أجمع محللون وأكاديميون مغاربة على أن الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس، ليلة أمس الخميس، بمناسبة مرور 39 عاما على انطلاق المسيرة الخضراء، يشكل بحق منعطفا حاسما في تاريخ النزاع حول الصحراء، كما يعد ردا قويا لقنه العاهل المغربي للجزائر وجبهة البوليساريو. وأفاد هؤلاء المحللون، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، بأن الخطاب الملكي ضج بإشارات سياسية وحقوقية قوية تضع نزاع الصحراء في سياقه ووضعه الطبيعي، محددا المسؤوليات المختلفة لجميع الأطراف، وخاصا الجزائر بنصيب وافر من المسؤولية في القضية. الحسيني: منعطف في نزاع الصحراء وأكد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن الخطاب الملكي يشكل "منعطفا" في تاريخ النزاع حول الصحراء"، موضحا أنه وضع إستراتيجية للمستقبل، حينما أكد أن ورش الجهوية الموسعة يعتبر "حاسما" لمستقبل أقاليمنا الجنوبية". واعتبر الحسيني أن "الملك وضع المجتمع الدولي ومختلف الفاعلين في النزاع أمام مسؤولياتهم"، مشيرا إلى أن الخطاب يشكل دعوة صريحة "للأصدقاء قبل خصوم الوحدة الترابية للمملكة إلى إماطة اللثام عن الغموض الذي يلف بعض مواقفهم". وسجل المحلل أن الملك دعا الطرف الأساسي في الصراع، الجزائر، إلى وقف تصرفاتها المعرقلة لمسار التسوية وتحمل مسؤولياتها عما يقع بمخيمات تندوف من احتجاز للصحراويين وعدم إحصائهم وتمتيعهم بحقوقهم الأساسية. زين الدين: حلحلة لقضية الصحراء ومن جهته، أكد محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني الدارالبيضاء، أن الخطاب الملكي يعتبر بمثابة "رد صريح على أعداء الوحدة الترابية للمملكة، حيث جاء مشفوعا بمعطيات رقمية دالة ولغة حقوقية قوية". وأوضح زين الدين أن الخطاب الملكي "رد صريح على أعداء الوحدة الترابية ومروجي الإشاعات حول مغربية الصحراء، بمعطيات رقمية دالة ولغة حقوقية قوية تستند على مشروعية تاريخية ووطنية، وعلى مبادئ القانون الدولي". وقرأ المحلل في الخطاب "حلحلة لقضية الصحراء" عبر تفعيل جهوية متقدمة ومتضامنة عن طريق بلورة مشروع تنموي في الأقاليم الجنوبية، مشيرا إلى ضرورة فتح حوار وطني صريح حول قضايا متعلقة بالتنمية، والنخب، واقتصاد الريع في الأقاليم الجنوبية. بوقنطار: تأكيد للثوابت وبدوره أكد أستاذ العلاقات الدولية، الحسان بوقنطار، أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى ال39 للمسيرة الخضراء يعتبر "تجديدا للتأكيد على الثوابت التي تحكم مقاربة المغرب لقضية الوحدة الترابية للمملكة". وأشار الأكاديمي المغربي أن الخطاب الملكي شدد على رفض المملكة للمغالطات التي يروجها خصوم الوحدة الترابية والمتعلقة باستغلال ما يصفونه بثروات الصحراء، موردا معطيات ملموسة حول الكلفة التي أداها المغاربة من أجل إنماء الصحراء منذ سنة 1975. وسجل بوقنطار أن الملك حرص على التذكير بالتزام المغرب بالشرعية الدولية، مع رفضه بقوة لكل مخطط يهدف الى تغيير طبيعة النزاع واعتباره بمثابة تصفية للاستعمار، مبرزا أن عددا من قرارات الشرعية الدولية أكدت أن الأمر يتعلق باستكمال الوحدة الترابية للمملكة. الأطلسي: 2015 سنة فاصلة وذهب طالع سعود الأطلسي، رئيس اللجنة السياسية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إلى أن الخطاب الملكي الأخير يعتبر إعلانا على أن السنة القادمة ستكون فاصلة في النزاع حول الصحراء المغربية. وأفاد رئيس اللجنة المغربية للسلم والتضامن، بأن خطاب الملك محمد السادس أكد على الانتهاء من مرحلة، والدخول في مرحلة جديدة في تعاطي المغرب مع قضيته الوطنية الأولى في بعديها الداخلي والدولي". ولفت الأطلسي إلى أن الخطاب "كان على قدر واحد من الصرامة اتجاه من يتاجر بالقضية الوطنية داخل المغرب والصحراء، واتجاه المتدخلين الدوليين الذين يسخرون عملاءهم في الصحراء، مثل الجزائر والبوليساريو، وأيضا القوى الدولية التي دعاها إلى الوضوح" في مواقفها. السحيمي: إرادة الإصلاح ومن جهته قال المحلل السياسي وأستاذ القانون، مصطفى السحيمي، إن الخطاب الملكي، يعد "رسالة للتعبير عن الحسم والحزم، ولكن أيضا عن إرادة في الإصلاح تحظى بالأولوية"، مضيفا أنه "خطاب يعبر مجددا عن الحزم القوي للمغرب بخصوص القضية الوطنية". وأشار السحيمي إلى أنه "تم التأكيد مجددا على المبدأ الأمني باتجاه الحفاظ على الأمن العام، واحترام القانون وحماية الأشخاص والممتلكات"، مضيفا أن "الدولة ستقوم بهذه المهمة في إطار صلاحياتها الكاملة". وسجل السحيمي أن الملك شدد على استعداد المغرب لفتح حوار مباشر أو غير مباشر مع الأطراف الأخرى، دون ضعف أو تقديم تنازلات، مضيفا أنه على الأممالمتحدة توضيح مسؤولياتها ومسؤوليات الأطراف الأخرى في إطار مبادئ تم تحديدها منذ 2007.