على الأقل سبق لكل واحد منا أن شاهد ليلا جسما مضيئا يمر في السماء بسرعة عالية نسبيا وفق مسار منحني ويختفي عن أنظارنا في لحظة قصير جدا، ونتساءل عن طبيعة ذاك الجسم. هو بكل بساطة جسم صخري متكون في مجمله من الحديد والنيكل ومواد أخرى وينتج عن اصطدام أجسام توجد في الفضاء بالكواكب أو أقمار الكواكب وكذا بقايا حطام نجم أو كوكب لتشكل أحزمة تسبح في نظامنا الشمسي بالقرب من الكواكب. وفي لحظة معينة يمكن أن ينفلت من جاذبية هاته الكواكب ليمر بالقرب من الأرض بسرعة عادة ما تتراوح ما بين 12 إلى 72 كم في الثانية، كما يمكنها أن تخترق الغلاف الغازي للأرض متأثرة بالجاذبية الأرضية لتسقط على سطح الأرض. لكنها حالات نادرة الحدوث حيث يؤدي احتكاكها بالغلاف الجوي للأرض إلى ارتفاع حرارتها وتلاشيها في الجو بعد أن تظهر على شكل خطوط ضوئية، تشبه الألعاب النارية، وقد يكون حجم هذا الجسم في حدود حبيبات الرمل الصغيرة أو في حجم صخرة كبيرة. ويعرف المسار المرئي لهذا الجسم الذي يدخل الغلاف الجوي الخاص بكوكب الأرض باسم "الشهاب"، ولرصد الشهاب هناك العديد من المراكز الفلكية عبر العالم مجهزة بأدق التقنيات والمعدات كالتلسكوبات، وفي الفضاء الخارجي للأرض كالأقمار الاصطناعية والمركبات والمسابير الفضائية. في هذا السياق تعرف السماء انطلاقا من الليلة الماضية الأحد مرور زخات من الشهاب يمكن رصدها عبر الأرض ، حيث صرح أشرف تادرس رئيس قسم الفلك بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بمصر، أن "المطر الشهابي"، الذي بدأ، أمس الأحد، بالتزامن مع دخول هلال شهر شوال مرحلة " البدر"، ووصوله أيضا لنقطة " الحضيض" وهي أقرب نقطة للأرض، التي تجعله يبدو لسكان الأرض أكبر من حجمه المعتاد، فيما يعرف ب "القمر السوبر"، ستبلغ ذروة الهطول الشهابي، يوم غد الثلاثاء، غير أن رؤيتها ستكون هذه المرة صعبة بسبب تزامنها مع كون القمر "بدرا"، وفي نفس الوقت " سوبر" وأضاف أن الظاهرة ستستمر حتى الخميس المقبل. وتعرف هذه الظاهرة ب "المطر الشهابي" أو "الرخة الشهابية"، وتحدث بسبب تقاطع مدار الأرض مع مدار أحد المذنبات القديمة، فيدخل مدار الأرض في نطاق الذيول الترابية للمذنب، والتي يتركها خلفه دائما، فيحدث الهطول الشهابي، بحسب تادرس. ويمر القمر في الشهر العربي بثلاث مراحل تبدأ ب "الهلال" ثم "البدر" وينتهي ب "المحاق"، ويتميز بدر هذا الشهر بأنه سيبدو لسكان الأرض أكبر حجما وأكثر إضاءة، فيما يعرف بظاهرة "القمر السوبر" لاقتراب القمر من نقطة الحضيض على بعد 355 ألف كم من الأرض. ويؤثر الضوء الكثيف للقمر في مرحلة البدر على الرصد الفلكي سواء للظواهر التي ترصد بالعين المجردة، أو تلك التي تحتاج للتلسكوبات الفلكية، غير أن محبي الظواهر الفلكية يمكنهم الاستمتاع بالظاهرة وفق شروط يشير إليها تادرس. وقال: "يمكن المشاهدة قبل حلول الفجر بساعة حيث يكون القمر قد ارتفع في السماء، ولكن بشرط أن يكون ذلك في منطقة نائية بعيدا عن ضوء المدينة وفي منطقة خالية من السحب وبخار الماء". وأشار تادرس في السياق ذاته، إلى أن محبي الفلك يمكنهم في نفس اليوم مراقبة كوكب المشتري الذي سيكون مضيئا براقا أقوي من نجم الشعرى اليمانية. ونجم الشعرى اليمانية هو ألمع النجوم في السماء ليلاً ورابع ألمع جرم في السماء بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة، أما المشتري فهو أضخم كواكب المجموعة الشمسية، وخامس الكواكب بعداً عن الشمس. *باحث في الكيمياء