يبدو أن تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" حول أحداث "فض ميدان رابعة العدويّة" قد أغضب السلطات المصريّة كثيرا بحديثه عمّا وصفه ب"القتل الجماعي في مصر"، حيث أصدرت سفارة القاهرة بالرباط بلاغا صحفيّا ترد فيه على ما أسمتها "إدعاءات التقرير والذي اتسم بالسلبية والتحيز في تناوله لأحداث العنف التي شهدتها مصر خلال العام 2013". البلاغ الصادر عن السفارة، وتوصلت به هسبريس بعد 24 ساعة عن نشر مادّة متصلة بتقرير HRW، تحدث عن رد حكومة إبراهيم محلب، المُعيّنة من طرف السلطات الجديدة بمصر، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وقال إن "التقرير تجاهل العمليّات الإرهابية التي ارتكبها تنظيم الإخوان الإرهابي وأنصاره"، معلنة رفضها للتقرير الذي صدر أمس ضمن 188 صفحة تحت اسم "حسب الخطة: مذبحة رابعة والقتل الجماعي للمتظاهرين في مصر"، وأنها "تنتقد عدم حياديته". وعبرت الحكومة، وفق منطوق بلاغ السفارة المصرية، عن أسفها ل "تجاهل التقرير عمدًا الإشارة إلى وقوع المئات من شهداء الشرطة والقوات المسلحة والمدنيين من جراء أحداث العنف والإرهاب التي لا تزال مستمرة إلى الآن عن طريق هجمات وتفجيرات منسقة ومنظمة"، مشيرة أن التقرير غفل كذلك "أن أول من سقط خلال فض الاعتصام هو شهيد من الشرطة أُصيب بطلق من سلاح ناري". واعتبرت حكومة محلب أن التقرير الدولي ل"هيومن رايتس ووتش" جاء استباقاً لنتائج عمل لجنة تقصي الحقائق الوطنية "المستقلة"، التي قالت إنها شكلتها برئاسة قاضي دولي "معروف"، بغرض تجميع وتوثيق أحداث العنف "ليس فقط خلال عملية فض إعتصام رابعة والنهضة، وإنما أيضا فى أحداث العنف التى وقعت منذ 30 يونيو 2014"، على أن التقرير الدولي يبقى "انتهاكاً لمبدأ سيادة الدولة، وتدخلاً سافراً فى عمل جهات التحقيق والعدالة". ودعا المصدر ذاته منظمة "HRW" إلى تحري الدقة والحيادية والالتزام بالموضوعية والمهنية "إزاء الموضوعات التي تتناول الأوضاع في مصر"، قبل أن تتهمها بإصرار ممثليها على زيارة مصر وإصدار تقريرها "تزامناً مع التحركات المشبوهة للتنظيم الإرهابي وأنصاره الذي يمارس العنف والإرهاب ضد الدولة المصرية.. ويدعو إلى إثارة الفوضى في ذات توقيت الزيارة". في مقابل ذلك، أعلنت الحكومة المصرية تأكيدها على "احترامها الكامل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية"، وذلك "وفقاً لما ضمنه الدستور المصري لعام 2014 واتساقاً مع التزاماتها الدولية بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان"، فيما عابت على التقرير المذكور تجاهله "أن الفض جاء بعد فشل كافة الجهود السياسية والشعبية في إقناع المعتصمين بالفض السلمي حفاظاً على الأمن والنظام العام". ونشرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أمس تقريرا شاملا عما وصفته ب"القتل الجماعي في مصر" خلال شهري يوليوز وغشت من العام الماضي، جراء فض اعتصامات ميدانَيّ رابعة والنهضة بالقاهرة، الموالية للرئيس المصري المعزول آنذاك محمد مرسي، نتج عنه مقتل ما لا يقل عن 817 مصري في يوم واحد، وفق تعبيرها، فيما اتهمت الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي بمسؤوليته في تلك الأحداث.