ليست "داعش" وحدها من تخيف المغاربة، بل أيضا الخرفان التي بات يتصورها قطاع عريض من المواطنين الفقراء وذوي المدخول المحدود أشباحا تقض مضجعهم، خاصة في خضم ارتفاع "ناري" لأسعار الأكباش قبيل عيد الأضحى الذي يحل يوم الأحد المقبل. ولمواجهة لهيب الأسعار والتخوف من الأمراض التي أشيع أنها قد تصيب قطيع الأغنام في بعض مناطق المملكة، اهتدى العديد من المغاربة إلى سلاح التفكه والنكتة تنفيسا عما جثم على صدورهم، فيما صار ل"الصردي" ارتباط بالانترنت لمن يرغب في شرائه "أون لاين". "الشناقة" داعشو الأكباش حرب أسعار الأغنام هذه، التي انطلقت شاحذة سكاكينها وأسلحتها ضد المغاربة الفقراء، نفخ في نارها الوسطاء "الشناقة" بشكل أثر سلبا في مستويات أثمان القطيع المعروض للبيع في عدد من المناطق، وهو ما حول خرفانا ودودة ومسالمة إلى "وحوش كاسرة" يقول أحد الظرفاء. وانتقدت فعاليات وجمعيات تدافع عن حقوق المستهلك الضرر الذي يشكله "الشناقة" على جيوب العديد من المواطنين المغاربة، حتى أن محمد بنقدور، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حقوق المستهلك دعا صراحة إلى القضاء على حرفة الشناقة في الأسواق المغربية. ولا يكاد يفرغ سوق من أسواق الأغنام بالمغرب من تواجد "الشناقة"، فهم في كل ركن يترصدون، وأمام رأس كل كبش يترقبون، حتى صارت أسواق الأضاحي مملكة فيها يحكمون، وبها الفقراء المساكين يتباكون، وهم يشاهدون "الصدري" و"البركي" من بعيد يزأرون. "الشناقة" يعزون ارتفاع الأسعار في الأيام الأولى لعرض الأكباش في الأسواق إلى ارتفاع تكاليف تربية الماشية، بسبب الزيادة في أسعار الأعلاف، فضلا عن ارتفاع تكلفة النقل، وكراء المحلات التي توضع فيها أعداد الخرفان التي زادت كلفة الواحد منها بحوالي 500 درهم. نكت "الحوالا" عجْزُ الكثيرين عن شراء الكبش الذي يرغب فيه الأبناء، مثل "كبش أقرن فحل ينظر في سواد، ويمشي في سواد"، دفع البعض إلى التباكي على حالهم ومآل عيدهم، فيما لجا آخرون إلى النكتة يتنفسها في المقهى والشارع والبيت، لعلها تذهب عنه غيظا لا يكاد يطيقه. أحدهم يحكي أن مغربيا ذهب لشراء كبش أملح أقرن لإرضاء زوجته وأطفاله، فلما لمح خروفا سمينا أعجبه شكله، فقال له البائع "أسيدي الحولي كيسوى 3 آلاف درهم"، فأجابه المواطن "نزلو نقلبو"، فلم يستسغ الكبش رد الزبون الفقير، فنطق قائلا "طلع نتا نقلبك واش عندك 3000 درهم بعدا أو لا ". نكت "الحوالا" هي الرائجة حاليا، يقول مواطن اعتاد الجلوس في أحد مقاهي مدينة سلا، وهو يراقب الأكباش تمر أمامه محمولة على عربات أو دراجات "تريبورتور"، وسحنات الوجوه تختلف بين السرور والعبوس؛ سرور الأطفال الذين يدفعون الكبش نحو مصيره الحتمي، وعبوس آبائهم الذين دفعوا "دم جوفهم" بتعبير المتحدث. "حوْلي أون لاين" ولا تُحمَل الأكباش على العربات المجرورة فقط، بل إنه بات لها مكان أيضا في الشبكة العنكبوتية لمن لا وقت له للتجول في "الرحبة"، تطالع رواد الانترنت بقرونها وأظلافها وصوفها، تبدو بهية جميلة، وبجانبها توصيف لها وأسعار تخصها، تتراوح بين 2500 و6500 درهما. "بمناسبة عيد الأضحى المبارك، نقدم لكم خرفان صردية أصيلة، ذات جودة عالية وثمن مناسب وفي متناول الجميع"، هكذا قدم موقع مختص في الخدمات التجارية إعلان بائع بالجملة، فيما يقترح موقع آخر عدة مراحل لاقتناء خروف عبر الانترنت، حتى دون لمسه سوى في "الخيال". هذه الطريقة التكنولوجية في تقديم الخرفان للبيع، بتوصيفات مختلفة مثل أية بضاعة أخرى، انقسم حولها رواد الانترنت بين من اعتبرها "طريقة تيسر طريقة الحصول على أضحية العيد بعيدا عن صخب الأسواق وتعبها"، وبين من وجد الأمر "غير عملي، لأن شراء كبش يحتاج للمعاينة عن كثب".