في التجاوب مع نداء السيد عبد الرحمان خيزران وجه السيد عبد الرحمان خيزران نداء لطيفا في موضوعه نبيلا في رسالته ومقصده حريصا على الخلق السامي الذي ساد ويسود بين المكونات الأساسية للعمل الإسلامي. وهو نداء لا يمكن لعاقل إلا أن يثمن رسالته ويستجيب لداعي مقصوده لما يرمي إليه من خلق التناصح، ولما يسعى إليه من محاولة لوضع ما يجري في مواقع التواصل الاجتماعي أو على أروقة بعض المنابر الإعلامية بين بعض الأشخاص بغض النظر عن مواقعم أو ألقابهم في الميزان الشرعي والمعيار الأخلاقي. السيد عبد الرحمان خيزران سهل علي ان اتعرف على انتمائه غير انني لم أتمكن من معرفة موقعه وما إن كان ضمن القواعد أم ضمن القيادات في الجماعة، لكن ليس مهما طالما أنه طرح فكرة قيادية في جوهرها رغم أن صيغتها ومسلكياتها تبقى أقرب إلى مسلكيات القواعد في التنكب عن قيم التجرد والموضوعية والاحتياط من السقوط في تزكية النفس في مقابل تعميم حالة فردية على قيادات وعلى حركة بكاملها فيمارس التقريع والتقديح في حقها في صورة نصح . ما يهمني في التجاوب بوصفي أحد المعنيين المباشرين بهذا النداء وباعتباري واحد ممن وجه إليه التقريع واللوم إلى الحد الذي تم إخراجي فيه من الدور الطلائعي واسقطني في منحدر وقاع لا يليق ب"القائد" ولا "الإسلامي" بل لا يليق بالإنسان المسلم المأمور شرعا بالحسَن من القول. لكل هذه الإعتبارات كان حريا بالناصح والغيور على الحسن من القول أن يكون في طليعة من يتمثلها وأن يراعي في ندائه آداب النصح وأخلاق التواصي بالحق وذلك بالقول اللين وتفادي التعميم أو لمز الهيئات والقيادات مادامت "لا تزر وزارة وزر أخرى" و"كل نفس بما كسبت رهينة". وما أبرئ نفسي ان النفس لأمارة بالسوء ما لم يدركه صاحب النداء فيما لامني فيه في واقعتين معزولتين وليس منهجا متبعا تترتب عنه كل تلك الأحكام القاسية وغير الثابتة "وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا من رحم ربي إن ربي غفور رحيم" هو مايلي : بخصوص الواقعة الأولى فالمعني بالأمر هو عضو القيادة الطلابية وهو ليس من القواعد على كل حال، وذنبي الوحيد معه هو أنني كتبت تعليقا بثثت فيه شكواي من تصريحاته التي كررت بشكل غير منصف تهم يساريي البام ولم تراع لا مقام ولا سياق الحدث وهو يتهمنا بالتصريح لا بالتلميح بالتمييز بين الشهداء ويخرج مناسبة أليمة من طابعها الخاشع إلى مناسبة لتقريع الضحايا ولم أستطع أن أكتم غيظي وألمي وبكلام لا يحمل أي أساء للشخص أو الجماعة ولم أكن أتصور ممن يتربون على أخلاق الآخرة أن يسقطوا في هذه الممارسة الممزوجة. ولك أن تراجع تدونتي لا أن تنطلق من صداها في الإعلام اللاهث عن الوقيعة بين الهيئتين أو في تفاعل هاته القواعد معها. أما المماحكة مع أحد الأشخاص الذي اكتشفت متأخرا أنه قد يكون من منتسبي الجماعة فأدعوك إلى الإطلاع على الحوار القصير على حسابه أو على حسابي فتنظر كيف بدا ومن بادر بالإستفزاز إلى حد إخراجي عن طوعي وهو ما اعتذرت عنه فورا وإليك الحوار في بداياته : "الأخ المهاجم" : حسبنا الله ونعم الوكيل في دولة المخزن وأزلامها الملتحين منهم وغير الملتحين"، امحمد الهلالي: ادا كنا ازلاما في عينك فنحن شرفاء لدى غالبة الشعب وهدا حسبنا وعند ربكم تختصم . "لأخ المهاجم" : بئس الشرفاء الذين اتخذوا أدوات تستعمل في قهر المستضعفين، منطق غريب مليون صوت تعتبر أغلبية و 30 مليون أقلية، أ بمنطق القذافي تفكرون. امحمد الهلالي: من نصبك الحديث باسم 30 مليون نحن تقدمنا امامهم برروس عارية وقدمنا من شارك ودهبتم عندهم في تطلبون الثورة قلن تنجحوا ومع دلك يبقى اجتهادكم عندنا محترم ونمسك السنتنا عن وصفكم لا بالبؤس ولا بالازلام. انتهى المقطع لا يخطئ الملاحظ أن صاحب النداء وهو يوجه نداءه كان ابعد ما يكون عن العدل بله ان يتعاملا بالفضل والإحسان، فهو من جهة رقى بعض القواعد التي لا تحمل في خصال العدل والإحسان سوى الرسوم وتقوم بعمل استفزازي ممنهج بولوجها المنتظم إلى حسابات من تعتبرهم خداما للمخزن وحراسا للمعبد وأزلاما للطغيان ولا أريد الاستمرار في تكرار هذا الإسفاف التربوي والأخلاقي بطريقة أقل ما يقال عنها أنها غير تربوية في وصف رموز وقيادات واجتهادات وأشخاص وذمم قيادات وليس أقرانا . أخي الفاضل لقد نوهت إلى أنك تتفادى التعميم لبعض الأحكام وأنت تخص بندائك قيادات من العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح لكنك حدت عن الموضوعية والحياد الذي يقتضيه خلق التناصح وموقع المنادي لطرفين ترى مسلكياتهما تستحق تدخل العقلاء، فكان حري بك أن تخص المعنيين بالأمر دون ان تعرض بالقيادات في جملتها والهيئات في اعتبارها، كما كان عليك أن لا تتغافل عما صدر عن قياداتك من تصريحات لا تقل في شناعتها عما أورته في ندائك وذلك حتى تكون أهلا لتكريس هذا الخلق بلا تحيز. فلا تزكو أنفسكم هو أعلم بمن اتقى اخي الكريم قد انطلقت من حالة فريدة تتعلق باشتباك فيسبوكي بين هذا العبد الضعيف لم تطلع لا عن حيثياتها ولا عن أسبابها ولا عن تداعياتها فصنفتني ضمن هذه القيادات التي تحيد بشكل ممنهج عن أدوارها الطلائعية، بل وعممت ذلك على قيادات للحركة والحزب بصيغة الجمع، وهو ما لم تكن فيه موفقا ولا موضوعيا ولا متبينا، وعمدت لكي تضفي على حجتك هاته، إلى استدعاء أخوين أخرين هما بولوز ويتيم ربما في موضوع آخر بفارق زمني بعيد، ولكن على ما يبدو أن صورة وضع قيادات في موضع تحميل المسؤولية هي التي اقتضت ذلك، وأن كان من سابع المستحيلات أن تجد في تعليقاتهما أو كتاباتهما ما يثبت مزاعمك خارج النقد الموضوعي للأفكار والتقديرات مع احترام الهيئات والأشحاص والذمم المصانة عندنا. غير أن ما يدهش، هو تغافلك عن تصريحات رسمية صدرت عن قيادات ورموز وازنة من مواقع تنظيمية سامية في هرم الجماعة، داخل نفس الحيز الزمني لحصول تلكم الإشتباكات الفايسبوكية، وذلك ردا على قضية لم تكن الجماعة معنية بها لا من قريب ولا من بعيد، لا تلميحا ولا تصريحا، وتتعلق بقضية "العنوسة السياسية" ومع ذلك نأيت بهذه القيادات عن موضوع ندائك بل ورفعتها إلى مستوى التعفف والتسامي وزكيتها بقولك أنها لم تنخرط في "هذا النقاش العقيم" وبرأتها من "الانجرار نحو جدال المخالف والوقوف معه عند كل صغيرة وكبيرة" واضفت في نهجك غير المنصف انك "تلمح تعففا بينا ونئيا واضحا بالنفس عن الخوض مع الخائضين" . ولعمرى أن ما سقطت فيه لا يخرج عن آفة تزكية النفس في مخالفة صريحة لصريح القرآن وتنكبتا عن جليل الخصال التي تحملها الجماعة وهي العدل والإنصاف والتجرد يقول الله تعالى :" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى" ويقول في موضع آخر "يا ايها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون" . إذا كان تصريح "الدعارة السياسة" الذي صدر عن رمز من رموز من سميتهم بالقيادة التربوية والسياسية نوعا من التعفف والناي بالنفس عن الخوض مع الخائضين وإذا كان في نظرك هذا الوصف اتقى وأنقى وارقى من "مزبلة التاريخ" وهي كلمة قبيحة لم تمنع حالة الغضب والإستفزاز التي دفعت إليها من الإعتذار العلني والخاص عنها، وإذا كان ما صدر من تصريح لقيادات عليا تعليقا على نفس القضية دون تبين ولا إلتماس لعذر واحد من السبعين المندوب إليها، لا يندرج ضمن ما أسميته "عدم الإنجرار نحو جدال المخالف"، وإذا كان ما فاه به فنان الجماعة من قبيح الكلام في حق قيادات الحركة ومسؤوليها من أوصاف رديئة يتعفف الضمير عن مجرد تخيلها، إذا كان ذلك كله لا يستحق منك مجرد أن توجه نداءك إلى المتكافئيتن لكي تعيب عنهم هذا المسلك وتلومهم عن هذه السلوك وتناديهم بالرجوع إلى الجادة على قدم المساواة، فلعمري أنك لم تقم سوى بمواصلة "جهاد" قواعدكم في التربص بقيادات التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية وتقصف تجربتيهما بتحيز واضح بعيدا عن اي مسعى للنصح أو مسلك للترشيد. أخي الكريم ما ينبغي أن تعرفه إذا لم يكن قد وصلك من قنواته أن مستوى العلاقة بين الحركة والجماعة في مستوى من النضج ما يشكل مفخرة لإسلاميي المغرب بوصفه يكرس نموذجا فريدا وغير مسبوق في عالمنا العربي والإسلامي رغم كل ما بينهما من الإختلاف في التقدير والطرح . وهو نموذج لا ندعي أنه كان منذ البداية، بل جاء بعد مد وجزر وبعد تواصل وتعارف ونقاش وتعايش وعمل مشترك عبر سنين، وان كلا الهيئتين تحرص ليس على استمراره وحسب، بل وعلى تنميته وترقيته إلى افضل ما ينبغي ان تكون عليه علاقة الولاء بين المؤمنين وما ينبغي أن تكون عليها الأخوة بين المتآخين. والخشية على هذا النموذج لا تأتي من انفعالات وتفاعلات تتم على الفيسبوك بين أشخاص بصفاتهم الشخصية وبمشاعرهم الادمية بعيدا عن ألقابهم ومناصبهم، بل الخشية كل الخشية عليه أشد من مثل هذه النداءات المتحيزة الظالمة الممعنة في التشهير بقيادات الاخر بدون موجب وتنزيه الذات وتزكيتها بلا مسوغ في هذا الموضوع. أخي الكريم حاشى قيادات التوحيد والإصلاح أن تسقط في معشار ما رميتها به وهي في كل الأحوال على أتم الإستعداد للرجوع عن كل ما يثبت ويصح مما يخالف هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم في واجبات الأخوة، ما عدا إذا كنت ترتب على نقاش الرأي وتقييم التقديرات والإجتهادات هذه الأحكام وهذه النعوت التي أوردتها في ندائك. أخي الكريم ما لم تنتبه إليه هو أن هنالك تهجما ممنهجا ومتواصلا ومستمرا يتم بطريقة يبدو أنها مدروسة وبكامل الإصرار والترصد من مجموعات من المنتسبين أو مدعي الانتساب إلى الجماعة، ممن يتقصدون استفزاز قيادات بعينها في الحركة والحزب لدفعها تحت سطوة الاستفزاز إلى التفوه بمثل تلكم العبارات القدحية، وكان عليك وأنت تواصل عملك في تزكية نياتهم والله هو حسيبهم في نهاية المطاف ان تمارس دورك الطلائعي في التوجيه والنصح وأن تطالبهم بالنئي الفعلي عن ما ينافي خصال الجماعة وتربيتها الأصلية، لا أن تكيل لهذه القواعد المديح مرة وتأخذ لهم الأعذار في أخرى، في ذات الوقت الذي تمارس تقريعك وتسفيهك ولومك لقيادات الطرف الآخر، لأن هذا قد يسقطك من حيث لا تدري في التعصب والحزبية المنهي عنهما . لا أحتاج إلى دليل لتقديم حسن السيرة والسلوك لكم اخي الكريم أو لأنفي عني أي محاولة للإساءة إلى جماعة العدل والإحسان وأجهزتها وقياداتها ورموزها واجتهاداتها التي عندي محل تقدير واحترام، رغم اختلافي الواضح مع المنهج والمشروع والمسلكيات، وأزعم أن أنك لن تجد لا بالتلميح ولا بالتصريح ما يناقض هذه القناعة، على الأقل وأنا أتحمل المسؤولية القيادية التي اتهمها النداء وجعلها مع بعض القواعد المستفزة من الجماعة في مرتبة واحدة سواء بسواء. ودون أي تردد وبصرف النظر عن التحيز واللاموضوعية ومحاولة تحميل المسؤولية إلى قيادات الحركة وضعها في مستوى قواعد الجماعة، وهو محاولة للتنقيص لا يخف عنك، في مقابل إظهار قيادات الجماعة في مواقع التعفف والسمو والحكمة والرزانة. بصرف النظر عن ذلك كله لا أجد اي غضاضة في الاستجابة لهذا النداء لأنه المنهج والدين والخلق حتى إن غالبنا ضعفنا الإنساني وهزمنا الشيطان في من جولات الضعف أو الغفلة لكن يستحيل أن تأخذنا العزة بالإثم لأنه الدين . أخي الكريم مهما كان رأيكم في شخصي المتواضع، فما ينبغي أن تعرفه هو أن تقديري للجماعة وأجهزتها ورموزها لا يعدله إلا استعدادي للدفاع عن قناعاتي وأفكاري بما فيها منهج الحركة وتجربتها التربوية والسياسية والفكرية والمنهجية ولا يضاهيه سوى حرصي على وحدة الصف بين العاملين والتي هي فرع عن قيمة الوحدة في الأمة، وهي دين ندين به وليس مجرد سياسة ننتهجها، ولا ننكر اننا نسقط بحكم بشريتنا أو بغير قصد أو تعمد في ما يخدش هذه القيمة، لكنك لن تجدنا مبادرين ولا قاصدين إلى تجريح او انتقاص او اتهام لنيات أو مساس بأعراض، بل مسلكنا هو غض الطرف عما يلحقنا من أدى في حدود مستطاعنا طامعين في عفوه تعالى ومغفرته كلما قصرنا في ذلك أو تعدينا. لكن وبكل صدق فإني اطمع أن تضاعف قيادة الجماعة التربوية والسياسية من أدوارها الطلائعية اتجاه منتسبي الجماعة ومتعاطفيها للنظر في تهجماتهم الممنهجة في حق الحركة وهيئاتها وقياداتها ورموزها وأن لا تدخر اي جهد في النصح والتقويم والمناقشة العلمية والموضوعية للإجتهادات الحركة فهذا مقتضى النصيحة التي "لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها". اخي الكريم أرجو أيضا أن لا تجمع الحركة والحزب في صف واحد وفي موقف واحد لان الحركة وهي لا تتحمل وزر تصرفات أعضائها وقياداتها عندما تصدر بشكل شخصي، من باب أولى أن لا تتحمل اي مسؤولية عن قيادات في حزب اختارت من الوهلة الأولى ان تتمايز عن هيئاته ورموزه وخطابه وقد لا تكون حتى على إطلاع عما يصدر عنه. كما أرجو ايضا ان لا تحمل ألقابا ومسؤوليات ما يصدر عن الأشخاص المتحملين لتلك المسؤوليات عندما يضعونها جانبا ويتصرفوا كبشر في فضاءات بعيدة عما هو رسمي.