قال عمر شاكر، الباحث في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية في مكتبها بالقاهرة، ومعد تقرير "مذبحة رابعة" الذي أطلقته المنظمة اليوم الثلاثاء، أن الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي "مسؤول عما حدث خلال فض اعتصام ميدان رابعة العدوية" لأنه كان على رأس الهرم الأمني في فترة حصول "المجزرة" في غشت 2013، بصفته نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الامنية ووزيرا للدفاع، ودعا إلى "محاكمة المسؤولين عن جريمة الحرب التي حصلت" وفق تعبيره. وأشار شاكر، في مقابلة خاصة معه ببيروت، إلى أن "الطريقة التي جرت بها إدارة العملية تشير إلى أن الشخص الذي كان مسؤولا عن القرارات الأمنية، كان نائب رئيس الوزراء للشؤون الامنية عبد الفتاح السيسي".. وأوضح أن السيسي "كانت تحت سلطته المباشرة تحركات وزير الداخلية محمد إبراهيم، وأحد أبرز القادة الأمنيين مدحت المنشاوي، قائد العملية ورئيس القوات الخاصة، وهي كانت القوة التي نفذت الاقتحام الأخير لميدان رابعة العدويّة". ولفت إلى أن "هناك 8 مسؤولين آخرين في الداخلية تشير الأدلة إلى تورطهم"، لكنه اعتبر أن "هؤلاء كلهم كانوا تحت الإمرة المباشرة للسيسي خصوصا أنه كان وزيرا للدفاع وكان يملك سيطرة كاملة على الجيش الذي تولى تشتيت المتظاهرين وغيرها من عمليات القتل.. وكان السيسي يلعب دور التنسيق بين كل الأجهزة الأمنية في مصر بسبب منصبه كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الامنية". وشدد شاكر على أنه "جرى التخطيط بشكل مسبق لمذبحة ميدان رابعة العدوية"، كاشفا أن "الأدلة التي لدينا تشير إلى أن التخطيط بدأ بعد وقت قصير من 3 يوليوز 2013 وتم اتخاذ القرار باستخدام هذا النوع من العنف في أوائل غشت، والأحداث التي أدت إلى تشتيت المتظاهرين، حين وضعت وزارة الداخلية مسودة لتفريق المتظاهرين، تحمل تصورا لاحتمال مقتل نحو 1000 شخص من أصل نحو 35 ألفا".. وأضاف: "في اليوم الذي تلا القتل مباشرة، قال وزير الداخلية محمد ابراهيم إن الخطة نجحت مئة في المئة، وإذا أردنا أخذ ما قاله حرفيا يجب أن ننظر إلى الخطة ونتائجها، والنتائج بالنسبة إليها جرائم ضد الإنسانية وما لا يقل عن مقتل 817 شخصا". ورأى عمر أنه "من الواضح أن هناك سعيا للتملص والتغطية من جانب السلطات المصرية" بشأن عمليات القتل ضد متظاهرين في يوليوز وغشت 2013"، مشيرا إلى أن "ذلك السعي ممنهج ويغطي أشياء عدة: فهناك رفض للإقرار بحصول أي خطأ، وهناك بكل بساطة إنكار لحصول أي انتهاكات.. حتى السلطات الصحية الجنائية الرسمي تحدثت عن مقتل 627 شخصا، إذن يبدو أن الحكومة عاجزة حتى عن رواية قصتها بشكل متناسق". وأرجع شاكر سبب "تهرب السلطات المصرية من إجراء تحقيقات" أو الاعتراف بما حصل إلى "حقيقة أن العديد من المسؤولين الذين تشير الأدلة إلى أنهم اعطوا الأوامر أو نفذوا عمليات القتل الجماعي في صيف 2013 مازالوا في السلطة في مصر اليوم".. ورفض الباحث في "هيومن رايتس ووتش" وصف الداخلية المصرية لتقرير المنظمة، الذي أطلقته اليوم، بأنه "مسيّس ويهدف إلى اسقاط الدولة في مصر". واعتبر مساعد وزير الداخلية المصري لشؤون حقوق الإنسان، اللواء أبو بكر عبد الكريم، في تصريح له، أن تقرير المنظمة، الشهيرة اختصارا بHRW "مسيس ويفتقد للمهنية والموضوعية"، لا سيما أن "مصادره غير معلومة وغير رسمية"، معتبرا أنه "صادر ضد الدولة المصرية بهدف إسقاطها". وقالت الحكومة المصرية، في بيان اليوم الثلاثاء، إن "تقرير المنظمة تغاضى عمدًا عن الإشارة إلى وقوع المئات من شهداء الشرطة والقوات المسلحة والمدنيين جراء أحداث العنف والإرهاب التي لا تزال مستمرة إلى الآن عن طريق هجمات وتفجيرات منسقة ومنظمة على يد من وصفهم التقرير ب"المتظاهرين السلميين". وفي رده على وصف التقرير ب"المسيس"، قال شاكر إن "اتهام تقريرنا بأنه مسيس هو عادة الاتهام الذي يوجه لأي تحقيق يتعلق بحقوق الإنسان حين تكون النتائج عكس ما تشتهيه الحكومة".. وزاد: "إذا كان النظام المصري يريد أن يقدم نفسه من خلال القتل الجماعي وانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان إذن نحن نريد سقوط هذا النظام الجائر"، مضيفا أن "التقرير ليس مسيسا بل يتحدث عن الانتهاكات من قبل جميع الأطراف، ومن الواضح أن الانتهاكات الأكبر أتت من قبل قوات الأمن المصرية، وأشرنا إلى مقتل ضباط في الشرطة واحراق كنائس كذلك". ودعا شاكر وزارة الداخلية المصرية إلى التعاون، مضيفا أنهم في الوزارة "لم يردوا علينا. وكتبنا إليهم منذ شهر يونيو إلى الآن، ودعوناهم لتقديم الأدلة التي بحوزتهم بخصوص ما حصل الصيف الماضي لكننا لم نلق أي استجابة".. وأشار شاكر إلى أنه "خلال اعداد التقرير تحدثنا إلى مجموعة واسعة من الشهود، أحدهم ضابط شرطة كبير، كما تحدثنا إلى أحد القناصين الذي كان يطلق النار على المحتجين لكن في غالبية الحالات لم نتمكن من التحدث إلى السلطات". واعتبر أن السلطات المصرية "تقوم حرفيا بمسح على نطاق واسع لأي أدلة على القتل في ميدان رابعة العدويّة، فقد أعادوا تزفيت الطرق، وأعادوا إعمار الأبنية وبنوا نصبا للجيش والشرطة، وبحسب تحقيقاتنا خططوا لاستخدام السلاح بطريقة لا تترك أي أدلة على وقوع جرائم قتل".. وشدد على أن "أي نقاش إضافي حول إعطاء مصر المزيد من الوقت لاجراء تحقيقات - خصوصا أن المدعين العامين فشلوا في ذلك طوال السنة الماضية - هو مضيعة للوقت"، داعيا إلى "الخطوة الأولى والتي يجب أن تكون تلقائية وهي تشكيل لجنة تحقيق دولية يقودها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتتضمن جمع أدلة وتحديد المسؤوليات من أجل التحضير لإجراء محاكمات قضائية سواء أمام القضاء الدولي أم المحلي". وقال شاكر إن "مكتب المنظمة في القاهرة مغلق منذ فبراير 2014 وليس لدينا وجود ميداني دائم في مصر حاليا لكننا سنستمر في العمل على الملف المصري بشكل لصيق من خارج مصر لأننا نعتقد أن الانتهاكات خطيرة وحادة". * وكالة أنباء الأناضول