لا تزال مناطق من الأقاليم الجنوبية المنكوبة تعيش على وقع العزلة والتشرد والدمار، الذي خلفته الفيضانات الأخيرة وأحدثت سيولا جارفة دمرت البنيان وأغرقت عددا من الساكنة، منهم من نجا ومنهم من بات في عداد المفقودين إلى أن يتم العثور على جثثهم؛ وأثارت هذه الوَضعية الكارثية حفيظة ساكنة تلك المناطق التي خرجت للاحتجاج معبرة عن غضبها من تهرب السلطات وإهمالها، ومطالبة بتدخل عاجل للإنقاذ وفك العزلة والإعانة بالغذاء والمأوى. في منطقة سيدي افني، خاصة جماعة ايمي نفاست، لا تزال الساكنة هناك تواجه لوحدها الأمطار الطوفانية والسيول الجارفة منذ أيام، حيث خرج عدد منهم أمس الأربعاء للاحتجاج أمام مقر الجماعة، للمطالبة بتدخل عاجل للسلطات، خاصة في الدواوير المجاورة التي لا تزال معزولة، لاستمرار انقطاع الماء وإغلاق الطرقات، حيث ينادي المحتجون بإعلان المنطقة منكوبة. يقول حسن بداني، أحد النشطاء المدنيين بالمنطقة، في تصريح لهسبريس، "هناك مواطن من الجماعة تحت الأنقاض منذ أسبوع دون أن يحرك أحد ساكنا"، مشيرا إلى استياءه من غياب رجال الوقاية المدنية والسلطة ومصالح التجهيز والنقل "رغم توصلهم بخبر فقدان ذلك الشخص"، فيما كشف عن حالة وفاة جديدة قبل أيام بعد أن انهار منزل على صاحبه لتجرفه السيول، قبل أن يتم العثور على جثته أمس. وتطالب الفعاليات الجمعوية بالمنطقة بإعلان إقليمسيدي إفني منكوباً على غرار الأقاليم المجاورة مثل تنزيت وكلميم، والتدخل العاجل لفك العزلة عن دواويرها وإعادة فتح إصلاح الشبكة الكهربائية المتضررة وإيصال المساعدات الإنسانية للمنكوبين مع إيواء العائلات المتضررة. ورغم حالة الاستنفار التي سجلتها مصالح الوقاية المدنية، بإنزال سيارات وشاحنات وقوارب للإنقاذ، والزيارة التي قام بها وزير الداخلية قبل أيام، إلا أن استمرار تردي الأوضاع الناتجة عن أضرار الفيضانات، أخرجت العشرات من ساكنة المنطقة في الطريق المؤدية إلى منطقة "تيمولاي"، للاحتجاج على استمرار تعثر عدد من المصالح العمومية المتضررة، إلى جانب هشاشة البنيات التحتية للمنطقة، كالقناطر والطرق وقنوات الصرف الصحي والإنارة العمومية. أما إقليمكلميم، الذي أعلنت عنه السلطات "منطقة منكوبة"، بسبب العُزلَة التي يعيشها جراء فيضان الأوديّة والتساقطات المطرية الاستثنائية، فعاشت بعض مناطقه حالة من الاحتجاجات والاعتصامات الغاضبة على المعاناة التي يعيشها سكانه، خاصة بالمركز رقم "6" ومناطق لبيار وأسرير وتارمكيست وتاغمرت، وهي الاحتجاجات التي انطلقت للمطالبة بتدخل السلطات للاستجابة لنداءات الإغاثة المتكررة من أجل إنقاذ المواطنين، رغم نداءات الإغاثة المتكررة. وبلغ عَدد ضحايا الفيضانات، التي انطلقت منذ الأسبوع الثالث من شهر نونبر الماضي، 47 قتيلاً، في حصيلة أولية أعنلت عنها السلطات، رغم وجود عدد من المفقودين، قضوا جراء انهيار المنازل أو الغرق في السيول الجارفة، في حين كشفت وزارة الداخلية عن إنقاذ مصالحها لحوالي 1093 شخصا، غالبيتهم في جهتي كلميمالسمارة وسوس ماسة درعة، إلى جانب إجلاء حوالي 1690 شخصا يقطنون بمناطق خطيرة، مع فك العزلة عن 103 دواوير، موزعة على 9 أقاليم من أصل 356 دوارا. وكشفت الداخليّة عن توزيع مصالحها لحوالي 2000 من الطرود الغذائية في بعض البلدات التابعة لأقاليم تارودانتوسيدي إفني وورزازات وفكيك والحوز وشيشاوة وتينغير، إلى جانب توجه 10 بواخر محملة بمواد غذائية ومحطات معالجة المياه وقنينات الغاز، صوب ميناء سيدي إفني، لتزويد الساكنة المعزولة. وكانت وزارة الداخليّة، إبّان الموجة الأولى من الفيضانات بمناطق الجنوب المغربي نهاية نونبر الماضي، قد أحدثت "مركز قيادة" على مستوى مركز اليقظة والتنسيق التابع لها، خاصة في جهات كلميم-السمارة وسوس-ماسة-درعة ومراكش-تانسيفت- الحوز، قبل أن يعطي الملك الأحد الماضي، تعليماته للوزارة ذاتها لمد القرى المعزولة بالمؤن والمساعدات، خاصة منها الغذائية، تشمل 250 قرية معزولة.