في حي الشاطئ، وعلى ضفة وادي سيدي إفني الذي جرفت سيوله الأحياء المجاورة، تقبع خمسة أسر داخل خيم صنعت من الشراشف والملاءات منذ حوالي اثنا عشر يوما، وحولها تناثر ما تبقى من أثاث منازلهم التي غمرتها المياه والأوحال. وألحقت الفيضانات التي شهدها إقليمسيدي إفني أضرارا كبيرة بمجموعة من الأحياء، لكن يبقى أكثرها تضررا حي الشاطئ الذي يقع على ضفاف أحد أكبر الوديان بالمدينة، فالمياه التي غمرت مجموعة من المنازل أتلفت أثاث السكان وممتلكاتهم، فيما لازال عدد من المتضررين ينتظرون تدخل السلطات لتنظيف البيوت من الأوحال ومخلفات الفيضان. أسر تضم 21 فردا، غالبيتهم أطفال لم تجد بدا من افتراش الأرض والتحاف السماء في انتظار مبادرة إنسانية حكومية أو غيرها، لفك حصار منازلهم التي غمرتها المياه، وتركت وراءها ما يقارب المترين من الأتربة، جعلت كل ممتلكاتهم محاصرة وتركتهم يواجهون التشرد وبرد دجنبر القارس. ومن بين هذه الأسر الخمسة أسرة رشيد المحجوب، الذي قال إنه نجا رفقة زوجته وابنهما الصغير بأعجوبة من سيول الوادي، حيث لاذوا بالفرار قبل دقائق فقط من غمر المياه لمنزلهم تاركين وراءهم كل شيء. في المقابل قالت الزوجة إحسان إن مياه الوادي الذي يجاور الحي تجرف المنطقة سنويا، وبالتالي يتكرر نفس السيناريو، لكن هذه المرة كانت الخسائر أكبر، حيث أصبحت المنازل غارقة في الأوحال، مما يصعب مهمة تنظيفها على الأسر التي تقطن بها. هسبريس عاينت هذه المنازل المعروفة بديور الفلاحة، والتي توجد جميعها في حي الشاطئ، وقد بدت جميعها مردومة تحت الطين والوحل، وما تبقى من مياه الفيضانات التي يبدو جليا أنها كانت تغمر المنازل حتى السقف. لم يتم تحذيرنا والوزير وعدنا خلال الأيام التي تلت الفيضانات، قام مجموعة من المسؤولين والوزراء بزيارات ميدانية للمناطق المتضررة من أجل تفقد الوضع. وحي الشاطئ كان من بين المناطق التي حظيت بزيارة وزير الداخلية، محمد حصاد، ووزير الفلاحة والصيد البحري، عزيز اخنوش. إحسان قالت، في تصريح لهسبريس، إن الوزير وعدهم بإيصال مطالبهم للمسؤولين، مضيفة أن مطالبهم تتلخص في إفراغ منازلهم من مياه الفيضانات، وتنظيفها من الأوحال، حتى يتمكنوا من العودة إليها رفقة أطفالهم. وقال عبد السلام الناصري، وهو رب أسرة أخرى تقطن بنفس الحي، إن "مقدم الحي" قام بإعلام بعض السكان المجاورين للوادي وتحذيرهم من إمكانية فيضان الوادي، لكنه لم يخبر سكان ديور الفلاحة، مضيفا أن التحذير شمل الأشخاص الميسورين، فيما ظل فقراء الحي يواجهون مصيرهم. وصايا الملك لا تطبق صرخات المتضررين من فيضانات سيدي افني تواصلت طيلة الساعة ونصف التي قضتها هسبريس معهم، لبنى زوجة عبد السلام التي كانت منهمكة في إعداد وجبة غذاء بسيطة لأبنائها الخمسة سجلت بأسف "أن توصيات الملك بخصوص قبائل آيت باعمران لا يتم تطبقها"، مضيفة "رغم أن الملك دعا إلى مساعدة المنكوبين إلا أننا لم نتوصل بأي شيء لحدود الساعة". "واقع الأطفال لا يبشر بخير، فهم مهددون بالأمراض وخصوصا أن الجو شتوي وبارد"، يقول عبد الله السمان لهسبريس، مطالبا السلطات "بأن تتقي الله في هؤلاء الصبية إذا كانت صرخات الكبار لا تجدي نفعا"، "لأنه إذا بقينا هنا، فالأكيد أن كارثة إنسانية ستتهدد الأسر الخمسة"، على حد تعبيره. في العراء أن تعيش إحدى عشرة ليلة في العراء أمر لا يحتمل، وتحت درجة حرارة منخفضة جدا، فكيف إذا اقترن هذا الإكراه بغياب المؤونة الكافية.. هذا حال هذه الأسر الخمسة التي وقفت هسبريس على معاناتها خلال زيارتها لمدينة سيدي افني. "المسؤولون نائمون في بيوتهم ونحن في العراء"، هكذا عبر الحسين أوكليف عن سخطه من الوضع الصعب الذي تعيشه أسرهم، مضيفا بالقول "سلكنا بأرواحنا و11 يوما ونحن ننام في العراء". وتكررت هذه العبارة أكثر من مرة على مسامعنا، أرباب العائلات الخمسة أجمعوا على أنهم لم يستفيدوا من أي مساعدات تذكر، وفي هذا الاتجاه قالت إحسان،"إن المسؤولين اقترحوا عليهم الانتقال للخيرية"، "بتنا ليلة واحدة فيها ولم نجد ما نأكل"، تورد نفس المتحدثة، التي أضافت أنه "لا يمكنهم مغادرة المكان بشكل جماعي لأن "كل ما نملك مردوم في بيوتنا". منازل وسط الوادي المعاينة الأولية لهذه المنازل تؤكد أنه تم بناؤها وسط الوادي، لكن من يتحمل مسؤولية ذلك؟، الجواب يأتي على لسان قاطني الدور، الذين حملوها للمسؤولين عن التعمير في المدينة، بالقول"هؤلاء سبب الأزمات في وسط الوادي لأنهم هم من يمنحون الرخص". وفي هذا الاتجاه سجل عبد الله أنهم "بعد تسع سنوات من المقام هنا تعرضنا مرتين لنفس الحادث ما نجمعه في سنين يجرفه الواد في لحظات"، مضيفا أننا "أصبحنا نخشى على بناتنا وأطفالنا من النوم في هذا العراء".."وحنا بغينا غير المساعدة حتى نستطيع العودة لمنازلنا أو تعويضنا لتغييرها" على وقع هذه العبارات، ودعت هسبريس العائلات الخمس الذين يأملون أن تصل رسالتهم عبر الإعلام، بعدما عجز المسؤولون المحليون عن تحقيقها.