"جا يكحلها عماها"..لعل هذا المثل السائر ينطبق إلى حد كبير على كبير برلمانيي حزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، فهو لما أشار ببنانه إلى ثلاثة نواب بتهمة الرشوة من شركة للتبغ، كان يعتقد أنه يكشف عن ملف فساد، بينما كان الأجدر به أن يقول الحقيقة كاملة ويذهب باتهاماته إلى نهاية المطاف. بوانو اتهم أخيرا ثلاثة برلمانيين، لم يذكر أسماءهم، بأنهم اتفقوا في إحدى الفيلات المعروفة بالرباط مع شركة للتبغ، من أجل تمرير تعديل يهم خفض الضريبة مقابل عمولة قدرها 20 مليون درهم تدفع على مراحل، ابتداء من تقديم التعديل إلى حين إدخاله في مشروع قانون المالية. اتهام خطير كهذا لبعض ممثلي الأمة انقلب سلبا على بوانو، ليس لأنه أثار هذه القضية، بل لأنه اكتفى بالكشف عن جزء فقط من جبل الجليد، بعد مرور سنة من جريمة الرشوة، وترك الباقي الأعم دون أن يجلي الحقائق كاملة أمام الرأي العام، وهو ما دفع الكثيرين إلى مطالبته بالكشف عن البرلمانيين المتورطين، وإلا كانت اتهاماته من قبيل المزايدات ضد المعارضة. ومثل الساحر الذي ينقلب السحر ضده، فإن اتهامات بوانو اعتبرها البعض مستوجبة لفتح تحقيق عاجل معه بتهمة التستر على جريمة الرشوة، باعتبار أن القانون يعاقب على عدم التبليغ عن وقوع جريمة، خاصة أن النائب "الإسلامي" لم يُخْفِ علمه بهوية البرلمانيين المرتشين ومكان الجريمة. ويتذكر البعض أنها ليست المرة الأولى التي يلقي فيها بوانو اتهاماته جزافا ضد العديد من الأشخاص والجهات، دون أن يعمد إلى إكمال الصورة المضببة لاتهاماته تلك، فقد سبق له مثلا منذ مدة أن اتهم الجنرال حميدو لعنيكري بالتجسس والمراقبة البوليسية على عمل اللجان البرلمانية الاستطلاعية.