قال الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، أنيس بيرو، إن المغاربة المقيمين بالخارج مدعوون للمساهمة بشكل أكبر في تنمية بلدهم من خلال الاستثمار. وأضاف، اليوم بمراكش في مداخلة خلال ندوة حول "دور التحويلات المالية في تمويل التنمية في إفريقيا: الدروس المستخلصة من تجربة شمال إفريقيا"، أن الارتباط الوثيق الذي ما فتئ مغاربة العالم يثبتونه تجاه بلدهم، الذي حقق "نجاحا كبيرا" في جلب الاستثمارات الأجنبية، يتعين أن يشكل حافزا لهم للاستثمار أكثر في المغرب. وأبرز، في هذا الصدد، أن المملكة توفر إطارا مؤسساتيا وقانونيا مناسبا للاستفادة من كفاءات ورؤوس أموال مواطنيها المقيمين في الخارج، والذين يبلغ تعدادهم 5 ملايين مغربي، يتركز أزيد من 85 في المائة منهم في دول الاتحاد الأوروبي. وأشار الوزير إلى أنه فضلا عن المؤسسات القائمة في مجال تشجيع الاستثمار، اتخذت الحكومة المغربية مجموعة من الإجراءات لتيسير إنجاز المشاريع الاستثمارية لمغاربة العالم ببلدهم، محيلا بالخصوص على إحداث صندوق دعم الاستثمار الخاص بالمغاربة المقيمين بالخارج، والذي يتيح لكل من يتقدم بمشروع جديد للاستثمار أو يعتزم توسيع مشروعه الاستفادة من دعم مقدم من طرف الدولة يصل إلى 10 في المائة من كلفة المشروع، في حدود خمسة ملايين درهم لكل مشروع. ولفت الوزير، خلال هذا اللقاء الذي نظمته لجنة الأممالمتحدة الاقتصادية الإفريقية بشراكة مع اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) على هامش الملتقى التاسع لمنتدى التنمية بإفريقيا حول موضوع "طرق التمويل الجديدة من أجل التغيير"، إلى أن "المغرب لا يعتبر التحويلات المالية هدفا في حد ذاتها، لأن هذه المقاربة تنتقص من الدور الذي ينتظره من أبناءه المقيمين بالخارج"، مشددا على أن المملكة ترغب في أن تكون هذه التحويلات "إرادية وأن يقتنع المهاجرون بجدوها الاقتصادية". وبخصوص التجربة المصرية، أوضحت منى عصام، الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن تحويلات المصريين المقيمين بالخارج تعد من العائدات القليلة التي لم تتأثر سلبا بالأوضاع السياسية التي عرفتها مصر خلال السنوات الثلاث الماضية، مبرزة أن قيمة هذه التحويلات ارتفعت إلى نحو 20 مليار دولار نهاية السنة المنصرمة. وأكدت أن الاقتصاد المصري لا يستفيد بالشكل الأمثل من هذه التحويلات، لاسيما في ظل مرور نسبة كبيرة منها عبر القنوات غير الرسمية، موصية بضرورة تيسير ولوج المهاجرين والمتلقين للتحويلات للخدمات البنكية، وإحداث خدمات خاصة بالمهاجرين بالقطاع البنكي المصري، والاستغلال الجيد للإمكانات التي تتيحها التكنولوجيات الحديثة في هذا المجال، وكذا تخفيض تكلفة عمليات التحويل. من جانبه، أبرز نائب الأمين التنفيذي للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا، عبد الله حمدوك، أنه بالرغم من العائدات الكبيرة التي تدرها جاليات الدول الإفريقية على بلدانها الأم، فإن استفادة الدول المعنية من هذه الموارد في إنجاز المشاريع التنموية تبقى "محدودة جدا". وأوضح أن الاستفادة الفضلى من هذه الموارد يعترضها تحديين أساسيين هما ضعف البنية التحتية البنكية، وعدم فعالية التشريعات الوطنية في هذا المجال، داعيا الدول الإفريقية إلى العمل بشكل فعلي على جعل هذه التحويلات أسرع وأكثر يسرا وأقل كلفة. وأبرز خالد حسين، المستشار الاقتصادي بالإسكوا، أن تحويلات العمالة العربية بالخارج تشكل موردا هاما لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط لدعم جهودها التنموية، مشيرا في هذا الخصوص، إلى أن تحويلات المغاربة المقيمين في الخارج تمثل 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يضعها في المرتبة الثالثة في المنطقة بعد مصر ولبنان. وأوضح الخبير الاقتصادي أن حوالي 90 في المائة من هذه التحويلات تتوجه نحو الاستهلاك، مقابل أقل من 10 في المائة تتجه نحو الاستثمار، مشددا على الحاجة الملحة لوضع الدول الإفريقية والعربية سياسات وطنية واضحة لمواكبة المهاجرين للاستثمار في بلدانهم الأصلية من أجل استغلال هذا المورد في دعم القطاعات الحيوية بها، وفي مقدمتها الصحة والتعليم.