خمسة من الرهائن الفرنسيين في النيجر في قبضة الإرهابي أبو زيد، أحد أبرز زعماء تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". فمن هو هذا الرجل الذي يوصف بالمتشدد والعنيف؟ ومن هو بلمختار الناشط المتطرف الأخر في المنطقة؟ من هم أمراء "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"؟ ينشط تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، المنبثق عن "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الجزائرية في منطقة الساحل، ويعتبر هذا التنظيم الموالي لأسامة بن لادن المسؤول الأول عن عمليات اختطاف طالت الأجانب، أخرها كان في 16 سبتمبر/أيلول الجاري حين اختطف سبعة موظفين في شركة "أريفا" الفرنسية في مدينة ارليت في النيجر، بينهم خمسة فرنسيين. وينشط اثنان من زعماء كتائب "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في منطقة الساحل، وهما عبد الحميد أبو زيد، الذي يوصف بالمتطرف المتشدد ومختار بالمختار، المهرب بامتياز في هذه المنطقة منذ أكثر من 15 سنة. ويدين الاثنان بالولاء لعبد الملك درودكال أمير "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ويحيى جوادي أمير "أمارة الصحراء". عبد الملك درودكال، زعيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" ولد عبد الملك درودكال في مدينة مفتاح، بالقرب من الجزائر العاصمة، في العام 1970، درس الهندسة، وترأس تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في العام 2004. وتشير المعلومات إلى أنه قاتل في أفغانستان. وقد تأثر درودكال بالمصري أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم "القاعدة"، والأردني أبو مصعب الزرقاوي، وقد كان درودكال العقل الذي دبر التحاق "جماعة الدعوة والقتال" السلفية ب"القاعدة" والتي أصبح اسمها "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" في العام 2007 وعين عبد الملك درودكال أميرا لها. ويؤكد درودكال في مقابلة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" في 2008 بأن أهداف تنظيمه الأساسية "لا تختلف عن أهداف تنظيم القاعدة الأم". وبما يخص "المغرب الإسلامي" الأهم بالنسبة إلينا يضيف الرجل "إنقاذ بلادنا من براثن أنظمة مجرمة خانت دينها وشعوبها، أنظمة خلفها الاستعمار الذي احتل بلادنا قرنين من الزمن وسمح لهذه الأنظمة بالحكم، فالمصالح الغربية في المنطقة لا يمكن حمايتها". ويحمل درودكال أيضا لقب أبو مصعب عبد الودود، وهو مسؤول عن جملة من الاعتداءات الإرهابية منها الهجوم على مبنى الأممالمتحدة في الجزائر العاصمة في 11 ديسمبر/كانون الأول 2007. يحيى جوادي، أمير "إمارة الصحراء" لقد قسم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" شمال أفريقيا إلى مجموعة من المناطق العسكرية،وتمثل "إمارة الصحراء" المنطقة التاسعة منها وهي منطقة شاسعة تمتد بين مالي والنيجر ونيجيريا وليبيا وموريتانيا وتشاد. وقد خلف يحيى جوادي الملقب ب"الياس أبو عمار مختار بالمختار" على رأس "إمارة الصحراء" في العام 2007. وفي رصيد هذا الرجل الأربعيني سلسلة طويلة من الاعتداءات وعمليات الاختطاف بدأها في كنف الحلقة المقربة من عبد الملك درودكال. ويعتبر جوادي اليد اليمنى لدرودكال. عبد الحميد أبو زيد، قائد كتيبة "طارق بن زياد" أو "الفاتحين" "قصير القامة، ضعيف البنية، لحيته ضعيفة، في الخمسين من العمر"، بهذه الكلمات يصف الرهينة الفرنسي السابق بيار كامات الذي استعاد حريته في فبراير/شباط 2010 بعد 3 أشهر من الاختطاف في حديث لمجلة "جون أفريك" واحد من أبرز زعيمين لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". ويقود عبد الحميد أبو زيد، اسمه الحقيقي أديب حمادو، الذي يوصف بالرجل القاسي والعنيف والمتعصب، الجناح الأكثر تطرفا في "القاعدة"، فجماعته كانت أول جماعة أعدمت رهينة هو البريطاني أدوين دير في يونيو/حزيران 2009، وكانت عملية الإعدام هذه الأولى لأجنبي منذ اختطاف وقتل رهبان تبحرين في العام 1996 في الجزائر. ويقول عنه أنيس رحماني مدير عام يومية "النهار" الجزائرية: "الرجل هذا شديد التطرف ولا يفاوض". ولد هذا الإسلامي الجزائري ، في الأربعين من العمر- في مدينة توغورت الصحراوية التي تبعد نحو 600 كلم عن العاصمة، وكان عضوا في "جبهة الإنقاذ الإسلامي"، هرب إلى الجبال الجزائرية في بداية تسعينات القرن الماضي والتحق بجماعة مختار بلمختار وانضم إلى "جماعة الدعوة والقتال" السلفية المسلحة. وتعود أولى أعمال أبو زيد المسلحة إلى العام 2003 حين وجهت إليه وإلى عماري صايفي الملقب ب"عبد الرزاق أل بارا" اتهامات باختطاف مجموعة من السياح الأجانب، من ثم اتهم باختطاف نمساوي وزوجته في الجزائر في فبراير/شباط 2008 وأيضا سياح أوروبيين منهم أدوين دير، بمالي في العام 2009. كما أن الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانو، الذي أعدم في يوليو/تموز 2010، كان في قبضته . وأصبح عبد الحميد أبو زيد زعيما من زعماء "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، حسب أنيس رحماني، بعد إلقاء القبض على عدد من مسؤولي التنظيم وإبعاد عدد أخر منهم عن مراكز القيادة. ويضيف الصحفي الجزائري المذكور: "لم يتلق أبو زيد، مثله مثل يحيى أبو الحمام، تعليما مهما، ولم يكن من الذين يحددون توجهات الحركة". ولكن أبو زيد كان على اتصال مباشر مع قيادة التنظيم الأم وتحديدا مع المصري أيمن الظواهري، و"سعى إلى لفت انتباه قيادة التنظيم في باكستان، والتي اعتبرت القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تنظيما محليا غارقا في مشاغله الخاصة" حسب ما يرى جان بيار فيلي، مؤلف كتاب "الحياة التسع للقاعدة" في حديث مع مجلة "الاكسبريس" الفرنسية. وتحتجز اليوم جماعة أبو زيد الفرنسيين الخمسة الذين اختطفوا في النيجر يوم 15 سبتمبر/أيلول. يحيى أبو الهمام، مساعد عبد الحميد أبو زيد في الثلاثين من العمر، يعمل هذا الرجل القادم من شرق العاصمة الجزائرية تحت آمرة أبو زيد ويقود كتيبة "الفرقان" المتمركزة في غرب تومبكتو (شمال مالي). أبو الهمام عضو سابق في "جماعة الدعوة والقتال" السلفية، ويحتل مرتبة شديدة الأهمية في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" والسبب تورطه في غالبية عمليات الاختطاف التي شهدتها المنطقة. ويقول أنيس رحماني: "إن الكثيرين لديهم سلطة ما في المنطقة، ولكن في الواقع العملي أبو الهمام هو الأكثر خطورة، فهو من يتحرك فعليا على الأرض وهو على الأرجح من قتل الرهينة الفرنسي ميشال جيرمانو". وتقول وسائل إعلام موريتانية إن يحيى أبو الهمام قتل في 21 سبتمبر/ أيلول في هجوم شنه الجيش الموريتاني ضد مسلحي القاعدة. عبد القادر مختار بلمختار، قائد كتيبة "الملثمون" ينشط مسعود عبد القادر مختار بلمختار أو "إلياس أبو العباس" أو "الأعور" في منطقة الساحل منذ أكثر من 15 سنة، وتفيد مصادر المركز الفرنسي للأبحاث الاستخبارتية، أن كتيبته، "الملثمون"، تنشط أساسا في شمال مالي وفي موريتانيا. ويعيش الرجل، المتزوج منذ سنوات من ابنة عائلة مرموقة من طوارق مالي، في ترحال دائم. ولد مختار بلمختار في العام 1972 في غرداية (في جنوب شرق الجزائر) ، قاتل في صباه في أفغانستان، ذاع صيته في الجزائر لقيامه بقتل رجال الجمارك وحرس الحدود خلال قيامه بعمليات تهريب عبر الحدود. "مختار بلمختار مهرب أكثر مما هو إرهابي"، يقول أنيس رحماني، متابعا: "لقد استغل جماعة الدعوة والقتال السلفية واليوم يستغل تنظيم القاعدة لتهريب البضائع باسم الإسلام ولكنه لا يسعى في الواقع إلا لكسب المال". ويؤكد الآن روديه من المركز الفرنسي للأبحاث الاستخبارتية بأن القاعدة "لا تستطيع التخلي عن خدمات بلمختار فهو من يزود التنظيم بالقسم الأكبر من احتياجاته من السيارات والأسلحة بسبب نشاطه كمهرب في المنطقة منذ العام 1995". ويسمى بلمختار ب"الأعور" بعد أن فقد عينه إثناء تعامله مع المتفجرات ويسمى أيضا "السيد مالبورو" كونه يشرف على عمليات تهريب السجائر والمخدرات والأسلحة... وقد أقام الرجل علاقات طيبة مع السكان المحليين الذين يوفرون له الحماية ويسهلون نشاطه في التهريب. ويعتقد أنيس رحماني بأن "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" نجح في التحالف مع الطوارق المعروف عنهم عدم إيمانهم بالسلفية "لكنهم يعيشون في مناطق بائسة ويغرهم المال والأمن" ويضيف رحماني "القاعدة يستعمل المرتزقة في عمليات التهريب والاختطاف لأن عناصره يتجنبون المدن حيث من السهل كشفهم". ويتحرك الأمير السابق ل"إمارة الصحراء" ويتصرف من تلقاء نفسه دون العودة في الكثير من الحالات إلى قيادة التنظيم. وقد كانت جماعة بلمختار الجهة التي اختطفت في نوفمبر/تشرين الثاني 2009 في موريتانيا عاملين إنسانيين اسبانيين أطلقت سراحهما في أغسطس/آب المرجح بعد حصولها على فدية.