"صباحات جنين" لسوزان ابو الهوى : قصة حب فوق الدمار رأت الروائية الفلسطينية ، سوزان أبو الهوى، النور في مخيم جنين سنة 1955 ﻷبوين لاجئين من فلسطين عام 1948. شاءت الأقدار فيما بعد أن تنتقل السيدة سوزان ابو الهوى إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ، بعدما كانت قد نزحت رفقة عائلتها بعد حرب يونيو في عام 1967 إلى الكويت. تدور غالبية أحداث رواية " صباحات جنين " في كنف مخيم جنين الذي شهد على مآسي و أحزان الشعب الفلسطيني عامة و عائلة ابو الهيجاء خاصة جراء اغتصاب أراضيهم بالقوة. من الجانب السيكولوجي ,تتطرق الرواية إلى الاستقرار النفسي الذي كان يسكن أفئدة كل العائلات الفلسطينية بدون استثناء قبل النكسة ,حيث كانت جل عائلات عين حوض كعائلة واحدة، كانوا يقتاتون من خيرات نفس الأرض و ينامون جلهم في حضنها الدافئ و يصحون دوما على رائحة أرضهم الطيبة. و تقول ، سوزان ابو الهوى ، في هذا الصدد : إن رواية " صباحات جنين " ليست رواية عن الفقدان و الخسارة فقط بل هي رواية عظيمة عن معنى الحب. من الأحداث الحساسة و المهمة في القصة و التي تجعلك متشوق لقراءة الرواية إلى أخر سطر من أجل معرفة الحقيقة و كذا التأكد انك أنهيتها من دون أن تغفل مقلتيك عن أي حرف ، قيام الجندي الإسرائيلي " موشيه " بخطف فلذة كبد " داليا " ، الطفل " إسماعيل " من بين يديها في الفوضى التي عمت المكان أثناء التهجير القسري . ذهب الجندي بعدئذ مبتهجا بالنصر إلى امرأته العاقر ليقدم لها الطفل ، و التي أطلقت عليه اسم " داوود" بدل " إسماعيل " . نشأ الطفل في عائلة يهودية و ترعرع على حب الوطن و لا شيء سوى الوطن. لكن الندبة التي كانت في وجه "داوود" هي التي كشفت على عدة حقائق في نهاية الراوية و من بينها هوية "داوود " الحقيقية. ذكرت ,سوزان ابو الهوى، على أن بذور هذا الكتاب جاءت من قصة قصيرة لغسان كفاني ، حول طفل فلسطيني ربته الأسرة اليهودية التي وجدته في منزل ذويه بعدما استولت على البيت عقب حرب عام 1948. التقت "آمال " بالألف الممدودة الحاملة للأمل كما كان شقيقها يحلو له أن يناديها، بعد عدة سنوات من فقدان الاتصال بأخيها " يوسف " الذي كان الشخص الوحيد الباقي من شجرة " أبو الهيجاء " على قيد الحياة ببيروت. شخصيا ,لم أكن أتوقع يوما أن جفوني سوف تغرورق بالدموع و أنا غارق في قصة ما ، لكن العكس هو الذي حصل الآن ، و انأ اقرأ و أتخيل لقاء " أمال " و " يوسف " بعد غياب طويل. استقر يوسف في بيروت رفقة حب عمره فاطمة بعد انضمامه إلى الثورة الفلسطينية. و في مشهد جد مؤثر تقول له زوجته فاطمة التي شُق بطنها من الفوق إلى الأعلى و هي حامل بعد حصار بيروت عام 1982. ''الحب هو كَينُوتنا ، يا حبيبي ... حتى في الموت لم يتلاشى حبُنا ﻷنني اعيش في عروقك " . كانت بيروت شاهدة على ولادة أرقى و أجمل حب " حب آمال و ماجد " . تكونت داخل كل منهما عاصفة من الحب. كان ماجد هو جذورها و بلادها. تعتبر رواية " صباحات جنين " وثيقة تاريخية مهمة بسرد فني أكثر من رائع ، رواية يمتزج فيها الحب مع الدمار و الأمل مع الموت و الإنسان مع الشيء. إن هذا العمل الإبداعي سوف يكون بمثابة وثيقة تاريخية لكل العرب الذين تناسوا أن لهم أرض تدعى " فلسطين ". نظرا للنجاح الباهر الذي حققته الراوية ، ترجمت رواية " صباحات جنين " إلى ستة و عشرون لغة . ما يميز هذه الرواية عن غيرها هو تلك الباقة المتنوعة من أشعار جبران خليل جبران و محمود درويش التي استعملتها الروائية لكي تضفى جمالية على روح الكتاب. في فلسطين فقط، هاتين الكلمتين ( الحب و الوطن ) لهما دلالة جد خاصة و أبعاد مختلفة تماما عن باقي شعوب العالم، و لن يفهمها إلا الفلسطيني الميتم بحب وطنه و القارئ لهذه الرواية. - طالب باحث في الدراسات الثقافية و الإعلامية [email protected] https://www.facebook.com/poemsandsayingsyg?ref=hl