، دعم الارامل نموذجا بعد كل الصخب والتجييش والاستثمار في الزيف وتلغيم الارض من تحتها، تقر الحكومة لاول مرة في تاريخ البلد دعما عينيا مباشرا للارامل،البعض يقول انها رشوة انتخابية، والاخرون يقولون عنها انها اجراء جزئي محدود الاثر، لكن الواقع يقول انها اجراء -رغم محدوديته وزهادة قدره النقدي-لكنه بليغ الدلالة، وذلك بالتأشير على المضمون الاجتماعي للسياسة الحكومية الحالية، وبقربها من الفئات المستضعفة والتحامها بالطبقات الشعبية الاكثر عوزا وفقرا،فالقرار دليل -من بين ادلة اخرى-على سياسة العدالة الاجتماعية التوجه الذي ينحو للتوزيع العادل للثروة شيئا فشيئا، الدي تختطه هذه التجربة الفريدة-رغم صعوباتها، للبلد بالجملة. فالوضوح السياسي الذي خاطب به رئيس الحكومة الرأي العام ، بل والمبادرات الفارقة التي تمضي في اتجاه اقرار العدالة الاجتماعية الحقيقية وتؤسس لاطروحة الدولة في خدمة المجتمع بكل طبقاته، كل ذلك وغيره يكشف وجود تحديات حقيقية مطروحة على النموذج المبني على الاصلاح العميق شرط في الاستقرار الحقيقي وهو بذلك يثير اسئلة حول نجاعة الاختيار المغربي في ممارسة السياسة بشكل مختلف،ذلك النموذج الذي يقوم على الموازنة الدقيقة والادماج الديناميكي بين مطلبي الإصلاح العميق والاستقرار الحقيقي، في سياق عربي واقليمي موسوم بديناميات النكوص والردة الديمقراطيتين التي أعقبت تفجر الثورة العربية المظفرة. خلاصة القول السياسي للسيد رئيس الحكومة، أو بالأحرى مجمل تقدير خبرته وتجربته -التي شملت سنتين ونيف-في تدبير العمل الاصلاحي من موقع المسؤولية الحكومية، الخلاصة تقول: أن هناك دائما إمكانية لتحقيق الإصلاح بشكل متدرج ضمن الإطار السياسي والدستوري التعاقدي المتاح في المرحلة، وهناك أيضا إمكانية أيضا لضمان تقدير وقبول الشعب -مجمل الشعب، بالرغم من التقييمات الشاردة لعديد من النخب- تقدير وانصاف لهذه الصيغة في العمل السياسي الواقعية وفي دعم جرعات الإصلاح التراكمي بهدوء والذي يمضي في ترتي باهدافه وانفاذها، لكن وبنفس القدر والاصرار على الاستمرار، ما ليس ممكنا هو أن يستمر منطق التحكم والاستفراد والاستبداد والاستبلاد في تعطيل أو عرقلة مسار الإصلاح في كليته وبآليات التوظيف السياسوي للمؤسسات والتوازنات الحزبية واستدعاء الولاءات السياسية والنقابية والمدنية، بل الفئوية والدعائية والتحريضية. لقد أثبتت تجارب حكومية سابقة في عديد تجارب في دول مشابهة لسياقنا المغربي، و بالضبط في التجربة الاصلاحية للحكومة الحالية بالتحديد، اثبتت تلك التجارب نجاح صيغة التراكم في الانجاز والبناء الهادئ للاهداف الاصلاحية،ورسخت القناعة لدى الكثيرين في تأكيد نجاعة ونجاح هذه الصيغة من خلال المؤشرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي برزت بشكل خاص في النصف الأول من هذه السنة، رغم الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يمر منها المغرب، وأكد عديد من الخبراء أكثر من مرة هذه الحقيقة لاسيما في تقارير داخلية وخارجية، على الرغم من كون كثير من الجهات والاقلام لم تتخلص بعد من نرجسيتها وتنكبها عن قول الحقيقة كاملة والصدع بها في العموم، ونحن بالقطع نستحضر الارث الثقيل الذي دخلت عليه هذه التجربة والمعاناة الشديدة التي واجهتها ازاء مجموعة من مراكز النفوذ والمصالح والمقاومات ضد الاصلاح،لقد أكدت الأرقام التي كشفها رئيس الحكومة بخصوص تطور الاستثمار في المغرب، وبداية معالجة اختلال ميزان الأداءات بارتفاع ملحوظ في الصادرات المغربية بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وتقدم المغرب كبلد في سلم التنافسية وربحه 16 نقطة في مؤشر مناخ الاستثمار ، وغيرها من مؤشرات عافية للاقتصاد الوطني،،، لقد أكد كل ذلك أن معادلة الإصلاح في إطار الاستقرار تؤتي أكلها وبدأت ثمارها تينع شيئا فشيئا، كما برهنت على أنه بإمكان المغرب -كبلد-أن يمر إلى السرعة القصوى في تطبيق بقية الإصلاحات الهيكلية التي ستمكن من تجاوز أعطاب النموذج التنموي الحالي لولا تحدي شبكات المصالح وبنيات التحكم التي تعرقل الإصلاحات الكبرى ويعظم من التحديات التي تواجهه. هي تقريبا نفس الخلاصات التي انتهت إليها التجارب الحكومية السابقة، وخصوصا تجربة التناوب التوافقي، و التي يتم التعبير عنها دائما بضرورة اقرار الإصلاح السياسي والدستوري،فيصير العمل السياسي في المغرب يدور في نفس الدوامة التي لا تكاد تبتدئ حتى تنتهي بالمناداة بمطلب الإصلاح الدستوري، ظنا من عديد من الفاعلين السياسيين أن معاجلة هذا العطب القديم هو الذي يمكن أن يضمن للنموذج المغربي في الممارسة السياسية عناصر النجاح. والحقيقة، أنه مع دستور فاتح يوليوز المتقدم عن سابقيه-والذي بالطبع فيه كثير من الاختلالات وجب تداركها-، لكنه زاد في ترسيخ دمقرطة القرار العمومي وربطة بصندوق الاقتراع وارادة الشعب المعبر عنها انتخابيا، الشيء الذي وفر -مع التأويل الديمقراطي له- إمكانية فريدة لنجاح معادلة الإصلاح في إطار الاستقرار، لفلم تعد المشكلة السياسية في البلد اليوم متمثلة في نجاعة النص الدستوري، بقدر ما هي متمثلة في رداءة النخبة وانحطاط الممارسة السياسية والبؤس الذي يلف أداء عديد من الفاعلين،و لكن الاعاقة الاساسية هي بالاساس في تجذر منطق التحكم واختراقه كثيرا من النخب والفاعلين السياسيين وغيرهم، منطق يناهض الارادة الشعبية ويناقضها ويكيل عليها ويمعن في اقصائها، تلك الارادة المعبر عنها في الاستشارات الانتخابية،وأمام هذه الوضعية، يمكن القول وبدون تردد بأن المغرب اليوم يوجد على مفترق طرق، يلزمه أن يختار أحدها بكل مسؤولية ويتحمل عواقبها: إما طريق الاستمرار في تبني الاختيار المغربي في ممارسة السياسية القائم على الإصلاح التراكمي في إطار الاستقرار، مع تمكين المؤسسات من القيام بدورها برفع يد التحكم عنها، وتحمل الأحزاب السياسية ومختلف الهيئات مسؤوليتها في المحافظة على استقلالية قرارها والتحرر من الارتهان للتحكم، أو طريق فسح المجال للمجهول الذي للأسف ظهرت بعض تجلياته في تجارب أخرى. بكلمة، لقد أضاع المغرب السياسي عمرا طويلا لبناء الإجماع على معادلة الإصلاح في إطار الاستقرار، إلى الدرجة التي صار يغبط فيها من قبل العديد من جيرانه على هذا الحظ من الإجماع، غير أن تحصين هذه الوضعية وتطوير عناصرها، يستلزم أن يتم الإجابة عن تحدياتها، وفي مقدمة ذلك، تمكين المؤسسات من القيام بدورها، ورفع يد التحكم الذي يحرض بعض المؤسسات والهيئات والإعلام ضدها، وإبعاد شبح الشكلية الصورية عنها، وإعطائها مضمونها الديمقراطي الحقيقي، وتوفير الدعم والمساندة السياسية من أجل إنجاحها بعيدا عن الحسابات السياسوية الضيقة. ويعد منطق التحكم أبرز تحدي لنموذج الاصلاح الجاري، فهو يستعين بكل الأوراق من أجل إضعاف المؤسسات وشل قدرتها على اقرار الشراكة الفعالة في تدوير ماكنة الإصلاح ومحركاته، من خلال تحريك بعض المؤسسات ضد بعضها، واستغلال ضعف استقلالية القرار الحزبي لضرب التوازنات الحزبية، وإضعاف مداخل إعادة التركيب، هذا فضلا عن فرملة الإصلاحات الهيكلية الكبرى التي من شأنها ضمان الإقلاع الحقيقي للمغرب. وما القرار الشجاع المرتبط بالدعم المباشر للارامل عنا ببعيد، وما اصلاح انظمة التقاعد على ارضية العدالة الاجتماعية منا ببعيد،لكن المفارقة العنيدة، أن مقتضيات الدستور الحالي، وقواعد اللعبة السياسية، التي تقضي ربط المسؤولية بالمحاسبة، تلك القواعد تعفي الجهات التي تمارس فعل التحكم بجمع آلياته وأدواته من المساءلة، وتضع الأداة الحكومية ومصداقية الفاعلين السياسيين على المحك أمام الرأي العام. تلك هي المفارقة التي تحتاج الى تفكيك وتحليل ووعي، للحديث بقية،