بعد صمت مطبق استمر سنوات، قاد خلالها الشؤون الأمنية والسياسية من وراء حجاب، وتسبب في كوارث مكلفة لسمعة البلاد، ليس أخرها حربه الشعواء على صحفيين من أمثال علي المرابط وأبو بكر الجامعي.. حرك الصدر الأعظم ، فؤاد الهمة بيادقة في التلفزة، فأعلنوا تشريفه للنظارة الكرام، في لقاء تلفيزيوني ميمون، كان ينقصه الصحفي التحفة، مصطفى العلوي وتقديم على وزن "أيها المواطنين.. صاحب صاحب الجلالة يخاطبكم"، أفردوا له نصف ساعة كاملة من وقت الذروة، أو البرايم تايم حسب تعبير إخواننا الامريكين، وجلس إلى الصحفي الوديع عبد الصمد بن الشريف، الذي أعطاه الفرصة الكافية لتشنيف أسماعنا بموشح حزب المتفائلين الجدد، المندحرين في صناديق الاقتراع، دون توجيه ولو سؤال واحد من الأسئلة الدائرة في خلد المشاهدين. "" كنت أود أن يُسأل السيد عالي الهمة أولا بأي صفة يخاطب المغاربة في برنامج خاص، وهل يمكن لأي نائب من المنتخبين الجدد، أن يهاتف التلفيزيون ويأمرهم فيأتمرون، أم أن مدام سميرة سيطايل ترد الجميل لمن وضعها في مكانها. وإذا تجاوزنا ملابسات الحضور، وركزنا على مضمون كلام السيد عالي الهمة، يحق لنا السؤال عن أي شرعية يمتلك الرجل، ليتحدث باسم الأغلبية الصامتة، ومن فوضه تمثيل ثلثي الناخبين، الذين قاطعو الانتخاب أصلا لأنهم لا يشاطرون نظرة السيد الهمة المتفائلة سكر زيادة، ولا يؤمنون بالديمقراطية كما يفهمها الهمة ، أي أن يصوت الشعب لتلميع صورة النظام فيما يحكم الملك وأصدقاء دراسته ومنهم عالي الهمة نفسه. لقد كان الهمة عراب حزب المتفائلين الجدد، شرع لهم خزائن الدولة وأنشأ جمعيات وصحف وصادر الإعلام العمومي، وسخر كل ذلك للتهليل للمتفائلين، والتشهير بمخالفي الرأي أو من يسمونهم بالعدميين، وجاءت فرصة الانتخابات التي أبانت بجلاء الحجم الحقيقي لزمرة المتفائلين، بعد أن صوت في الانتخابات ربع المسجلين فقط، إذا اعتبرنا الأوراق الملغاة. بعد هذه النتيجة، وجد السيد فؤاد في نفسه ما يكفي من الجسارة، حتى نتجنب قول الوقاحة، ليأتي للتليفزيون بهمة عالية، ويقرا علينا أسفارا من كتاب التفاؤل، وكأنه يستبلد الرأي العام، الذي أبان عن ذكاء جماعي ووجه صفعة قوية للنظام بجميع أركانه. وقمة المضحكات، عندما عاد السيد فؤاد، منظر الديمقراطية المحمدية، (على وزن الديمقراطية الحسنية)، للحديث عن الخصوصية المغربية، وأنه لا يريد ديمقراطية مستوردة، إنما صناعة محلية، وهو عين ما قاله الملك لجريدة اسبانية منذ سنوات، بمعنى نظام فيه الملك يملك ويحكم، في الدين والسياسة وكل شيء، من تدشين نافورة في شيشاوة إلى إعلان حالة الطوارئ.. ويبقى الشعب، أو الرعية حسب المفهوم الخصوصي لديمقراطيتنا " مايد إن موروكو"، أربعين مليون من الكومبارس، وهو ما رفضه هذا الشعب بكيفية صادمة لمن أراد أن يذَّكر. أما الشرعية الجديدة التي يفتخر بها السيد الهمة، فلم ينلها في نظام ديمقراطي، بل جمع أصوات البسطاء لأنه "صديق الملك"، ولأن الناس لا تثق في تجار السياسة من الأحزاب، فان ناخبيه تصرفوا بنفعية، بانتخابهم لمن له مفاتيح صاحب القرار الحقيقي في النظام المخزني، و كيفما كانت نسبة فوزه في دائرة انتخابية، فان ذلك لا يعطي سيادة النائب، أي شرعية ليخاطب المغاربة وينظر لهم، المغاربة ياسيد فؤاد، أبانوا عن وعيهم واختاروا بأغلبية ساحقة، الانسحاب من المسرحية، المسرح لكم، العبوا البطولة كما شئتم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.