أجمعت تدخلات خبراء ومسؤولين عن اتخاذ قرارات بقارة إفريقيا على ضرورة التعاون وتبادل الخبرات لمواجهة التحديات، والرهانات الآنية والمستقبلية، التي تعترض المحافظة على التراث العالمي على المستوى القاري.. وقد جاء ذلك خلال ندوة مهتمّة بالجهوية، معنونة ب"تجارب التراث العالمي بإفريقيا"، وما تزال فعالياتها جارية حتى نهاية أكتوبر الجاري. اقتصاد تراثي ودعا وزير الثقافة، محمد الأمين الصبيحي، إلى خلق "اقتصاد تراثي" حقيقي بإفريقيا مع تثمين للثقافة والتراث في السياسات العامة واستراتيجيات التنمية، مضيفا أنه مع اعتبار أهمية التراث الثقافي كرصيد حقيقي يتعين تثمينه، فإنه يمكن للدول الإفريقية تطوير "اقتصاد تراثي" حقيقي، لا تعتبر الاستثمارات فيه ضائعة، لكنها منتجة للثروة مع تداعيات وتأثيرات اجتماعيين واقتصاديين أكيدين. وأشار إلى أن التراث الثقافي ينظر إليه على العموم باعتباره الأقل حظا في السياسات العمومية، وباعتباره عموما مظهر ثانوي للتنمية مقارنة مع قطاعات ذات أولوية كالتربية والصحة، مؤكدا أن التراث الثقافي من شأنه أن يقوم بدور أساسي باعتباره عنصرا محفزا للتنمية المستدامة. ولاحظ الوزير أنه بالرغم من كون افريقيا تتوفر على ثروة تراثية ثقافية غنية ومتنوعة وأصيلة، فإن القارة تبقى ممثلة بشكل متواضع جدا على مستوى التراث العالمي بنسبة تقل عن 15 في المائة من المواقع المسجلة بلائحة التراث العالمي لليونيسكو. وأضاف أن هناك ضرورة تحتم أن تكون القارة أكثر تمثيلية على الصعيد العالمي، من خلال الشروع في تسجيل المزيد من المشاريع وتعزيز الآليات التدبيرية للمواقع التراثية وتثمين الممارسات الجيدة للمحافظة عليها. وبخصوص الجانب المتعلق بالتعاون الافريقي، أكد وزير الثقافة على العزم الأكيد للمملكة في الانخراط في حماية وتثمين التراث الثقافي والطبيعي بافريقيا، في إطار التعاون جنوب-جنوب، مبرزا استعداد المملكة لوضع خبرتها في خدمة هذا التعاون في هذا المجال والعمل على تقديم مساهمة إضافية لصندوق التراث العالمي الافريقي. بين الضعف والقوة عبد الله العلوي مدير الثرات الثقافي بوزارة الثقافة، شدد في تصريح لهسبريس أنه بعد الدور الاقتصادي والسياسي للمغرب من الضروري للدبلوماسية الثقافية أن تلعب دورها في العمق الإفريقي، موردا أنه لأول مرة يعقد لقاء من هذا القبيل بين الأفارقة داخل المغرب، بعيدا عن أي تدخل لمنظمة أجنبية أوروبية أو أمريكية. وأورد العلوي أن المغرب استطاع أن يبني مكانة مهمة في برامج منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالنسبة للعالم العربي، "لأنه يملك معظم المواقع التراثية المسجلة لدى المنظمة المذكورة، و لكونه يملك تراثا غنيا و خبرة كبيرة في هذا المجال، أهلته ليقوم بمجموعة من التدخلات القيمة على صعيد المحافظة على التراث، و تطوير تقنيات المعالجة و تجديد و إحياء الرصيد التراثي." يقول المتحدث، قبل أن يسترسل " هذه الخبرة هي رهن إشارة كل الدولة الإفريقية، وهذا الدور الدبلوماسي الثقافي على أهميته، تقوم به وزارة الثقافة رغم ميزانيتها الضعيفة". وأضاف مدير الثرات الثقافي بوزارة الثقافة أن المغرب امتلك نضجا في المجال، مكنه من تصدير تجربته لأفريقيا،وزاد "المغرب يعتبر من أول المساهمين ماديا كذلك في ميزانية الصندوق الإفريقي للتراث العالمي، حيث قدم مساهمات سنتي 2008 و2012، كما أعلن محمد الصبيحي وزير الثقافة هذه السنة عن مساهمة المغرب في ميزانية 2015 ". واعتبر المتحدث أن المغرب أصبح مرجعا في تقنيات المعالجة والمحافظة وإحياء التراث والترميم وإعداد الملفات لتقديمها لمركز التراث العالمي، يقول عبد الله العلوي ويضيف " كل الملفات التي تقدم للمنظمات الدولية وتتأسس على خبرة مغربية تلقى القبول والنجاح"، مشددا على أن للثقافة دور كبير في الانفتاح على الشعوب الإفريقية المتشبعة بكل ما يرتبط بالهوية الثقافية، وخدمة الغايات السامية للدولة المغربية. استفادة من المغرب من جهته أكد فيبر ندورو مدير الصندوق الإفريقي للتراث العالمي، على أن الندوة هي تشجيع للعلاقات جنوب جنوب، بتركيزها على تجارب الدول الإفريقية في مجال المحافظة على التراث.. وأورد المتحدث أنه ينتظر الكثير من المغرب ليلعبه في هذا المجال نظرا لخبرته ومهنيته، معتبرا أن اللقاء "نقطة انطلاق لعمل جبار ينتظر الدول المشاركة لإنقاذ التراث الإفريقي المعرض للضياع، لذلك سيكون تنسيق بين الدول لمتابعة خلاصات الندوة، قبل عقد الندوة الثانية" يقول الزمبوي. ولتحقيق ذلك يضيف مدير الصندوق الإفريقي للثرات العالمي، أنه سيتم إنشاء لجنة التراث العالمي للمواقع المهددة بالانقراض، لتتابع كل ما يهم هذه المواقع المهددة بالخطر، موضحا أن أفريقيا تملك نسبة 13٪ من المواقع مهددة بالخطر، موردا أن جمهورية الكونغو الديمقراطية هي الدولة الوحيدة التي لديها أكثر من موقعين مهددين بالخطر ومدرجين على لائحة التراث العالمي، و تعود أسباب هذا التهديد حسب المتحدث لما تعرفه إفريقيا من عدم استقرار و حروب أهلية. يذكر أن الندوة عرفت مشاركة نخبة من الباحثين والمتخصصين في التراث العالمى من القارة الإفريقية التي تتميز بمجموعة من المواقع المهمة و المصنفة تراثًا عالميًا، وتتقاطع في مواجهة التحديات نفسها، كزامبيا و جمهورية البنين، و طانزانيا و غينيا بيساو، مالي والنيجر، والجزائر وتونس وبوتسوانا، موريتانيا، نيجيريا، جنوب إفريقيا، سيشيل، مصر، الطوغو، كينيا، السنغال، الكامرون، أنغولا، الغابون، ساحل العاج،والبحرين.