يقبل المغرب في الأيام القليلة القادمة على تطبيق مدونة السير الجديدة، و التي يرى الكثيرون أنها لا تتماشى و واقع المغاربة المعاش، حيث تفرض المدونة غرامات مالية لا تتناسب و دخل السواد الأعظم من المواطنين، الأمر الذي سيجعلها تتحول إلى مشكلة يواجهها السائقون كلما ركبوا سياراتهم. و لعل أكبر مشكل ستواجهه المدونة هو تطبيقها نفسه، فمن جهة ستكون فرصة لبعض رجال الأمن من ضعاف الأنفس لزيادة أرباحهم اليومية، حيث ستساهم في الرفع من قيمة الرشاوى التي سيتسلمونها مقابل غظ البصر عن بعض المواطنين المخطئين من محدودي الدخل اللذين يفضلون دفع الرشوة على دفع قيمة الغرامة، أو من "الخانزين فلوس" اللذين يفضلون أن لا تطبق عليهم المساطر، خصوصا إذا علمنا أنه مع المدونة الجديدة أصبح الحبس بحال الضحك. أما المشكلة الثانية التي سيكون على المدونة التغلب عليها فهي قائمة العائلات "الكريمة" التي يعتقد المنتسبون إليها أنهم فوق القانون، أولائك الذين لا يتوانون عن إشهار شجرتهم العائلية المتعددة الأصول و الفروع في وجه رجل الأمن الذي يفكر ألف مرة قبل أن يَخط أحد تلك الأسماء في ورقة الغرامة خشية أن يُخط اسمه في ورقة الانتقال إلى المناطق التأديبية. غير أن حل هاته المعضلة الأخيرة بسيط جد... فيكفي أن تعمم وزارة الداخلية مذكرة تحثُّ فيها رجال الأمن على استخدام كلمة جديدة في قاموس الإدارة و هي " بْزَعْطة" بزعطة إذا كنت ابن الوزير بزعطة إذا كان خالك قاضيا بزعطة إذا كنت نسيب الوالي بزعطة إذا كان عمك مسؤولا حكوميا بزعطة إذا كنت حفيد السفير بزعطة إذا كنت صديق البرلماني بزعطة إذا كان في شاقورك رائحة شحمة أحد المسؤولين، فالقانون يسري عليك و على شجرتك العائلية من جذورها إلى أهم فروعه. نحن لا نخشى المدونة بعقوباتها، بل ندعو إلى توخي الصدق في تطبيقها، لا نريدها أن تكون رحيمة بنا إذا أخطأنا، بل نريد أن ينزل سيفها على الجميع، لا أن تختار الرقاب التي تقطعها، تفتك بمن تشاء و تعفوا عمن تشاء، نريد أن يقف المغاربة أمامها كأسنان المشط و يعاقب بها حتى الوزراء بما فيهم وزير النقل، إذا أخطأ، ليكونوا عبرة لنا و أن يسمعوا هم أيضا "بزعطة" فلا تقال فقط لبسطائنا.