بالرغم من الظرفية الاقتصادية غير المشجعة التي طبعت عالم المال والاعمال في أوربا وأمريكا، فقد تميزت سنة 2014 بتحقيق العديد من المنجزات التي قادها رجال أعمال مغاربة ومسؤولون كبار داخل المؤسسات الاقتصادية الحيوية، مقابل ذلك تمكن آخرون من المضي قدما في ضمان توازن مؤسساتهم الاقتصادية بالتوازي مع إبدائهم لآراء مخالفة للخطاب الحكومي على المستوى الاقتصادي. الكتاني: بَنكِيٌّ من الطراز الأول محمد الكتاني، الرئيس المدير العام لمجموعة التجاري وفا بنك، برهن على أنه بنكي من الطراز الأول، فبعد توسعه شمالا في اتجاه أوربا وشرقا في اتجاه الصينوجنوبا في اتجاه افريقيا جنوب الصحراء، عاد الكتاني لقواعده في المغرب ليعلن عزم المجموعة التي يقودها لتقدين السند المادي للمقاولات المغربية الراغبة في الاستثمار في القطاع الصناعي. الكتاني الذي صرح أمام رجال الأعمال المغاربة أنه "لم يعد لدينا خيار، يجب علينا أن نعمل على تصنيع بلدنا وضمان مناصب عمل قارة لشبابنا في المغرب"، قال إن التجاري وفا بنك قرر تخصيص 10 ملايير درهم إضافية (1.2 مليار دولار أمريكي) للمساعدة في تمويل المشاريع الصناعية المغربية بشروط تفضيلية. الرئيس المدير العام للتجاري وفا بنك، فضل أن يختتم السنة الجارية، التي حاز خلالها على لقب رائد القطاع البنكي في افريقيا، على إعلانات جديدة تبعث الطمأنينة في نفوس المقاولين المغاربة، بما فيها المقاولات الصغيرة جدا. رسائل التقطها العاملون في القطاعات الصناعية والخدماتية باطمئنان واضح، خاصة وأن الوعود صادرة عن رجل يلتزم بكل العهود التي يقطعها على نفسه. أحيزون: خبير أغوار افريقيا نجح عبد السلام أحيزون، الرئيس التنفيذي لاتصالات المغرب، في فرض إسمه في قطاع الاتصالات محليا وقاريا، بعد أن أبان عن قدرة كبيرة في ضمان التوازن المالي لمجموعة اتصالات المغرب في ظل احتدام المنافسة في سوق الاتصالات في المغرب وفي الدول التي تتواجد بها الفروع التابعة للمجموعة المغربية. أحيزون، أو رجل كل المراحل كما يطلق عليه أصدقاؤه ومنافسوه على حد سواء، بصم سنة 2014 بتمكنه من إعادة ترتيب البيت الداخلي لاتصالات المغرب، بعد دخول اتصالات الإماراتية محل فيفاندي الفرنسية في أكبر صفقة استثمارية يشهدها المغرب هذا العام. وقد برهن أحيزون على قدرة كبيرة على الرفع من مستوى أداء الفروع الإفريقية التابعة لاتصالات المغرب في كل من الغابون وموريتانيا ومالي وبروكينا فاسو"، وهو الآن شرع في الإشراف على تسيير كل الفروع الفروع الإفريقية التي كانت تمتلكها اتصالات الإماراتية في القارة السمراء. بنجلون: صاحب المشاريع الكبرى من جهته عثمان بنجلون، الذي يقود واحدة من أكبر المجموعات المالية والاستثمارية في المغرب، تمكن من تسجيل حضور قوي هذا العام، فإلى جانب متابعته اليومية لمشروع أكبر برج في الدارالبيضاء الذي تقوده مجموعته فينانس كوم، استطاع أن يقود مجموعة البنك المغربي للتجارة الخارجية بنجاح. فقد تمكنت مجموعته المصرفية من التحكم في المخاطر، إلى جانب تكوين مخصصات احتياطية بمليار درهم، على شكل مؤن لمخاطر عامة من أجل تغطية المخاطر غير الظاهرة في بعض القطاعات ضمن الاقتصاد المغربي. وواصل بنجلون سياسته التوسعية في أوربا لتغطية أكبر عدد ممكن من المدن التي تحتضن أكبر التجمعات لمغاربة العالم، من خلال فرع "BMCE Euroservices" التابع للمجموعة في أوربا، والذي حصل على تراخيص جديدة لممارسة نشاطه في كل من هولندا وإحداث مجموعة من الوكالات الجديدة في بلجيكا إلى جانب تواجده في لندن وباريس ومدريد. الشعبي: استمرار المغامرة لم يخرج رجل الأعمال العصامي ميلود الشعبي، صاحب مجموعة يينا هولدينغ القابضة، عن المنحى الذي رسمه لنفسه منذ شبابه في القنيطرة، حيث أعلن هذا العام أنه يخطط للشروع في بناء أول قطار مغربي الصنع. ميلود الشعبي ومن خلال الشركة الشريفة للمعدات السككية، الفرع التابع لمجموعة يينا هولينغ والتي تتوفر على آلية صناعية متطورة تستجيب لمتطلبات التصنيع في هذا المجال، التي تقوم بتنفيذ مجموعة متكاملة لمسلسل التصنيع، شرع في مفاوضات مباشرة مع المجموعة الصناعية الكندية "بومبارديي" من أجل التوصل على اتفاق لتحويل تكنولوجيا صناعة القطارات السريعة للمغرب. رجل الأعمال ومن خلال هذه المفاوضات التي انطلقت بداية سنة 2014، يسعى لدخول مغامرة جديدة، والتي لا يتردد في خوضها كما خاض مغامرة المليار الأول الذي نقله إلى نادي الأغنياء، دون أن يفقده حسه بالانتماء لبلده. بنصالح: امرأة الأعمال الحديدية مريم بنصالح، رئيسة أكبر تجمع لرجال الأعمال المغاربة "الاتحاد العام لمقاولات المغرب"، شرعت منذ بداية فترتها الرئاسية في محاولة إيجاد موطئ قدم ملائم للمقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشكل نحو 95 في المئة من مجموع النسيج المقاولاتي بالمغرب. مريم بنصالح، التي تقود رفقة أخيها أحد أهم المجموعات الاستثمارية في المغرب التي تشتغل في الصناعات الغذائية والخدمات وقطاعات أخرى، تراهن على تحسين تنافسية المقاولات الصغيرة جدا أيضا للرفع من مستوى الأداء الاقتصادي للمغرب. وتنادي رئيسة مجموعة هولماركوم القابضة، بضرورة إعطاء المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا كل الاهتمام من أجل تطوير النسيج المقاولاتي بالمغرب، والرفع من مستوى مساهمتها في خلق القيمة المضافة في القطاعات الاقتصادية التي تشتغل داخلها. بنمخلوف: مغربي بطموح 2.0 يسعى سمير بنمخلوف مدير مايكروسوفت في المغرب، إلى أن يساهم ولو رمزيا في النهوض بالتعليم العمومي في المغرب، من خلال قيادته لمشروع طموح للتعليم بواسطة التقنيات الذكية الذي سيطلق ابتداء من العام المقبل. ولا يخفي بنمخلوف اعتقاده بأن تجربة للمدرسة الذكية في المغرب، التي تنوي وزارة التربية والتعليم إطلاقها كتجربة خلال السنة الدراسية المقبلة، قبل أن تعتمد قرارا لتعميم هذا النظام الرقمي الذكي، ستساهم في تطوير المؤسسات التعليمية العمومية بمختلف مناطق المغرب بشكل تدريجي. ويعمل المغرب على إعداد مناهج تعليمية رقمية متطورة تحت إشراف خبراء في المجال التربوي والرقمي الذي سيدرسه التلميذ من خلال محفظته الرقمية، التي تشكل بديلا حقيقيا للمحفظة اليدوية التقليدية والمقررات الورقية. ويشمل المحتوى البيداغوجي التربوي الرقمي، كافة المواد التعليمية ويستند إلى أحدث التكنولوجيات المتوفرة في هذا المجال، بما فيها المحفظة الإلكترونية الخاصة بالتلاميذ، والسبورة الرقمية التفاعلية داخل الفصل والمناهج الرقمية التفاعلية التي يتم الولوج إليها عبر الحوسبة السحابية من خلال الأنترنيت. التازي: مشاكس سياسي واقتصادي واصل كريم التازي، الرئيس المدير العام لمجموعة ريشبوند، إدلاءه بأرائه السياسية في ظل مواصلة قيادته لمجموعته الصناعية من مقرها في عين السبع في الدارالبيضاء. التازي، الذي صوت لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لم يخف امتعاضه من التجربة التي يقودها حزب المصباح، وانتقد اللازمة التي يكررها عبد الإله بنكيران والمرتبطة بالإصلاح في ظل الاستقرار التي يستعملها رئيس الحكومة ويكررها الخلفي، والتي يعتبرها أنها أضحت أكبر مهدد للاستقرار بالمغرب. وينتقد التازي تصريحات بنكيران التي تقول إن معارضيه خدام للدولة العميقة ومعيقون للإصلاح الهادئ، داعيا العقلاء في حزب "المصباح" إلى الاطلاع على أرقام منظمة الشفافية الدولية حول ارتفاع نسبة الفساد بالمغرب. الحليمي: رجل الأرقام الدقيقة أستطاع أحمد الحليمي علمي، أن يرسم لنفسه صورة الإحصائي الدقيق الذي لا يشق له غبار، فمنذ بداية السنة الجارية ما فتئ يؤكد أن نسبة النمو في المغرب ستقل عن 3 في المئة، معتمدا على محللين أكفاء من الطراز الرفيع. وكان أحمد الحليمي قد رسم منذ بداية السنة الجارية صورة سيئة عن الوضع الاقتصادي للمغرب سنة 2014 بتوقع نمو لن يتجاوز 2.4 في المئة، فيما ردت عليه وزارة الاقتصاد بأن النسبة ستبلغ 4 % خلال السنة الجارية. لكن مع مرور الشهور، بدأت الحكومة تتراجع شيئا فشيئا، لتتأكد الأرقام التي جاءت بها المندوبية السامية للتخطيط ولتبرهن من جديد على أن الحليمي، رجل لا يطلق الكلام على عواهنه. بركة: دينامية خبير يتميز نزار بركة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بديناميته التي أعطت توهجا لأنشطة المؤسسة التي أصبح يقودها مباشرة بعد مغادرة حزب الاستقلال لسفينة حكومة بنكيران، والتي اضطلع خلالها بتجربته كوزير للمالية. وبرهن نزار بركة منذ توليه منصب ترؤس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنه لن ينهج لغة الخشب، كما لم يتبع سياسة التقارير الجامدة التي تخلو من كل نبض أو حياة. وعليه، فإن بركة لم يتردد مرارا في دق ناقوس الخطر بخصوص اختلالات يرصدها في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ذات الصلة باختصاصات المجلس. أقصبي: تحليل وانتقاد ظل نجيب أقصبي، المحلل الاقتصادي، من أشد المنتقدين لعمل كل الحكومات المتعاقبة سواء كانت يسارية أو يمينية أو تقنوقراطية أو حتى إسلامية. وكانت آخر خرجات أقصبي، الذي يحظى باحترام العديد من معاهد البحث المرموقة، هي التي وجه خلالها من خلال منبر هسبريس انتقادات لاذعة لقانون المالية للعام المقبل، الذي قال إنه لن ينجح في تخفيض نسبة العجز إلى مستوى مقبول. وشخص أقصبي الأسباب في كون عجز الميزانية مرده إلى أسباب بنيوية منها عجز النظام الضريبي الذي لا يمنح للخزينة مداخيل ضريبية كافية، كما أن العجز الضريبي يجعل من مشكل لجوء الدولة إلى الاقتراض أمرا ضروريا وحتميا، خصوصا وأن المغرب مازال يمر بضائقة مالية. تحليلات أقصبي، التي كانت تلقى ترحيب الإسلاميين عندما كانوا في صف المعارضة، أصبحت تضايقهم صراحته اللاذعة المعهودة في هذا المحلل المغربي. الجواهري: الصراحة وقوة الضبط أبدى عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، قدرة كبيرة على ضبط السوق البنكي في ظل احتدام الأزمة الاقتصادية في القارة الأوربية التي تعتبر الشريك الاقتصادي الأول للمغرب. كما واصل الجواهري قدرته على جعل من بنك المغرب قناة للتواصل بشأن الوضع الاقتصادي والمالي بالمغرب، وهو تواصل يتسم بالكثير من الصراحة في تعاطيه مع كل المواضيع التي تهم القطاعات المالية والاقتصادية للمغرب. كما تتميز كل تقاريره السنوية بدقتها والتي أضحت تشكل لحظة هامة وحاسمة في الحياة الاقتصادية للمملكة، وقد تمكن بالفعل من جعل بنك المغرب مؤسسة مستقلة عن الحكومة بشكل كامل وحقيقي. العلمي: لعنة "صباديا" كان الكشف عن الخروقات التي طالت مشروع الشركة العامة العقارية، التابعة لمجموعة صندوق الإياع والتدبير، على شاطئ "صباديا"، في الصيف الماضي، كافية للإطاحة بأنس العلمي الذي يعتبر واحدا من أكثر المسيرين شهرة في عالم المال والأعمال بالمغرب. فمشروع صباديا عانى من اختلالات كبيرة شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي، حسب بلاغ مشترك لوزارتي الداخلية والمالية لوزارتي الداخلية والمالية، حيث وقفت اللجنة على تسربات مائية في العديد من العقارات، تعود وجود اختلالات في تركيب الشبكة وفي جودة الأنابيب المستعملة. وهي اختلالات كان على العلمي تفاديها لتلافي لعنة صباديا.