بالموازاة مع استضافة المغرب للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، قررت الحكومة الانضمام لاتفاقية مناهضة التعذيب بشكل كامل من خلال التوقيع على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، وهي الخطوة التي ترتب عنها إحداث اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب. وتلزم هذه الاتفاقية المغرب بإنشاء الهيئة الوطنية للحماية من التعذيب، وذلك في ظرف سنة من الانضمام لهذه الاتفاقية، كما تنص على أنه "لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية كمبرر للتعذيب. وتحدد الاتفاقية هذه الظروف "سواء كانت حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي، أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة"، كما تمنع هذه الاتفاقية "التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة، أو عن سلطة عامة لتبرير التعذيب". وتفرض الاتفاقية على الدول التي صادقت عليها أن تتعامل بسرعة لفتح تحقيق في أي حالة يشتبه أنها تعرضت للتعذيب، وهي الخطوة التي استبقتها وزارة العدل من خلال قرارها فتح تحقيق في جميع الحالات التي تقول إنها تعرضت للتعذيب أثناء فترة اعتقالها. وبموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، سيصبح المغرب مجبرا على أن يفتح سجونه أمام الخبراء الأمميين لمراقبة وضعية السجون المغربية، وهو الأمر الذي رحب به ناشطون حقوقيون داخل وخارج المغرب. ترحيب حقوقي وفي هذا السياق أعربت وكيلة وزارة الخارجية البريطانية المكلفة بحقوق الإنسان، وفق تغريدة لها على موقع تويتر، عن سعادتها بانضمام المغرب إلى الجهود الدولية لمكافحة التعذيب، ليصبح الدولة 76 التي توقع على ملحق البروتوكول الاختياري المتعلق بمناهضة التعذيب". ومن جهته رحب أحمد الهايج، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بهذه الخطوة التي وصفها ب"الإيجابية التي طال انتظارها"، معتبرا أن هذا الإجراء كان يجب القيام به منذ مدة طويلة خصوصا أن المغرب قد صادق على اتفاقية مناهضة التعذيب منذ مدة. وأضاف الهايج بأن "الخطوة القادمة ستكون هي فتح نقاش وطني واسع "لوضع اللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب"، هذه اللجنة ستسمح حسب الهايج بمراقبة مراكز الاعتقال والسجون "وستسمح للمواطنين بتقديم شكايات في حال تعرضهم للتعذيب". ترحيب الهايج بهذه الخطوة لم يمنعه من التأكيد على أنه في حال "تبين للنسيج الحقوقي المغربي أن الدولة توقع على الاتفاقيات دون أن تنفذها، فإننا لن نصمت"، مشيرا إلى أن "الإئتلاف الحقوقي يشتغل حاليا على وضع تصور للجنة الوطنية لمناهضة التعذيب". وأكد محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، على أهمية هذه الخطوة، "لأنها ستمكن الحقوقيين من مراقبة مراكز الاعتقال والسجون"، مبرزا أن "هذا الإجراء "هو إجراء شجاع خصوصا إذا علمنا أن 75 دولة في العالم فقط من قامت باعتماده". النشناش تحدث عن تصوره للجنة الوطنية لمناهضة التعذيب التي يجب أن تكون "مستقلة وتضم شخصيات حقوقية وازنة ومحترمة"، مؤكدا رفضه لفكرة أن يكون المجلس الوطني لحقوق الإنسان هو من يشرف على هذه اللجنة، "لأنه غير مستقل ومعين بظهير وممول من طرف الدولة".