عرفت بعض المؤسسات التعليمية بنيابة طاطا في الأسبوع الماضي احتجاجات تلاميذية ساخنة، تحولت بعضها الى مسيرات خارج أسوار المؤسسات جابت شوارع المدينة وأربكت حركة السير بها . رفع التلاميذ خلالها شعارات تلخص مطالبهم وآمالهم المشروعة في تعليم يضمن لهم الحق في التمدرس والتحصيل في أوضاع سليمة، وفي مؤسسات تنعم بالحد الأدنى من ظروف التعليم المناسب: من تجهيزات ووسائل ومعينات تربوية وأفرشة وأغطية وتغذية تصلح أكلا للآدميين ،وكراسي وطاولات بالعدد الكافي تقي المتعلمين الاكتظاظ المزمن الذي وصل في بعض المؤسسات الى حد الاختناق، في وضعيات أقل ما توصف به أنها لا تضمن الحد الأدنى من التحصيل وهي ولا شك السبب المباشر للهدر الدراسي والتسرب من المدارس. لا أحد يرفض قانونا و ودستورا وأخلاقا حق المتعلمين في الإحتجاج السلمي القانوني،والمناداة بأعلى أصواتهم لتبليغ معاناتهم ومطالبهم لتسمعها كل اذن واعية من المسؤولين، خاصة إذا وصدت أمامهم كل السبل للتعبيرعنها و إيصالها الى الجهات المعنية . وماذا يضر المسؤولين لو جلسوا الى طاولة الحوار الجدي معهم والإنصات الى مطالبهم بلغة الحوار المقنع لا تصريف الوعود الواهية التي لم يعد يثق بها حتى الذين يطلقونها فضلا عن سامعها. وهم واعون أن في الحوار مع التلاميذ تدريب عملي لهم على ممارسة الحق في الإحتجاج بوعي ومسؤولية، وممارسة قيم المواطنة المسؤولة لا فرق فيها بين الكبير والصغير والمسؤول وغيره. هذا اذا نظرنا الى هذه الاحتجاجات بمنظار الموضوعية وحاولنا فهمها في سياقها الطبيعي بعيدا عن كل نظرة مآمراتية وهي التي تستحضر دائما ان وراء احتجاجات تلاميذ المدارس ايادي خارجية لها أجندة خاصة تستهدف سمعة بعض المديرين بالتشويش على مؤسساتهم. والثابت أن هذه المظاهرات جاءت لتعري أوضاع المؤسسات التعليمية بنيابة طاطا وما تعيشه من نقص حاد من ضروريات وأساسيات التدريس في القرن الذي نعيش فيه. ومهما حاول المديرون والمسيرين جاهدين التغطية على هذه الأوضاع والرضى بالقليل ومحاولة صنع المعجزات بلا شيء ومن لا شيء، وإبداع أنشطة بصفر درهم، وصناعة أبطال من ورق في الرياضة ، وهم يلهثون في كل اتجاه طالبين المزيد من الديون ومتسولين أحيانا تفاديا لغلق أبواب المؤسسات والداخليات بالخصوص في وجه المتعلمين حين تشد الأزمات. جاءت هذه المظاهرات لترفع اللثام عن مؤسسات تعليمية لم تتلق أي درهم من الإعتمادات المخولة لها لتسيير بعضا من شؤونها، سواء تلك التي خصصت لجمعية دعم مدرسة النجاح ولا ميزانيات التسيير منذ 2012 ونحن في آخر رمق من سنة 2014 . وصلت المؤسسات جراء انقطاع الموارد المالية حد الإفلاس بسبب تراكم ديونها . منها من لم تجد ما تصلح به قفل الباب الخارجي فأشرعت أبوابها أمام الغرباء والكلاب الضالة ، بل منها من لا تتوفر اصلا على السور .ناهيك أن تجد ما تصلح به الزجاج وقنوات المياه والمصابيح والكراسي والطاولات التي تتعرض للتخريب والعبث في كل حين. فمن يحتج ضد من ؟؟ كلنا محتجون يقول لسان حال المديرين والأساتذة والتلاميذ!!!! في أي باب يجب ان يقف الجميع طابورا واحدا لرفع الحجز والحجر عن ميزانيات التسيير ومستحقات المؤسسات ؟ كيف يجب التصرف لضمان استمرار الخدمات بالجودة المطلوبة في المؤسسات التعليمية بنيابة طاطا ووقف تلاعب الشركات الخاصة بأجور الأعوان الذين يهددون بوقف خدماتهم في اية لحظة للمطالبة بحقوقهم. مع العلم أن تلاميذ الثانوي الإعدادي على أبواب الامتحان الموحد المحلي. وهذا ما يرجح تصاعد هذه الاحتجاجات إذا ما عاد الأعوان الى اضرابهم وشل المؤسسات التعليمية خاصة الداخليات . مما يؤشران المؤسسات التعليمية ستعرف أوضاعا كارثية في الفترة القادمة في غياب خدمات الطبخ والنظافة والحراسة مما سينعكس سلبا على نتائج المتعلمين عامة و الداخليين منهم على وجه الخصوص. مما يستدعي أخذ هذه الاحتجاجات بمنتهى الجدية والمسؤولية ، واتخاذ كافة التدابير الوقائية لتفادي استمرارها أو تصاعدها ، بالاستجابة الفورية لما هو معقول من مطالب التلاميذ، والضغط على الشركات المكلفة بالخدمات التي تعاقدت معها الوزارة لحل المشاكل المتعلقة بالحراسة والنظافة والطبخ فأصبحت هي المشكل الأكبر والهاجس الأعظم لدى المؤسسات التعليمية. أيها المتدخلون في المنظومة التربوية بنيابة طاطا وأكاديمية جهة كلميم- السمارة كلكم مسؤولون، مما يستدعي وثبة جماعية جادة لوقف الخلل والعبث في مدرسة الحاضر قبل التفكير في مدرسة الغد !!!!