في 1سبتمبر 1922 أقرت عصبة الأمم - League Of Nations الإنتداب البريطاني بشكل رسمي على أساس وعد بلفور. غطت منطقة الإنتداب ما يعرف اليوم فلسطين التاريخية (أي المنطقة التي تقع فيها اليوم كل من فلسطينالمحتلة( إسرائيل المزعومة) والأراضي الفلسطينية - الضفة الغربية وقطاع غزة. وعد بلفور هي رسالة بعث بها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلديشير الابن الأكبر وولي العهد اللورد ناثان روتشيلد أنذاك والذي يدعوه فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين. قال في هذه الرسالة هذا المتأمر الوقح في الثاني من نوفمبر سنة 1917"عزيزي اللورد روتشيلد يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومي في فلسطين للشعب اليهودي.. ".وختم رسالته قائلا "وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح " آرثر جيمس بلفور. من السخريات العجيبة و من الثابت تاريخياً أن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية بين عامي1903 و1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية. نفاق غربي أزلي عجيب متكرر !!! هنا يجب أن نتسأل لماذا قامت عصبة الأمم بإقرار الإنتداب البريطاني على فلسطين وتقسيمها كون هذا يضاد مهامها في حفظ الأمن و السلم العالميين فأهداف العصبة الرئيسية تتمثل في منع قيام الحروب عبر ضمان الأمن المشترك بين الدول، والحد من انتشار الأسلحة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، كما ورد في ميثاقها. لاكن قيامها بإقرار الإنتداب البريطاني هذا يثبت عدم استقلاليتها وكونها أداة في يد الإتحاد العالمي الصهيوني الذي طلب المنافق الوقح بيلفور بإخطاره (الإتحاد الصهيوني) بوعده حول قيام دولة لليهود في رسالته التي ذكرناها سلفا و الموجهة لللورد ناثان روتشيلد, هذا الإتحاد الصهيوني يقوم على أساس بروتوكولات حكماء صهيون والتي هي مجموعة من النصوص الشريرة التي تتمحور حول "خطة" اليهود للسيطرة على العالم من خلال الإقتصاد الدولي وخلق مؤسسات عالمية تابعة لنفوذها العالمي، نشرت في لغات عدة، وأحدث نشرها ضجة كبرى في الأوساط الدينية والسياسية العالمية، وأول ما نشرت نشرت بالروسية على يد العالم الروسي سرجي نيلوس الذي وقع الكتاب في يده سنة 1901 ومن أبرز نصوص هذه البروتوكولات المتطرفة و الشاذة: إن الفرق بين الإنسان والحيوان هو مثل الفرق بين اليهود وغير اليهود وأن قتل غير اليهودي هو عمل يكافئ عليه الإله و الذي هو على غير دين اليهود حيوان، من نسل الحيوانات...وتتسع قائمة البروتوكولات. وهذا أمر ليس مستغربا فقد قال مجرم الحرب شارون مهنئا جميع الفصائل العميلة المجرمة المشاركة في قتل وذبح الفلسطينيين بمجزرة صبرا وشاتيلا بقوله :" إني أهنئكم ، فقد قمتم بعمل جيد ورائع، ولقد أثبتت الوقائع أن هذه المجزرة لم تكن وليدة يوم وليلة، لكنها جاءت منسجمة مع المخطط الصهيوني من أوله". قال منسجمة مع المخطط الصهيوني ن أوله. بطبيعة الحال هذا أمر متطرف لايتصل أبدا بالديانة اليهودية التي كان معتنيقوها يعيشون في القدس بنسبة 5% قبل سقوط الإمبراطورية العثمانية وسيطرة الفكر الماسوني الصهيوني على الديانة اليهودية وغالبية اليهود في شتى أنحاء العالم ودخول فلسطين في سياق الإنتداب البريطاني المقنن من عصبة الأمم المنحلة. وعودة على ذي بدأ يجب أن نكون جد واعين بأن جل الأدوات المؤسساتية الدولية والدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية المسماة بدول الحلفاء وجميع السبل الإقتصادية و السياسية والإجتماعية و الإعلامية سخرت لإقامة دولة لليهود على أرض فلسطين وكما قلت مسبقا وهو أمر غريب جدا أن اليهود كانوا أصلا يعيشون وفي تعايش مع المسيحيين و المسلمين في القدسوفلسطين وكان تعدادهم 5% نسمة كما ذكرت. وبالتالي فما الداعي إذا لهذا المخطط ومن أجبر الغربيين على المساعدة في هذا, الجواب هو السطوة والبطش الإقتصادي للحركة الصهيونية المتطرفة أنذاك والدعم الأمريكي من خلال مؤسسة الرئاسة وجلسي الشيوخ والكونغرس الأمريكيين, والخوف الغربي الرسمي مجتمعيا من اليهود المتطرفين.وبالتالي حولوا مسار عصبة الأمم عن أهداف ميثاقها وأدخلوها في تقنين احتلال فلسطين وبدأ معاناتها التي لم تنتهي لحدود الساعة بعد أكثر من 65 سنة من عمر الإحتلال الصهيوني المدعوم من قوى الإمبريالية العالمية. عصبة الأمم و اللأمم المتحدة United Nations وجهان لنفس الهدف بعد الحرب العالمية الثانية وإقامة هيئة الأممالمتحدة بدلا لعصبة الأمم التي انتهت من المرحلة الأولى من المؤامرة العالمية وبعد أن تبين للإتحاد الماسوني وحلفائه من الأنظمة الرأسمالية المنافقة استحالة المواصلة في تنفيذ المخطط من خلال هذه المؤسسة لفقدانها المصداقية مع ماتركته الحرب العالمية من متغيرات جذرية وعلى المستوى العالمي برمته تم استبدال عصبة الأمم بمنظمة الأممالمتحدة بعد انتصار الحلفاء على دول المحورفي الحرب ولعب سلاح شركات التسليح العملاقة الأمريكية المملوكة لمتعاطفين أو أعضاء بالحركة الماسونية ( التي هي في الأصل حركة لادينية, فهي حركة ملحدة تستغل الدين لمصالحها) الدور الحاسم في حسم المعركة لصالح معسكر التحالف الصهيوني تمهيدا للمرحلة الأخيرة من توطين يهود العالم في فلسطين وذلك بقوة السلاح وتمكينهم من كل أنواع القوة و القدرة اقتصاديا وعسكريا مع حمايتهم دوليا. تطلب الأمر تأسيس منظمة الأممالمتحدة بتاريخ 24 أكتوبر 1945 في مدينة سان فرانسيسكو، كاليفورنيا الأمريكية، تبعاً لمؤتمر دومبارتون أوكس الذي عقد في العاصمة مباشرة بعد انتصار محور التحالف في الحرب تمهيدا لإقناع العالم بالدخول فيها وهكذا يتسنى لهم إصدار قرارات أممية تدعم الإحتلال الإسرائيلي لفلسطين بدعم من دول العالم تحت مظلة هذه الأخيرة. وكذلك كان لهم الأمر فلم تتأخر المنظمة الجديدة كثيرا بعد دخول عديد من الدول في عضويتها بما في ذلك الدول العربية للأسف التي لم تملك الرؤية الواضحة أنذاك و التي وقعت من غير أن تشعر بالخديعة على الإلتزام بميثاق وقررات الأممالمتحدة, هذه الأخيرة التي أصدرت القرار الأممي للجمعية العامة التابعة لهيئة الأممالمتحدة رقم 181 والذي أُصدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947 بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطين القاضية بإنهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين ( أي إنهاء مرحلة الأنتداب التي أقرتها عصبة الأمم) وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، دولة عربية و دولة يهودية و القدس وبيت لحم والاراضي المجاورة، تحت وصاية دولية. وعندما أعلنت النتيجة انسحب المندوبون العرب من الاجتماع وأعلنوا في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها. استنكروا !! تنامت الضغوط السياسية على أعضاء الأممالمتحدة لقبول خطة التقسيم، واستحسن معظم اليهود مشروع القرار وبخاصّة الوكالة اليهودية، إلا أن المتشددين اليهود من أمثال مناحيم بيغن رئيس منظمةالإرجون الصهيونية، وعضو عصابة الشتيرن، اسحاق شامير رفضوا هذا المشروع, وإلى هذا اليوم، تشيد كتب التاريخ الإسرائيلية بأهمية ال 29 من نوفمبر 1947.كيوم نصر للتطرف الصهيوني العالمي. رفض المتشددين اليهو لقرار التقسيم يفسره تصريح المتطرف الصهيوني في بث راديو في 30 نوفمبر 1947، صرّح مناحيم بيغن،الذي كان في ذلك الحين أحد زعماء المعارضة في الحركة الصهيونية، عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد, رفضوا قرار التقسيم لأنهم لايريدون جزء واحدا من أرض فلسطين يرفع فوقه العلم الفلسطيني. عملية التصويت هذه علق عليها وزير الدفاع الأمريكي آنذاك جيمس فورستل بعد ذلك في مذكراته قائلا: "إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأممالمتحدة كانت فضيحة".شهد شاهد من أهلها. هناك فرق بين دولة تأتي لتحتل أرضك بالقوة فيعلم العالم أن أرضك محتلة فيدعمك ويدعم قضيتك, والأمر الثاني ان تجمع هذه الدول تحت مظلة منظمتين وعلى مرحلتين مرحلة عصبة الأمم و المرحلة الثانية الأممالمتحدة من أجل أن يجروا الأمم المنضوية تحتها للتصويت من أجل تقنين الإحتلال البريطاني لفلسطين تحت مسمى الإنتداب البريطاني وماهي إلا حيلة المفاهيم والمصطلحات السياسية والإعلامية و التاريخية ومرحلة الأممالمتحدة التي أقرت الأمم تحت سقف ميثاقها وتحت ضغوط رهيبة واستفزاز اقتصادي خطير للتصويت من أجل تقسيم فلسطين, كمرحلة ماقبل الأخيرة, والأخيرة هي إقامة دولة إسرائيل الكبرى, و الكل يعلم اليوم كيف أن إسرائيل تقدم يوم بعد اخر من الأراضي الفلسطينية بهدم منازل الفلسطينيين أو إجلائهم بالقوة وبناء المستوطنات على مساحة مئات الألاف من الكيلومترات, التي أصلا أقرت الأممالمتحدة بأنها أراضي للفلسطيننين في إطار تقسيمها التاريخي الظالم للشعب الفلسطيني و للعرب ككل والذي كان بداية النكبة للعرب ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص من خلال مؤامرة تاريخية شرعنتها منظمتين تأسستا من أجل السلام العالمي وليس من أجل تهديد السلام العالمي. - الناشط السياسي