"نعم قمنا بالزيادة في مواد يعيش منها المغاربة والمغربيات،نعم رفضنا الزيادة في مواد يتضررون منه ولن نستمع لتفسير تصويتكم " تتبع المغاربة والمغربيات مناقشة قانون المالية لسنة 2015 الذي كانت بالفعل محطة متميزة في تاريخ المؤسسة التشريعية ومن أجود المناقشات التي عرفتها قبة مجلس النواب في السنوات الأخيرة ، بشهادة نواب من الأغلبية والمعارضة شهدوا على محطات سابقة .فقد بذلت المعارضة مجهودا واضحا وتبين من تدخلاتها اجتهاد كبير وخبرة عالية في المجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، كما كان التنسيق جيدا بينها. ففي الوقت الذي كانت المكونات الأربع لها تتناوب بانسياب وتناغم كبيرين لشرح مضامين التعديلات المقترحة وتوضيحها والدفاع عنها بشراسة للحصول على قبول الحكومة، كان رفض التعديل يبرره فريق واحد وأوحد، الشئ الذي أعطى الانطباع وكأنه لم يجد من يؤازره من داخل فرق الأغلبية للدفاع عن رفض مقترحات التعديل. في الوقت الذي اجتهدت فرق المعارضة في تقديم الحجج والاقتراحات البديلة، بدت الأغلبية وكأنها تقول "نحن الأغلبية لا نحتاح إلى البحث عن حجج منطقية أو تبرير واقعي مقبول مثلكم في المعارضة ، دورنا تقديم الفرجة المؤلمة والمرة للرأي العام على الأقل مرة في الشهر وتهريب الرأي العام إلى مواضيع مسلية و لا تهم بناء المجتمع ، وفي الأخير نمرر ما نريد لأننا لا نحتاج لأصواتكم "..وهذا طبعا يؤثر على طموح جميع المغاربة والمغربيات من أجل إعادة الثقة في السياسة والسياسيين .كحزب في المعارضة قد لا يهمنا الربح الذي ستجنيه أحزابنا في الانتخابات وعدد الأصوات التي سنحصل عليها بقدر ما يهمنا السمو بالخطاب السياسي والرقي بالعمل السياسي بصفة عامة لأن هذا من شأنه مواجهة العزوف و الرفع من نسبة المشاركة في الاستحقاقات المقبلة خدمة للوطن ،والتي من المفروض ان نعمل جميعا من أجلها وهو الشئ الذي لا يمكن تحقيقه إلا بترقية خطابنا والتفوه بالكلام الواعي و المسؤول حتى نصل لتمثيلية اكبر للشعب داخل المؤسسات. في الوقت الذي بقيت المعارضة وفية لتصويت الشعب وممثلة للشعب تتحدث باسمه، تحول بعض نواب الاغلبية إلى ممثلين للحكومة ينطقون باسمها ويدافعون عن مبادراتها كيفما كانت .لا عيب طبعا أن تدافع الأغلبية عن الحكومة ولكن عيب أن تعبر بلسانها لأن النائب البرلماني هو صوت الشعب وليس صوت الحكومة ،كما أن الحكومة هي من المفروض حكومة كل المغاربة بمن فيهم الذين لم يصوتوا على الأحزاب المكونة لها . تقمص الوزير دور البرلماني حيث أصبح في مواجهة مع ممثلي الأمة واصبح البرلماني عضوا في الحكومة وتحولت علاقة المؤسسة التشريعية بالمؤسسة التنفيذية إلى حرب ضروس وهو أمر فيه إساءة كبيرة للعمل السياسي وللسياسيين وللوطن ككل، و يدل على اختلال كبير يبني لعلاقة جديدة بين الحكومة والمعارضة مخالفة تماما عن علاقات التعاون التي وردت في الدستور .إضافة إلى ذلك وفي الوقت الذي تستعمل فرق المعارضة كلمات السلم والسلام في تعبيراتها بعلاقة مع الحكومة كالمثابرة والمحاججة تستعمل الحكومة كلمات دق طبول الحرب كالمصارعة والملاكمة .و في اعتقادي هذه المسألة لا تقف عند اللغوي بل تتجاوزه لكون المصطلحات تؤثر على الجو وكلمات الحرب والاستفزاز المتكرر لا يمكن أن تكون عوامل مهيئة لوضع مريح تكون كلماته المفاتيح هي الإنصات للآخر ومحاولة الاستيعاب وإصدار ردود أفعال متزنة ومسؤولة نتحمل مسؤوليتها كاملة . لقد تبين بالملموس طغيان لغة دغدغة مشاعر المواطنين والمواطنات مرة أخرى لدى الحزب الأغلبي في الولاية الحالية والهروب بهم إلى الماضي ،كما تبين انه رفض أوتوماتيكي يخفي عدم التوفر على أدلة دامغة للإقناع و في أحسن الاحوال عدم الاقتناع . نعرف أن المغربيات و المغاربة أصبحوا حذرين من خطابات التمويه والمغالطة و أنهم ينساقون أكثر إلى خطاب الواقع وناسف لاستبلادهم واستصغار عقولهم من طرف جهة سياسية معينة..ونتألم ان يتم الادعاء أنهم يتفهمون الوضع وانه ليس هناك أدنى مشكل معهم في ظل الزيادات في اسعار المواد المستهلكة يوميا "المغاربة شعب صبور وهم راضون عنا ورغم القرارات المجحفة في حقهم فهم لم يشتكوا وكلما كثرت الزيادات في المواد الأساسية زادت معها شعبيتنا .أنتم المعارضة ، مشوشون لذلك تعتبرون الزيادة في الأسعار شيئا سلبيا".يقول لسان حال الحكومة.الكل يشتكي ومع ذلك يقال الشعب لم يشتك ..لم تشتك النقابات ،لم يشتك رجال ونساء التعليم، والصحة، والإعلام، لم يشتك المجتمع المدني ككل، لم تشتك الجمعيات الحقوقية، لم تشتك جمعيات الدفاع عن حقوق النساء ،ولم تشتك المعارضة الممثلة لأربع قوى سياسية لها وزنها في بلدنا...من قال لكم أحد اشتكى أيها المشوشون... ختامه....ليس مسكا.... بعد الاستماع لجواب الحكومة رغم عدم نص النظام الداخلي لمجلس النواب على ذلك وبموافقة فرق المعارضة نظرا لأهمية الأمر ولسيادة ثقافة الإنصات والحوار لديها ،وبحضور مكثف لنوابها ونائباتها بعد التصويت على الجزء الثاني من قانون المالية ، سجل وزراء، بمن فيهم الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان الذي من المفروض أن يسهر على كل التفاصيل إلأى أن تختتم الجلسة ، سجلوا أسوأ نقطة في محطة قانون المالية 2015 وذلك برفضهم الاستماع إلى تفسير تصويت المعارضة وبمغادرتهم القاعة متأبطين ملفاتهم ،وكانهم يخاطبون الشعب قائلين له "لا يهمنا منكم إلا أصواتكم وسنذهب لنزف الخبر إلى الذين تعاهدنا معهم دون استئذانكم على إفراغ جيوبكم وسحقكم ،لتقبل رضاهم. سنقول لهم نعم قمنا بتنفيذ ما أمليتموه علينا من أجل تخفيض العجز ،قمنا بالزيادات في مواد يعيش منها المغاربة ،ورفضنا الزيادة في مواد يتضرر منها المغاربة ". - نائبة برلمانية