخرها تنظيم أول ندوة دولية بعاصمة المملكة تحت عنوان الآفاق والنتائج المتوقعة لاستخدام الادوية البيطرية وإضافات الأعلاف للمواشي والدواجن بحضور بياطرة و خبراء مغاربة من خريجي الجامعات والمعاهد الأوكرانية والروسية من جهة ورؤساء الشركات الكبرى في الصيدلة البيطرية واكادميين وأساتذة جامعيين من أوكرانيا حيث تمت مناقشة مواضيع مهمة في مجال البحث العلمي وكذلك البحث في أشكال التعاون مع البياطرة والشركات المغربية. وهذا باختصارمثال بسيط ونموذج لدور الخريجين في القيام بأعمال مختلفة بدون مترجمين أو وسطاء والمجالات التي يمكن ان يشتغل فيها الخريجون فهي متعددة كل حسب تخصصه . و في الختام أريد أن أقول أنه لقد سبقتنا دول عديدة في تطبيق كل ماتم مناقشته سابقا وأتمنى أن نستفيد من تجاربهم ونمثل بلدنا أحسن تمثيل في عصرالتعايش مع الآخر و لا أحد يمكن أن ينفي أن تنوع المجتمع وتعدد الحضارات والإحترام الآخر أساس رقي الأمم. -أستاذ باحث محاضرفي العلاقات الدولية بالجامعة الوطنية بمدينة خاركوف – أوكرانيا