تفيد المعطيات القادمة من المستشفى الجامعي بعين النعجة بالجزائر، أن الجنرال ورئيس المخابرات الجزائرية، محمد مدين المدعو ب"توفيق" (الصورة أسفله) قد دخل أول أمس الثلاثاء في حالة موت سريري، بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير. وحسب المصادر، فالمسؤول الأول عن المخابرات الجزائرية، قد نقل في غيبوبة الى مستشفى عين النعجة منذ خمسة أيام، بعد صراعه الطويل مع مرض السرطان والقلب، وهو الرجل القوي في دواليب الحكم بالجزائر بعد أن تربع على عرش المخابرات الجزائرية منذ توقيف المسار الانتخابي سنة 1991. وكان محمد مدين، يدير الجزائر في الكواليس بقبضة من حديد مع زملائه الآخرين من خريجي دفعة "لاكوست" الفرنسية كما أن اسمه ارتبط بشكل كبير باسم الراحل إسماعيل العماري، وهما معا كانا يشكلان العمود الفقري للحكم بالجزائر قبل رحيل العماري ودخول محمد مدين في صراعات خفية مع بعض قيادات الجيش الجزائري وصلت إلى حد الضغط عليه ليغادر منصبه سنة 1999 بعد دعمه لبوتفليقة في الانتخابات الرئاسية. ويبقى محمد مدين رجل لا يعرف عليه الجزائريون غير أنه الرجل القوي في السلطة حيث لا تتوفر صور شخصية له،كما لاتتداول صوره في الصحف الجزائرية، والصورة الوحيدة المتداولة حاليا سربت من قبل حركة "الضباط الأاحرار" الذين يعيش أغلبهم في أوروبا ولهم مصادرهم داخل الجيش الجزائري. وحسب مواقع معارضة للنظام في الجزائر، فالجنرال محمد مدين وكنيته (سي توفيق) هو من عائلة قبايلية سكنت في الشرق الجزائري. لم يتخرج من وزارة الارتباطات والاتصالات والتسليح مثل معظم رفاقه الذي تولوا مسؤوليات في جهاز الأمن العسكري. بل ينتمي إلي دفعة "السجاد الأحمر" التي أرسلتها الثورة إلي الاتحاد السوفياتي لتحصل علي خبراتها في مدرسة الكي جي بي. وهو ما يعني أن تكوينه الاستخباراتي هو تكوين على الطريقة السوفياتية البحتة. وهو ما سينعكس في أسلوبه في العمل. حسب ما ذكره موقع الرشاد المناوئ للنظام بالجزائر. وعمل محمد مدين، في بداية حياته العسكرية برتبة ملازم في الناحية العسكرية الثانية تحت قيادة العقيد الشاذلي بن جديد. حيث عمل كضابط أمن عسكري على الحدود المغربية المتوترة دائما مع الجزائر. وهناك تعرف علي زميل له برتبة رائد سرعان ما أصبح صديقه، وهو علي العربي بلخير، الذي سيصبح بعدها الرجل القوي في النظام الجزائري، قبل أن يأفل نجمه، ويرسل للتقاعد بسفارة الجزائر بالمغرب إلى أن توفي في 28 يناير 2010. وحسب موقع الرشاد دائما، فعندما أوكلت قيادة الأمن العسكري لمحجوب لكحل عياط، لم يتلاطف معه محمد مدين، لذى أبعده عن الجهاز وأرسله كملحق عسكري في طرابلس عام 1983 . وعندما عاد إلي الجزائر كلف لبضع الوقت رئيسا للإدارة المركزية للهندسة العسكرية عام 1986. قبل أن يصبح رئيسا لقسم الدفاع والأمن برئاسة الجمهورية. وفي الوقت نفسه كان العربي بالخير يشغل موقع مدير ديوان الرئيس الشاذلي بن جديد. وعندما تم إنشاء الوكالة العسكرية للوقاية والأمن D.G.P.S. في شهر أيار (مايو) عام 1987، أصبح فيها مديرا لأمن الجيش SA، الشرطة السياسية للجيش الوطني الشعبي. وعندما تم حل هذه الأخيرة علي إثر أحداث تشرين الاول (أكتوبر) عام 1988، تم إنشاء جهاز جديد اسمه وكالة الاستخبارات والأمن DRS حيث عهد إليه بقيادته منذ ذلك التاريخ إلي اليوم. وبدأ نجمه في السطوع عمليا منذ إجبار الشاذلي بن جديد علي الاستقالة في شهر كانون الثاني (يناير) عام 1992 والصدام العنيف الذي حدث مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ. حيث أصبح رئيسا فعلا لأجهزة الأمن الداخلي، التجسس الخارجي، وأمن الجيش. سي توفيق، كما يحلو للبعض أن يناديه، لا يحب الظهور في الأماكن العامة وبخاصة في وسائل الإعلام المحلية أو الدولية التي لا تعرف حتي صورته. يحب تدخين السجار الكوبي الفاخر ويعد الرجل الأول الذي أدار الصراع داخل السلطة أو ضد الإسلاميين طيلة العقد الأخير. وهو الرجل الأقوى اليوم في الجزائر. فقد تمكنت أجهزته من اختراق الجميع. الأحزاب المعارضة ووسائل الإعلام، وحتى الجماعات الإسلامية المسلحة. ودخوله اليوم في موت سريري يربك كامل اجهزة الدولة الجزائرية ويدخلها في متاهة البحث عن الرجل القوي ليكون بديلا له. في هذا السياق، أكدت بعض المصادر أن الجنرال محمد التواتي المدعو بالمخ، قد تولى مؤقتا ادارة الاستخبارات في الجزائر والحكم من وراء الستار حتى تعلن وفاة الجنرال محمد مدين بصفة رسمية. [email protected]