توجُّهٌ جديد ذلك الذي تبصم عليه جماعة العدل والإحسان في الآونة الأخيرة، بتشديدها على الدعوة إلى حوار، مشروط بأن يكون "حقيقيا" و"بلا خطوط حمراء" و"لا إقصاء"، في إشارة إلى استعدادها لدخول غمار التشاور وإبداء الرأي في قضايا وطنية لا تزال عالقة داخليا وخارجيا. الخرجة الأخيرة للناطق الرسمي باسم الجماعة ونائب أمينها العام، فتح الله أرسلان، التي عزف فيها كما العادة على وتر "استبداد" المخزن وحكومة عبد الإله بنكيران، أعقبها خروج آخر لقيادي بارز آخير، هو عمر إحرشان، الذي انتقد اليوم بشدة ما أسماها "عزلة المغرب غير المسبوقة" على مستوى علاقاته بالخارج. إحرشان قال في تدوينة له على موقع "فيسبوك" إن المغرب لم يعش لحظة عزلة مثل التي يمر بها في الآونة الأخيرة، خاصة مع فرنسا، وإسبانيا "والصورة الأخيرة لرئيس الحكومة الإسبانية مع زعيم البوليزاريو مؤشر لا يخدم التسويق السياسي للسلطات الرسمية المغربية ورغبتها في الضغط على الجانب الفرنسي بالتقارب مع إسبانيا". ويضيف إحرشان أن العزلة شملت أيضا العلاقة مع الجارة الجزائر التي باتت "أكثر من متوترة"، ومع الجارة الجنوبية موريطانيا التي "تمر بأسوأ لحظاتها، وقد بدأت هذه الأخيرة في التموقع مع الجانب الجزائري ضد المغرب"، مشيرا أن العلاقة مع الاتحاد الإفريقي "رجعت إلى سابق عهدها" بعد احتجاج المغرب الأخير ضد قرار الاتحاد تعيين مبعوث إفريقي حول نزاع الصحراء. وعقب عضو الأمانة العامة ل"العدل والإحسان" على توتر المغرب مع الاتحاد الافريقي قائلا أنه "خير مثال على أن كل الخطوات الأخيرة للملك لم تؤت أكلها، سواء الاستثمارات أو الزيارات أو فتح المجال الجوي لضرب مالي أو جهود الوساطة لحل بعض النزاعات بين فرقاء الصراع في بعض الدول"، مضيفا أن البلد لم تحقق "أي اختراق إلى حد الآن لإفريقيا الأنكلوساكسونية، وخسارته المتواصلة لبعض مؤيديه التاريخيين من افريقيا الفرنكفونية". وتابع إحرشان بالقول إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وصفه ب"قائد الانقلاب"، فضّل زيارة الجزائر على المغرب، كما أن دول الخليج "لم تتقدم خطوة نحو المغرب وأغلب اهتمامها منصب على مصر"، مضيفا أن المغرب يوجد في وضع حرج تجاه المنظمات غير الحكومية الدولية "التي تتهمه بخرق حقوق الإنسان وممارسة التعذيب". ووصف القيادي الإسلامي داخل جماعة الراحل عبد السلام ياسين، وضع المغرب الخارجي بحالة من "العزلة والإخفاقات"، التي تستوجب، حسب إحرشان، اعتماد استراتيجية تقوية الجبهة الداخلية لمواجهة أي تحدي خارجي، و"إشراك المواطنين في القرارات التي تهمهم وإلى فتح حوار وطني حقيقي بدون خطوط حمراء وبدون إقصاء". وعاب إحرشان على الحكومة وزارة الخارجية عدم التحرك "للدفاع عن أنفسهم وتوضيح الحقائق فيما يخص هذه الاستراتيجية المفلسة"، مشيرا أنه "من السهل، في المقابل، إلصاق كل هذه الإخفاقات" بهما.