تركزت أعمال اليوم الثاني والأخير لمؤتمر "المنطقة العربية بين صعود تنظيم الدولة والانخراط الأميركي المتجدّد"، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة حول انعكاسات تمدد تنظيم "داعش" والحرب التي يشنها عليه التحالف الدولي على دول الخليج العربي، بالنظر خصوصا في حقيقة التهديد الذي يشكله التنظيم عليها، وتبعات مشاركة هذه الدول في التحالف الذي يحاربه. مخاوف خليجية وخيارات بديلة واستهل الدكتور محمد المسفر الحديث بمداخلة حول "قراءة في المواقف الخليجية من التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة". وأشار إلى أنّ الولاياتالمتحدة كانت قد شهدت حشد قوى إقليمية ودولية في عدة حروب، وكان لدول مجلس تعاون الخليج العربية دور في هذه الحروب وتمويلها. وقال إنّ هذه الدول مستهدفة من أطراف عدة لإجهاضها ماليًا وتخويفها من خطورة الحركات الدينية المتطرفة، ومن ثم، فقد جاء انضمامها إلى التحالف الدولي ضد "داعش" بسبب هذا التخويف الذي ساقه الغرب، والذي تم تصويره على أنه شرُّ داهم تجاه دول المجلس ولا بدّ من ردعه. وأشار إلى أنّ ثمة عناصر تستطيع من خلالها دول المجلس تحصين نفسها ضد هذا الخطر؛ وذلك عبر تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين والإسراع في إجراء إصلاحات سياسية وإدارية واقتصادية، ومعالجة أسباب ظهور التطرف، وتحقيق تنمية مستدامة. وسلّط الدكتور عبد الله باعبود الضوء على التحديات الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تتعرّض لها المنطقة العربية، ومن ضمنها تفاعلات الثورات العربية وانعكاساتها على أمن المنطقة وظهور التطرف الديني الطائفي وتدّخل قوى إقليمية وعالمية في الشأن العربي. وفي الورقة الثالثة المعنونة "السياسة السعودية، القاعدة وتنظيم الدولة"، لخّص الدكتور آلانغريش سلوك سياسة المملكة العربية السعودية بالخوف من إيران، والعجز لأسباب سياسية، والتناقض بين الفكر الديني الرسمي وسياستها داخليًا وخارجيًا. وشبه غريش السياسة السعودية تجاه الثورات العربية بسياسة الرئيس جورج بوش الابن وتبنيه مبدأ "من ليس معنا فهو ضدنا"، فعندما انطلق الربيع العربي أخذت السعودية منه موقفًا سلبيًا وحسبت كل من لم يأخذ الموقف ذاته فهو ضدها. وهكذا نشأ الخلاف بينها وبين قطر وتركيا خصوصًا بعد التغيير في مصر. وفي الجلسة الخامسة المعنونة: "تداعيات التدخل الأميركي في المنطقة بعد صعود تنظيم الدولة"، تحدّث الدكتور عبد الوهاب القصاب بورقة حول "التهديدات والتحولات في البيئة الجيوستراتيجية"، فناقش فيها العلاقة التفاعلية بين ثلاثة مفاهيم إستراتيجية فاعلة وهي: التهديد والردع والصراع، وطبقها على ما يجري حاليًا بين الأمة العربية وما تنتجه هذه العلاقة التفاعلية من تحوّل على الصعيد الجيوستراتيجي. وأورد القصاب أمثلة تطبيقية على الدور الإيراني الذي اخترق الأمن القومي العربي، وعلى إسرائيل كما كانت الحال في الحرب الأخيرة على غزة، ثم دور "داعش" في الإخلال بالأمن القومي العربي، والحشد الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة الأميركية. ورأى الدكتور أندرياسكريغ في ورقته "التعاون ضد داعش: التظاهر بتكامل الأدوار" أنّ التدخل الأميركي ضد داعش محكوم بالإرث الذي تركته الولاياتالمتحدة وراءها في العراق، وأنّ جميع التحركات الأميركية الحالية تتأثر بمحاولة عدم تكرار تجربة العراق عبر استدراجها للتدخل في المنطقة. وفي نهاية مداخلته، أشار إلى أنساق العلاقات الحالية بين الدول والمنظمات من غير الدولة عبر الانقسامات الأيديولوجية والسياسية هي ظاهرة قصيرة المدى نشأت بسبب تكاملٍ غير فاعلٍ حول "داعش" بوصفه تهديدًا مشتركًا. واختتمت الجلسة بورقة "تنظيم الدولة ومستقبل الحدود الدولية في الشرق الأوسط" ألقاها الدكتور جيمس دنيسلو، الذي رأى فيها أنه بعد نحو مئة عامٍ على ظهور الحدود السياسية الحالية بين دول المشرق العربي، حاول تنظيم لا يحمل صفة الدولة وخصائصها مثل "داعش" إزالة هذه الحدود بالمعنيين السياسي والمادي.