صوت مجلس المستشارين يوم الخمسي الماضي برفض مشروع قانون المالية لسنة 2014، وذلك في ظل الأغلبية التي تتمتع بها المعرضة في الغرفة الثانية في إطار وضعيتها الانتقالية المنصوص عليها في الفصل 176 من دستور المملكة الجديد، وهو الإجراء الذي اعتبرته المعارضة تطبيقا لقواعد العمل السياسي، بينما أثار حفيظة رئيس الحكومة الذي وصفه بالقرار العبثي. وقد أثار هذا التصويت جملة من الإشكالات السياسية والدستورية في مواجهة القراءة الثانية للقانون بعد إحالته على الغرفة الأولى ثانيا، ومصير هذه التعديلات هل سيتم التصويت عليها أم على القانون المالي؟ في هذا الصدد،قال محمد الأنصاري رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، إن وصف رئيس الحكومة لقرار المعارضة بالتصويت بالرفض على مشروع القانون المالي لسنة 2014، هو العبث بعينه. مشيرا في تصريحات ل»العلم»، أن الأغلبية التي تتمتع بها المعارضة داخل الغرفة الثانية هي أمر طبيعي ودستوري. وذكر الأنصاري، بأن احتلال المعارضة لأغلبية مقاعد الغرفة الثانية حدث في دول نعتد بتقدمها في مجال الديمقراطية، مثل فرنسا التي سبق وأسقطت المعارضة فيها قانون المالية، وكذلك الولاياتالمتحدة، مؤكدا أنه ليس من الضروري أن تكون تركيبة البرلمان دائما متجانسة في أي بلد في العالم. من جهته، اعتبر لحسن بنساسي المهتم بالشأن البرلماني،أن تصويت المعارضة التي تتمتع بالأغلبية في مجلس المستشارين برفض مشروع قانون المالية،كان منطقيا ومتصالحا مع نفسه،وتم فيه احترام قواعد اللعبة السياسية الديمقراطية، التي تملي على المعارضة الاطلاع بدورها خلافا لما حدث سنة 2013 حينما تم التصويت على قانون المالية بالقبول. وأضاف ذات المحلل، أنه كان على الحكومة التفكير في ما حدث قبل تقديم المشروع، بأن تحترم المواعيد الانتخابية التي دعا إليها جلالة الملك، وكان من المفروض بمقتضاها أن تتم جميع الاستحقاقات التشريعية قبل متم السنة التي نودعها،لما في هذا الرفض من حمولة سياسية بغض النظر عن اعتباره شكليا بحكم أن الدستور يمنح مجلس النواب القول الفصل في مثل هذه الحالات. وإذا كان لهذا التصويت دلالته السياسية ليس فقط على مستوى مجلس المستشارين،ولكن أيضا على مستوى الخريطة السياسية والمشهد السياسي والحياة السياسية في البلاد وتدبير السياسات العمومية وإشكالية نظام الثنائية البرلمانية المعقد كما كرسه دستور 2011، فإن البعد القانوني لهذا التصويت على مشروع قانون المالية يبقى جزئيا ، ورمزيا مادام الأمر سيحسم بصفة نهائية بمجلس النواب الذي ترجع الكلمة النهائية بخصوص مصير مشروع قانون المالية الذي يودع بالأسبقية لدى هذا المجلس،حيث يعود إليه التصويت النهائي الذي تم البت فيه كما ينص على ذلك الفصل 84 في فقرته الثانية،. وهذا يعني أن مجلس النواب مطالب بمناقشة والتصويت داخل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية في جلسة واحدة،على مشروع القانون المالي كما رفضه مجلس المستشارين في إطار القراءة الثانية، على أساس أن تنحصر المناقشة في المواد التي لم يتوصل بشأنها مجلسا البرلمان إلى اتفاق على نص واحد.